قراءة في رواية « الخالة أم هاني» للروائية ربيعة ريحان الثنائيات المتقابلة ولغة السرد

تحضر في رواية «الخالة أم هاني» للقاصة والروائية المغربية «ربيعة ريحان» ثنائيات متقابلة. هذا التقابل الذي يجعلها متنامية، ويمنحها دينامية وحركية تدفع بالحكي إلى الأمام ولذا نجد الرواية تنفتح مباشرة على إحدى هذه الثنائيات، إذ يقول السارد على لسان «شيماء» : «إحساس طيب ومريح أن يكون لك أمان معجبتان بك واحدة حديثة ، والثانية من الطراز القديم» ص7 … إنها أول جملة تفتح بها الرواية عالمها المتخيل، الذي تبنيه وتؤثثه أم حديثة تنتمي لهذا الزمن وأم تنتمي لزمن قديم، أصيل،معهما عاشت شيماء، وبينهما درجت في الحياة وكبرت، تنهل ، وتتلقى من كل واحدة منهما خبرتها الخاصة، خبرة تنتمي لهذا العالم، وخبرة أخرى تقابلها بحكم أن لها جذورا تنتمي لعالم قديم في الزمن، عالم قادم من زمن الموريسكين بثقافتهم وحضارتهم الموغلة في التاريخ.
وعلى غرار هذه الثنائية المتقابلة، يمكننا ذكر ثنائيات أخرى في الرواية، تقوم عليها، وتبني أحداثها وهي كما يلي: (الهامش -المركز) (المدينة – القرية) (البيوت الواطئة – الفيلا) (البحر – اليابسة) (العائلة الساخرة من شخصية أم هاني – شيماء التي تصد وترد عنها السخرية والاستهزاء) (في بناء الرواية نشعر أننا أمام جزئين في بنائها المعماري في الجزء الأول نتعرف على شخصية الخالة أم هاني حيث يسرد السارد على لسان شيماء سيرتها وسيرة الناس من حواليها وسيرة المدينة التي تسكن فيها في الجزء الثاني من هذا البناء نشعر أننا انتقلنا مع شيماء بصفتها الصحافية حين محاولاتها أن تجعل الخالة أم هاني تتحدث وتروي تجربتها مع أزواجها الخمسة وهنا نشعر وكأننا في حضرة الخالة أم هاني نجلس أمامها قريبين منها وننتظر أن تبدأ الحكي مباشرة بلسانها غير محتاجة لمن ينقل عنها الحديث والأخبار).
إن هذه الثنائيات المتقابلة والتي تمشي متوازية خلال السرد، وتكون أساسه وترفده بالحركية والدينامية من خلال حضور الشيء، وحضور مايقابله وما لا يتوافق معه، كالزواج الذي يحضر في الرواية من خمسة أشخاص الذين عاشت معهم الخالة أن هاني، والذين تطلقت منهم، وفكت ارتباطها من زواج كان يتم فرضه عليها، دون أن يكون لها فيها رأي ولا مشورة ولا اختيار. هده الزيجات مع «الطلاقات» الخمس تعتبر ثنائية أساسية في عالم الرواية لأنها تأخذ مساحة كبيرة من مجريات الأحداث فيها، وهي التي حاولت شيماء الصحافية أن تنبش في ذاكرة الخالة أم هاني لتدفعها إلى استرجاع وقائع أحداثها وما عاشته خلال كل ارتباط وانفصال، خاصة ما يتعلق بالجانب الحميمي أكثر لأنه غالبا ما يكون هو الوتد الذي يشد الرابطة بين الزوجين ويمنحها فرص الاستمرار في الحياة، أو يهدم أواصر الرابطة لما يغيب.
