أكد الدكتور محمد زين الدين أن التوافق السياسي بين الأحزاب المغربية وتغليبها المصلحة العامة سمحا باعتماد القوانين التنظيمية الجديدة الأربعة 04.21، 05.21، 06.21 و 07.21 خلال المشاورات التي أشرفت عليها وزارة الداخلية، مبرزا أن بلادنا مقبلة على استحقاقات انتخابية بالغة الأهمية، تنطلق فصولها بالغرف المهنية فالانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية في يوم واحد، ثم مجالس العمالات والأقاليم وأخيرا انتخابات أعضاء مجلس المستشارين. وشدّد أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء على أن الانتخابات المقبلة تميزها عدد من الرهانات وتأتي في سياقات خاصة، يتمثل أولاها في كونها ستنظم بعد الحديث عن النموذج التنموي الجديد وضرورة تجديد النخب المحلية والجهوية والوطنية القادرة على فهم واستيعاب التنزيل الأمثل له، ويتجسد ثانيها في محاولة تجاوز التداعيات الاجتماعية والاقتصادية التي خلّفتها الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد 19، مؤكدا في هذا الصدد أن المغرب أصرّ على احترام مبدأ دستوري دولي يتعلق بانتظامية ودورية العملية الانتخابية خلافا لدول أخرى التي قررت تأجيل استحقاقاتها الانتخابية بسبب الجائحة. وأبرز أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن ثالث الرهانات يكمن في اختيار يوم واحد لإجراء 3 أنماط من الاقتراع، برلماني، جهوي وجماعي، للحفاظ على سلامة الناخبين علما بأن هذه الخطوة ستمكّن كذلك من عقلنة مصاريف الانتخابات، ثم السياق الرابع المرتبط بالتطورات المتلاحقة التي يعرفها موضوع الوحدة الترابية، مما يتطلب تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية وعلى رأسها مصالحة الناخب المغربي مع صناديق الاقتراع، وضمان الدولة لصدقية العملية الانتخابية من خلال جملة الإجراءات التي تضمنتها القوانين الأربعة، حيث أكد المتحدث أن بلادنا تعزز منظومة قانونية متجددة على مختلفة الأصعدة.
وشدد الخبير الدستوري، الذي حلّ ضيفا مساء الجمعة على المركز الوطني للدراسات القانونية لتأطير ندوة عن بعد تحت عنوان «مستجدات القوانين الانتخابية بالمغرب»، نظّمتها وحدة القانون الإداري وعلم الإدارة بالمركز، على أن العملية الانتخابية ليست تقنية فحسب بل هي عملية سياسية لها تأثيراتها كما يؤكد على ذلك مجموعة من الفقهاء الدستوريين، متوقفا عند عدد من المستجدات التي تساءل إن كانت تندرج ضمن خانة توسيع إجراءات متعلقة بالعملية الانتحابية أم أن الأمر سيتجاوز ذلك إلى العقلنة، كما هو الشأن بالنسبة لحالة التنافي التي تم التنصيص عليها بين عضوية مجلس النواب ورئاسة الجماعات، أم أن الأمر يتعداه إلى مفهوم الضبط الانتخابي. وأكد الدكتور زين الدين أن القوانين الأربعة سعت إلى تجاوز اختلالات ونقائص اعترت الانتخابات السابقة، يما يمكّن من ضمان صدقية ونزاهة وانتظامية العملية الانتخابية، مشددا على أنها لا تتوقف عند هذا الحدّ بل تمتد إلى ضمان حرية الناخب من جهة وسلامة العملية الانتخابية برمتها من جهة ثانية.
واستعرض الدكتور زين الدين خلال مداخلته مجموعة من النقاط التي تحظى باهتمام الفاعلين السياسيين والأكاديميين، ومن بينها النقاط السبع الخلافية التي طفت على سطح النقاش بين الأحزاب السياسية خلال المشاورات التي عرفها مسار القوانين التنظيمية الأربعة، وإشكالية الثقة بين الناخب المغربي والفاعل السياسي، وسبل تطوير المنظومة الانتخابية للجماعات الترابية، ثم الشق المرتبط بالاقتراع الأحادي الاسمي وبالتمثيل النسبي، ورهان الرفع من حجم المشاركة السياسية، فالنقطة المتعلقة بالعدالة الانتقالية وارتباطها بالاستقرار السياسي، فضلا عن المستجدات المتعلقة بالتمثيلية النسائية وإلغاء اللائحة الوطنية وتعويضها بلوائح جهوية، مشيرا إلى أنها ستسمح بتمثيلية للنساء ستتراوح ما بين 17 و 21 في المئة وقد تصل إلى حدود 25 في المئة، علما بأن النسبة المنشودة كحدّ أدنى هي 30 نسبة الثلث، وغيرها من الملاحظات والقراءات الأخرى.
وجدير بالذكر أن هذا اللقاء عرف مشاركة كل من الأستاذين عزالدين الماحي، قاض ملحق برئاسة النيابة العامة ودكتور في الحقوق، إلى جانب عبد الحق ذهبي، قاض ملحق برئاسة النيابة العامة، دكتور في الحقوق ورئيس تحرير مجلة محاكمة، وساهما معا من خلال مجموعة من الأسئلة التي حاورا من خلالها ضيف المركز ومؤطر اللقاء الدكتور زين الدين في إغناء النقاش وتوسيع دائرته من أجل إحاطة أكبر بهذا الموضوع، الذي يعتبر الخوض في تفاصيله حدثا راهنيا يحظى بالكثير من الاهتمام، خاصة من الزاوية الأكاديمية.