قال إنه يريد شراء وامتلاك قطاع غزة: مقترح جديد لترامب يثير المزيد من الجدل وقمة عربية استثنائية في القاهرة

أثار تصريح جديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول «شراء وامتلاك» قطاع غزة موجة جديدة من الجدل والاستنكار الدولي. حيث أعلن ترامب يوم الأحد 9 فبراير 2025 أثناء وجوده على متن الطائرة الرئاسية التزامه بـ»شراء وامتلاك» قطاع غزة. وأشار إلى أن الولايات المتحدة قد تسمح لدول أخرى في الشرق الأوسط بالمشاركة في إعادة إعمار القطاع تحت إشرافها. وأضاف: «لا يوجد شيء (في غزة) للعودة إليه. المكان عبارة عن موقع هدم. سيتم هدم الباقي. سيتم هدم كل شيء». كما أبدى انفتاحه على إمكانية السماح لبعض اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة، مع النظر في مثل هذه الطلبات.
وقد قوبلت اقتراحات ترامب المختلفة والتي تتمحور كلها حول تهجير سكان غزة، ونقلهم إلى أماكن أخرى، بإدانة دولية واسعة. حيث وصف المستشار الألماني أولاف شولتس الخطة بأنها «فضيحة» ومخالفة للقانون الدولي، مشيرا إلى أن «نقل السكان غير مقبول».
وأوضح شولتس في مناظرة تلفزيونية مع خصمه المحافظ فريدريش ميرتس تمهيدا للانتخابات التشريعية الألمانية المقررة في 23 فبراير أن «نقل سكان غير مقبول ومخالف للقانون الدولي».
كما أعربت دول عربية وإسلامية عن غضبها من هذه المقترحات، مؤكدة على ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطيني وعدم المساس بها.
وكانت مصر أعلنت أنها لن تسمح بترحيل الفلسطينيين إلى أراضيها. وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن زيارة إلى واشنطن لإجراء محادثات مع كبار المسؤولين في إدارة ترامب. كما أعلنت القاهرة عن استضافة قمة عربية طارئة في 27 فبراير 2025 لمناقشة تداعيات هذه التطورات الخطيرة.
وتأتي «القمة العربية الطارئة» في وقت تحشد مصر الدعم الإقليمي ضد مقترح ترامب لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن مع إشراف واشنطن على القطاع.
وقال بيان الأحد إن الدعوة إلى الاجتماع تأتي «بعد التشاور والتنسيق من جانب مصر وعلى أعلى المستويات مع الدول العربية الشقيقة خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك دولة فلسطين التي طلبت عقد القمة، وذلك لتناول التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية».
وبالإضافة إلى مقترحات ترامب، جاء تصريح نتنياهو بإقامة دولة فلسطينية في المملكة العربية السعودية، ليثير المزيد من ردود الفعل المستنكرة.
وفي هذا الإطار، أكدت المملكة العربية السعودية رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات، مشددة على أن حق الفلسطينيين في أراضيهم غير قابل للمساومة.
وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان «تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرضون له من تطهير عرقي».
وأضافت أن «هذه العقلية المتطرفة المحتلة لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين الشقيق وارتباطه الوجداني والتاريخي والقانوني بهذه الأرض، ولا تنظر إلى أن الشعب الفلسطيني يستحق الحياة أساسا».
وأكدت أن «الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم».
وتابعت «تؤكد المملكة أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخا، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن»، مشيرة إلى أن «السلام الدائم لن يتحقق إلا…بالقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين».
كما أكدت جامعة الدول العربية أن هذه المقترحات مرفوضة. واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط تصريحات نتانياهو عن إقامة دولة فلسطينية في السعودية «انفصالا تاما عن الواقع»، مشيرا إلى أنها «أوهام لا وجود لها إلا بأذهان من ينطقون بها».
وأدانت مصر بـ»بأشد العبارات التصريحات غير المسؤولة والمرفوضة جملة وتفصيلا « وأكدت أنها «ترفض بشكل كامل هذه التصريحات المتهورة والتي تمس بأمن المملكة العربية السعودية وسيادتها»، مؤكدة أن «أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة واحترام سيادتها هو خط أحمر لن تسمح مصر بالمساس به، ويعد استقرارها وأمنها القومي من صميم أمن واستقرار مصر والدول العربية ولا تهاون فيه».
بدورها، أعربت الإمارات عن «إدانتها واستنكارها الشديدين للتصريحات غير المقبولة والمستفزة» لنتانياهو و»رفضها القاطع لهذه التصريحات التي تعتبر تعديا سافرا على قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».
وأعلنت قطر «تضامنها التام» مع السعودية إثر التصريحات الإسرائيلية، فيما أعلنت البحرين «الوقوف إلى جانب أمن واستقرار وسيادة» السعودية.
وندد الأردن ب»الدعوات العدوانية لإقامة (دولة فلسطينية) على أراضي المملكة العربية السعودية، باعتبارها دعوات تحريضية مدانة».
وترى بعض الأوساط في الولايات المتحدة الأمريكية أن هذا المقترحات تأتي في إطار استراتيجية أوسع للضغط على الأطراف الإقليمية لقبول حلول غير تقليدية، إلا أن ردود الفعل القوية تشير إلى أن احتمالات نجاحها تبدو ضعيفة.
على الصعيد الميداني، انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من مفترق نتساريم على طريق صلاح الدين، في غزة، مما سمح للمركبات بالتحرك بحرية أكبر بين شمال وجنوب القطاع. ومع ذلك، لا تزال الأوضاع الإنسانية في غزة كارثية، حيث تعرضت البنية التحتية لدمار واسع، وأفاد السكان العائدون إلى منازلهم بأنهم وجدوا أنقاضا بدلا من بيوتهم.
واصطفت سيارات وشاحنات صغيرة وعربات على طول طريق صلاح الدين الأحد بعدما سحبت إسرائيل قواتها من مفترق نتساريم الاستراتيجي الفاصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه.
وكانت حركة السير شديدة البطء على طول الطريق التي تراكمت على جانبيها جبال من الأتربة نقلتها جرافات إسرائيلية غادرت إلى الجزء الشرقي من ممر نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
وأعيد فتح ممر نتساريم وطريق صلاح الدين بشكل كامل الأحد، بعد الانسحاب الإسرائيلي في أعقاب إتمام عملية تبادل خامسة للرهائن والمعتقلين السبت كجزء من اتفاق الهدنة.
ومن بين المركبات التي كانت تشق طريقها على المسلك الترابي، شاحنات تنقل أمتعة منزلية وبطانيات وسجادا وأثاثا.
وتمكن العديد من الفلسطينيين من التنقل في المنطقة بعد طول انتظار، وعادوا إلى منازلهم ليجدوها مدمرة جراء المعارك.
وكان حجم الدمار واضحا في شارع الشهداء، الذي يمر أيضا عبر ممر نتساريم حيث تحولت عشرات المنازل وبعض المباني الجامعية إلى أنقاض. وفي بعض الأماكن، تعرضت الطريق نفسها لأضرار أثناء القتال، مع ظهور حفر كبيرة. وبدأ العمال بإصلاح جزء منها.


بتاريخ : 11/02/2025