قررت «التنسيقية الوطنية لقدماء العسكريين والمحاربين غير المستفيدين من الدولة» تعليق أشكالها ووقفاتها الاحتجاجية إلى غاية 28 شتنبر 2017، وذلك على خلفية لقاء تم، بمقر مديرية الحسن الثاني لقدماء العسكريين بالرباط، بين مكتب هذه التنسيقية وضباط سامين يمثلون المؤسسة العسكرية، أفضى إلى اتفاقيات تم بموجبها منح المؤسسة العسكرية فرصة أو مهلة كافية لدراسة مطالب التنسيقية بكل حيثياتها.
وبينما أبرزت، في بلاغ لها، أن قرار «الاستراحة» جاء من باب أخلاقيات مبادئ الحوار المتوج بحسن النوايا، مع التزامها بكل ما تم الاتفاق عليه مقابل احتفاظها بحق التظاهر السلمي إلى حين تحقيق المطالب العادلة والمشروعة لمنتسبيها الذين يعانون الإقصاء والتهميش والحيف، جددت التنسيقية ما يفيد ضمها ل «شريحة عسكرية» ضحت بالغالي والنفيس من أجل وحدة الوطن لتجد نفسها «محكورة» من دون معاش ولا تغطية صحية أو تعويض عن عشرات السنين التي قضتها في صفوف القوات المسلحة الملكية.
وفات ل «التنسيقية الوطنية لقدماء العسكريين والمحاربين غير المستفيدين من الدولة» أن نظمت سلسلة من المسيرات والوقفات الاحتجاجية أمام عدة مؤسسات معنية، منها مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية، قبة البرلمان، مكتب الأميرة للا مريم وهيئة الأركان بالرباط، وانتهى بعضها بتدخلات أمنية عنيفة غير مقبولة، وتؤكد التنسيقية في كل مرة أن نضالاتها السلمية هدفها المطالبة بالحقوق المادية والمعنوية لمنتسبيها، وتفعيل قانون 34.97 المتعلق بقدماء المحاربين والعسكريين، مع فتح ما يلزم من التحقيقات الجديد في شأن وضعية الجنود المطرودين تعسفا من المؤسسة العسكرية دون موجب حق، حسب المعنيين بالأمر الذين يشددون على ضرورة تسوية وضعيتهم الإدارية وتعويضهم عن الضرر الناجم عن عملية الطرد التعسفي التي زجت بمصيرهم في التشرد والضياع.
وصلة بذات الموضوع، أكدت مصادر مسؤولة بالتنسيقية أن المحتجين هم أفراد من قدماء العسكريين الذين قضوا عقودا من الزمن في صفوف القوات المسلحة، وتعرضوا للطرد التعسفي من دون محاكمة عادلة، سواء عسكرية أو مدنية، وحُرموا من أي تعويض أو معاش عن سنوات الخدمة، فقط تم كل شيء، حسب مصادرنا، بناء على تصفية حسابات مفبركة، وتقارير انتقامية ضحيتها بعض الرافضين لأعمال مشبوهة أو امتهان الكرامة وخيانة الأمانة، ومنهم من كان يؤدي شعائره الدينية ليجد نفسه عام 2004 خارج المؤسسة بدعوى إجراءات أحداث ماي 2003، ومنهم من كان طريح فراش المستشفيات العسكرية، بتراخيص راحة، لينزل عليهم خبر الطرد بدعوى عدم إشعار المستشفيات قواعدهم بهذه التراخيص.
وبعد أن التأم المعنيون بالأمر في سلسلة من اللقاءات، تم التفكير في تشكيل إطار قانوني يُعرِّف بقضيتهم ومعاناتهم طالما أن لا احد يتكلم بلسانهم واسمهم، حيث تم تأسيس التنسيقية في جمع عام أسفر عن تكوين ملف قانوني تم تبليغه، عبر مفوض قانوني، للسلطات الإدارية في الرباط التي رفضت القبول بالإطار بدعوى أن حملة السلاح سابقا لا يسمح لهم بذلك، لتتوجه التنسيقية بملفها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، بصفته الدستورية، ليتضح لها، بعد سنتين من الحوارات، أن هذا المجلس غير قادر على التدخل في موضوع مطالبتها بالحصول على وصل الإيداع، بدعوى عدم الاختصاص، وذلك تزامنا مع تقدم التنسيقية بملفها لدى المحكمة الإدارية.
وكان موضوع وضعية قدماء العسكريين أن بلغ قبة البرلمان، في سؤال كتابي، حيث أسرعت إدارة الدفاع الوطني إلى إجابة النائب البرلماني، صاحب السؤال، (تحت رقم 5194/ 2014) بما يفيد أن «أفراد القوات المسلحة لا يتم فصلهم من الخدمة إلا في حالة ارتكابهم لأفعال خطيرة تتنافى وقواعد الانضباط العام الموافق للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل في هذا الشأن»، مع تأكيد ذات الإدارة «أنها تبقى على استعداد تام لدراسة أي حالة قد يكون فيها أي حرمان أو مساس بالحقوق المخولة للمعنيين بالأمر»، وذلك قبل دخول التنسيقية في التواصل مع بعض الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية ووسيط المملكة، من دون أي جديد مثمر.
وسبق للمنسق الوطني، عبدالسلام الباز، أن صرح لجريدتنا أن «كافة الضحايا لم يعثروا على السبيل الكفيل بحل هذه المعضلة، وغالبيتهم تجاوزوا العقد الخامس من العمر، ويحملون عاهات وأمراض مزمنة، ويتخبطون في التهميش والإقصاء والظروف المعيشية الصعبة، وهم لا يتوفرون لا على معاش ولا تغطية صحية، ولا في خدمات مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الاجتماعية، ولا استفادة من التشغيل المخصص لأبناء قدماء المحاربين والعسكريين، ولا حتى أدنى تعويض عن عشرات السنين التي قضوها دفاعا عن الوطن وفي المعارك التي دارت رحاها بأقاليمنا الجنوبية»، حيث تنكر لهم الجميع، يضيف الباز، بمن فيهم الهيئات والإطارات المدنية والحقوقية، رغم أن لا نية لهم في تشويه سمعة الوطن أو مؤسسة الجيش، بل يطالبون بحقهم في الإنصاف والكرامة والعيش الكريم.