عممت إدارة المهرجان الوطني التاسع عشر للفيلم بلاغا صحافيا يتحدث عن احتفاء مهرجان طنجة من 9 إلى 17 مارس الجاري بالذكرى الستين للسينما المغربية . وذكر البلاغ أنه «في هذا الإطار، يحتفي المركز السينمائي المغربي بهذه المناسبة» عبر تنظيم عدة أنشطة(عددها ثلاثة فقط)وهي:استعادة الأفلام المغربية (14 عنوانا) وبانوراما الفيلم المغربي (5عناوين) وتكريم أربعة أسماء (مخرج وممثلة وإطارين من أطر المركز المذكور).
فيما يتعلق بفقرة «استعادة الأفلام المغربية» أشار البلاغ المذكور إلى أن الهدف منها هو «استحضار مختلف المراحل التي عرفتها السينما المغربية وذلك بعرض أعمال تعتبر اليوم من «كلاسيكيات السينما المغربية». وهذه الأعمال هي: «شمس الربيع» (1969) للطيف لحلو، «وشمة» (1970) لحميد بناني، «الشركي أو الصمت العنيف» (1975) لمومن السميحي، «ساعي البريد» (1980) لحكيم نوري، «السراب» (1980) للراحل أحمد البوعناني، «أمينة» (1980) لمحمد التازي بن عبد الواحد، «حلاق درب الفقراء»(1982) للراحل محمد ركاب (وهو ليس من إنتاج 1980 كما ورد خطأ في البلاغ)، «الجمرة» (1982) لفريدة بورقية، «حادة» (1984) لمحمد أبو الوقار، «عنوان مؤقت»(1984) لمصطفى الدرقاوي، «بادس»(1988) لمحمد عبد الرحمان التازي، «حب في الدار البيضاء» (1991) لعلد القادر لقطع، «ياقوت»(2000) لجمال بلمجدوب، «العيون الجافة» (2003) لنرجس النجار.
وبمناسبة اقتراح المركز السينمائي المغربي لهذه الأفلام دون غيرها نتساءل:على أي أساس تم اختيار أفلام «ساعي البريد» و«أمينة» و«الجمرة» و«ياقوت» دون غيرها؟ أليست هناك أفلام أخرى أجدر بالإختيار، من قبيل «أليام أليام» (1978) أو «الحال»(1981) لأحمد المعنوني و«باب السماء مفتوح» (1988) لفريدة بنليزيد و«شاطىء الأطفال الضائعين» (1991) لجيلالي فرحاتي و«في بيت أبي» (1997) لفاطمة الجبلي الوزاني و«نساء ونساء» (1998)لسعد الشرايبي و«علي زاوا» (1999) لتبيل عيوش و«علي، ربيعة والآخرون» (2000)لأحمد بولان و«ألف شهر»(2003) لفوزي بن السعيدي و«الراقد»(2004) لياسمين قصاري و«الرحلة الكبرى»(2004) لإسماعيل فروخي و«فوق الدارالبيضاء الملائكة لا تحلق»(2004) لمحمد عسلي و«في انتظار بازوليني»(2007) لداوود أولاد السيد…؟ ألم يكن من اللائق مثلا الإكتفاء بالأفلام الفائزة بالجائزة الكبرى للمهرجان في دوراته السابقة من 1982 إلى 2017؟
على أي حال لم يكن اختيار كل الأفلام المدرجة في فقرة «استعادة»موفقا، وذلك لأن معيار اختيارها لم يكن واضحا ومحددا.
وفيما يتعلق بفقرة «بانوراما» نلاحظ ألا علاقة لها بالإحتفاء بالذكرى 60 للسينما المغربية، وذلك لأن أفلامها الخمسة جديدة وقاسمها المشترك هو أن لجنة انتقاء الأفلام المشاركة في مسابقة الفيلم الطويل لم تقبلها.