لقد بذلت شيماء كثيرا من الجهد، لتجعل الخالة أم هاني تقص حكاية كل واحدة من زيجاتها الخمس، وتستعيد الذكريات. هده الذكريات التي حين حكتها الخالة أم هاني لابنتها بالتبني شيماء، جعلتنا نقف على أوضاع المرأة المغربية في تلك الحقبة من التاريخ المغربي، والظروف المزرية التي عاشتها وتحملتها. إذ أنها لم تكن سوى متاعا يؤثث به الرجل/ الزوج البيت، ويطلبها للفراش حين يريد تلبية رغبته وحاجته الجنسية، دون مراعاة لحاجاتها هي ولرغباتها، الشيء الذي يترك في نفسها وجسدها أعطابا وجروحا من الصعوبة أن تندمل مع الزمن ، فتصير ندوبا لاتشفى ولاتبرأ. تقول أم هاني وهي تحكي لشيماء عن زواجها الأول، والذي كانت فيه لاتزال فتاة صغيرة لايتجاوز سنها الثانية عشرة مايلي « لقد هتكني عيسى بالمعقول، وتسبب لي في نزيف ، لم يبرأ جرحي حتى بعد أن طلقني، وصرت في عصمة أزواج أخرين، دائما ظل هناك دم بعد النوم»
وهكذا ستقضي الخالة أم هاني، المرأة الجسد، المرأة الشيء، حياتها، رغم ماكانت تتمتع به من جمال وبهاء الطلة والألق مع الحذاقة في الأشغال التي تخص البيت، لقد كانت امرأة – من خلال المواصفات التي أتت بها في الرواية – لا تنتمي لزمانها وللعالم الذي وجدت نفسها فيه، لقد كانت لا تشبه واقعها السفلي والمزري بشخصيتها الرائعة، والعارفة بأصول التعامل والتعايش، رغم ماتلقاه من عدم الالتفات والعناية من طرف الناس الجيران، ومن أفراد العائلة الذين كانوا ينعتونها بالهبل والفجاجة وعدم الاتزان والنضج. لم يشفع لها بياض الجسم ولدونته، ومقاومتها لعوادي الزمان للحفاظ على الرشاقة وملامح الجمال، لتعيش الحياة اللائقة التي تستحقها وتشتهيها، فعاشت في الهامش، في بيوت واطئة، بأثاث قليل وبسيط، لكنه نظيف. حتى إن البيوت البسيطة التي رحلت بينها وسكنت فيها، كانت تصير نظيفة وجميلة على يديها. لقد كانت المرأة الاستثناء، التي لم ينصفها وضعها الاجتماعي ولا واقعها، وحتى لما أحبت، أو بالأحرى دفعت إلى أن تحب، وتعيش بعض المتعة واللذة أثناء اللقاءات الحميمية، كي تشعر بأنوثتها، فإن هذا الحب كان استثناء، لأنه كان مع شاب يصغرها في السن، ويعاني من اضطرابات نفسية، إذ لم يكن يتمتع بقواه العقلية كاملة وقد مات في حادثة مرور حين صدمته سيارة، وكأن الحياة كانت بدورها تعاكسها في رغباتها واشتهاءاها النفسية والجسدية.
وفي مقابل الزواج، كان هناك الطلاق. هذا الفعل الذي كان يثير النقد السلبي، ويكون مثار الأحاديث التي تدور بين أفراد عائلة أم هاني، وهي أحاديث تصفها، بأنها امرأة خفيفة وغير عاقلة. امرأة لا تصلح للزواج لأنها لا تتحمل المعاناة التي يتطلبها العيش المشترك في كنف الزوج. وقد كان الطلاق مناسبة لتباشر نساء ورجال العائلة البحث عن رجل أخر، يرون أنه يصلح ليكون زوجا لقريبتهم، بدعوى أن الزوج غطاء للمرأة، وأنها لا شيء إذا لم تكن في بيت زوجها ترعاه وتقوم بخدمته، وتعيش حياتها تحت جناحه، وأن كل امرأة لا يليق بها سوى بيتها، ولهذا كان البحث يجري للعثور عن الزوج، إلى أن يتم إخبار الخالة أم هاني، من طرف إحدى القريبات – لأن الأمر شأن نسائي بأنه قد تم العثور لها عن زوج، وعليها أن تستعد للزواج. الزواج الذي لم يكن يدوم طويلا لتجد أم هاني نفسها، وهي تجمع أغراضها، لتذهب عند أهلها، هاربة من رابطة لا تجد فيها إلا القهر النفسي والجسدي. وقد كان غالبا دافع البحث عن زوج لأم هاني من طرف نساء العائلة، هو إبعاد الخالة عن عيني أزواجهن. فالمرأة المطلقة، تصير مشكلة عند الأهل، امرأة يجب الاحتياط منها، خاصة في البيوت التي يوجد فيها ذكور بالغون، ونحن نعلم أن الخالة تتمتع بجمال فاتن تخاف النساء من أن يسلب عقل أزواجهن فيتركنهن.
