دعا عدد من الجمعويين إلى إنقاذ تراث منطقة احمر ووقف نزيف اندثاره، وناشدوا الجهات المختصة المسارعةَ إلى التدخل لترميم ما يمكن ترميمه، وأرشفة ما يحتاج إلى أرشفة لحفظ الذاكرة.. جاء ذلك في سياق ندوة نظمتها جمعية موظفات وموظفي مديرية وزارة التربية الوطنية باليوسفية، مؤخرا، بمركز «اليوسفية سكيلز».
وفي هذا السياق أشار أحد المتدخلين إلى «أن الاهتمام بالتراث يأتي في إطار الإخلاص والوفاء لروح الإنسان العربي الذي تربطه بتراثه علاقة عضوية ، لا يمكن معها فصله عنه، لأنه جزء لا يتجزأ من هويته، بشكل يعدو معه كل فصل بينهما حكما نافذا بالموت على ذات عربية لا تعرف معنى للحياة بعيدا عن تراثها». واستدل المتدخل بما قاله الكاتب فرديريك معتوق في كتابه «سوسيولوجيا التراث»: «من الممكن أن نبترَ الإنسانَ الإفريقي أو الأسيوي عن تراثه من دون أن يموت حضاريا، أما الإنسان العربي، إن قطعته عن تراثه، تكون قد حكمت عليه بالموت».
وبعد قراءة تاريخية لعلاقة العربي بتراثه منذ العصر الجاهلي إلى العصر الحديث، خلص المتدخل إلى «أن التراث المادي واللامادي هو عامل صَدٍّ قوي في مواجهة العولمة، وعنصر أساسي يستمد منه الإنسان قوته للانطلاق نحو المستقبل الذي لا يمكن التصدي لتحدياته بذاكرة ممسوحة».
وختم المتدخل مداخلته باستعراض مظاهر التراث اللامادي بمنطقة أحمر» التي تستمد وجودها من عبق التاريخ، ومن تجذر الانتماء إلى شبه الجزيرة العربية»، داعيا إلى» وجوب المحافظة على هذا التراث وصونه وإعادة إحيائه».
من جهته استعرض المتدخل الثاني، الأستاذ مصطفى حمزة، تاريخ منطقة أحمر الثري، مشيرا إلى «توفر المنطقة على آثار تاريخية متعددة ومتنوعة، من بينها معصرة السكر بزاوية بلمقدم التي أنشئت في عهد الدولة السعدية، ورباط شاكر بجماعة سيدي شيكر الذي يعود إلى سنة 62 هجرية، ويعد الآن قبلة للمتصوفة من مختلف أرجاء المعمور، ومعلمة تاريخية وحضارية وثقافية، إلى جانب جبل إيغود
الذي اكتشفت به مؤخرا جمجمة أقدم إنسان في العالَم بعمر يصل إلى 315 ألف سنة».
و»من الآثار المادية التي تزخر بها المنطقة، يقول المتدخل، سد على وادي المالح الذي يعد من روافد وادي تانسيفت، يعود إلى فترة السعديين، ووظيفته كانت تكمن في إمداد معصرة السكر بالماء عبر سقاية امتدت على مسافة تقدر باثنين وعشرين كيلومترا، مما يدل على عبقرية مهندسها الذي استطاع أن يخط لها مسارا دقيقا بين الجبال والمرتفعات والمنخفضات لتصل إلى المعصرة».
وختم المتدخل هذا السفر في معالم منطقة احمر بالوقوف مليا عند «مدرسة الأمراء» بالشماعية التي أنشأها السلطان محمد بن عبد الله في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وشكلت، إلى حدود وفاة السلطان الحسن الأول، أهم الروافد التي كانت تمد المخزن المغربي آنذاك بموارد بشرية مهمة (خلفاء ـ وزراء ـ قواد ـ قضاة)، مشيرا إلى تحولها الآن إلى بناية خربة مهجورة بعد أن تعرضت للنهب والسطو، وتهدمت الكثير من معالمها.
بدوره دعا مسير الندوة، الأستاذ عبد الكبير البانة، وهو يتلو توصيات اللقاء، الجهات المعنية، إلى «حفظ الذاكرة الحمرية، ورد الاعتبار لتراثها المتعدد والمتنوع»، قبل أن يعطي الكلمة للمتدخلين الذين اتفقت تدخلاتهم وأجمعت على وجوب العناية بهذا التراث، وأظهرت التأسف على ما يعيشه الآن من قلة الاهتمام التي تصل أحيانا إلى الإهمال.
وإلى جانب هذه الندوة، صدح الشعر الفصيح والزجل، وأثث المنصة الشعراء إدريس بلعطار ـ عبد الكريم اليانوس ـ سعيد العساسي، الذين صبت قصائدهم في الاتجاه ذاته، كما تخللت النشاط وصلة موسيقية لفرقة مكونة من الفنانين عبد الله المنقوشي، سعيد بن زابير والتهامي الطايب.
في ندوة نظمت باليوسفية: «من أجل إنقاذ التراث المادي واللامادي لمنطقة احمر»
![](https://alittihad.info/wp-content/uploads/2019/05/اليوسفية.jpg)
الكاتب : نورالدين الطويليع
بتاريخ : 06/05/2019