من المفروض إذن عرض هذه الأفلام إلى جانب أفلام المسابقة الرسمية ليقف الجمهور المتتبع للمهرجان على أسباب رفضها ويقارن مستواها بمستوى الأفلام المتبارية على جوائز الدورة 19 للمهرجان.
شاهدت من هذه الأفلام إثنان هما «بيل أو فاص» لحميد زيان و«الباب السابع» لعلي الصافي، وهذا الفيلم الوثائقي الأخير أعتبره تكريما سينمائيا جميلا للمبدع الكبير الراحل أحمد البوعناني. أما الأفلام الثلاثة الأخرى فهي: «المسرح الرحال» لحسن بنجلون و«شكرا ميمونة» لحميد هكو و«أنعاق» لمحمد بوزيان وقاسم أشهبون، هذا مع العلم أن هناك فيلما آخر رفضته لجنة الإنتقاء ولم يدرج في هذه البانوراما، يتعلق الأمر بفيلم «ما تفاهمناش» من إخراج أيوب العياسي .
أما فقرة التكريم فقد اختار المركز السينمائي المغربي لتأثيثها أربعة أسماء هي: المخرج الأمازيغي محمد أومولود العبازي والممثلة القديرة فاطمة وشاي والتقني جواد بو عبد السلام ورئيس القسم التقني سابقا محمد الصابري (وهما موظفان بالمركز المذكور أحيلا على المعاش سنة 2017) .
وانسجاما مع الإحتفاء بستينية السينما المغربية كان من المفروض تسليط بعض الأضواء على رواد سينمائيين آخرين لفهم النسيان من قبيل محمد بن عبد الواحد التازي (أحد مخرجي أول فيلم روائي مغربي طويل «الحياة كفاح» سنة 1968 إلى جانب الراحل أحمد المسناوي) وعبد العزيز الرمضاني (أحد مخرجي فيلم «عندما تنضج الثمار» سنة 1968 إلى جانب العربي بناني الذي تم تكريمه في إحدى دورات المهرجان الأخيرة) …
يبدو من الملاحظات والتساؤلات السابقة أن الإعداد للإحتفاء بستينية السينما المغربية، في إطار الدورة 19 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، طغى عليه الإرتجال، ولم تكن الصورة واضحة أمام المنظمين، وذلك لأن التأريخ لبداية السينما المغربية بسنة 1958، وهي السنة التي عرض فيها فيلم «الإبن العاق» للراحل محمد عصفور، أمر قابل للنقاش. فهذا الفيلم لا يمكن اعتباره فيلما طويلا، لأن مدته حسب وثائق المركز السينمائي المغربي الكتابية المنشورة لا تتجاوز 50 دقيقة، وهو فيلم بدائي وساذج، قيمته تاريخية فحسب لأن مخرجه كان له سبق على غيره. هناك أفلام أخرى ينبغي نفض الغبار عليها من قبيل أفلام رائد الدبلجة بالمغرب الراحل إبراهيم السايح الوثائقية وهي: «محمد الخامس» (1955)، «طريق الحرية» (1956)، «الأمم الإسلامية المستقلة» (1956)، وهي أفلام مونطاج لا أعتقد أن خزانة المركز السينمائي المغربي تتوفرعلى نسخ منها، وبعض الأفلام القصيرة التي يرجع تاريخ إنجازها إلى المرحلة الكولونيالية.
أقترح على المخرجة نرجس النجار، المديرة الجديدة للخزانة السينمائية المغربية بالرباط، أن تفتح ورشا في هذا الموضوع للإجابة عن السؤال التالي: متى بالضبط انطلقت تجربتنا السينمائية في إنتاج الأفلام، بغض النظر عن طول هذه الأفلام أو قصرها؟ هل تجربتنا السينمائية عمرها 60 سنة فقط أم أكثر من ذلك بكثير ؟
قبيل انطلاق الدورة التاسعة عشرة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة أفلام وأفلام … هل تجربتنا السينمائية عمرها 60 سنة فقط ؟
الكاتب : أحمد سيجلماسي
بتاريخ : 08/03/2018