إن رحلة الزواج والطلاق التي عاشتها الخالة أم هاني، تشبه إلى حد كبير رحلتها الأخرى في الحياة، رحلتها في مدينتها « أسفي» ، إلى حد أنه يمكننا أن ننعتها بالمرأة الرحالة، التي لا تستقر، إلا لكي تستأنف الرحيل. فقد كانت لا تعرف الاستقرار في بيت،طويلا، كمسكن يؤويها، وتستريح فيه. بل كانت دائمة التنقل بين البيوت، تكتري واحدا ثم ما تلبث أن ترحل منه وتتركه، متنازلة أحيانا عن المال الذي تكون قد أعطته لصاحب البيت، ويشمل تسبيقا عن واجب لأكثر من شهر، حيث تقضي أحيانا، أقل من أسبوع، ثم تحزم أمتعتها وتجمع أثاثها، بحثا عن مسكن أخر يلبي رغبة تسكن أعماق نفسها ، ربما هي بنفسها لا تعرفها بالتحديد. لذا لا تتوقف عن البحث، ربما عن شيء ضائع من حياتها ولا تجده. ربما هو رحيل دائم يعبر عن ذلك اللاستقرار الداخلي، وعن عدم الارتياح النفسي، إن هذا الرحيل الممتد في زمن حياة الخالة أم هاني، تعبير عن قلق وجودي، تعيشه، وهي ليست إلا نموذجا عن وضعية المرأة المغربية في تلك الحقبة من تاريخ البلاد، التي خرجت من تحت نير الإستعمار، وتحاول أن تبني استقلالها وحريتها.
لقد كانت أم هاني، في ترحالها المستمر، كأنها تمشي وراء نقطة ضوء، تراها في أعماقها مومضة، لكنها لا تستطيع القبض عليها في الواقع. لقد عاشت في دور، توجد على هامش مركز المدينة، هذا الهامش الذي لم تتوافق معه ولم ترتح فيه بل كانت ترى فيه، وتسمع ما يثير استغرابها وامتعاضها. لقد كانت تعيش وسط كائنات بشرية وكأنها خارجة من دهاليز التاريخ السوداء. نماذج بشرية تنتشر في الأزقة المتربة، تقعد وتسند نفسها على جدران البيوت الكئيبة، تقضي وقتها الفارغ في التنابز بالألقاب والعاهات (الأقرع،الأعور،الأعرج) وبالأوصاف (الطويل،القصير…) وتتبادل النكات المضحكة وتنشر بينها غسيل الهموم الذاتية، والمشاكل اليومية، التي تحفر في نفس كل واحد منهم. وقد كانت الخالة أم هاني تتقزز من رؤية مثل هذه المشاهد وتمتعض، لذا كانت تقول لشيماء وهي طفلة : « ادخلي يابنتي، واغلقي علينا الباب» وكأنها بذلك تريد أن تبني حاجزا فاصلا بينها وبين ذلك العالم ، الذي تتركه أحيانا وتلتجئ إلى «الفيلا» التي يمتلكها والد شيماء مدير البنك مع والدتها «الحاجة نعيمة» في مركز المدينة حيث يتسنى لها أن تجتمع إلى نساء العائلة وفتياتها، لتبادل الأحاديث والقفشات التي غالبا ما كانت تدور حول الزائرة أم هاني مستهزئة ونابشة في حياتها بما لا يليق أن يقال، فتجد شيماء نفسها وقد تصدت مدافعة عن أمها بالتبني ، ترد عنها كل الكلام الجارح الذي يمسها في شخصها وكرامتها. ومع الرقص والغناء اللذين تمارسهما نساء العائلة، فقد كن في الحقيقة لا يرقصن للفرح والانتشاء بقدر ماكن يرقصن للتشافي والتخفف من أحمال ثقيلة في النفس، لقد كانت حصة الرقص، حصة للانطلاق والطواف في عوالم السحر، خارج ضوابط الجاذبية والمواضعات الإجتماعية المحافظة التي تغلق على المرأة كل منافذ التعبير عن رغباتها ومكنونات نفسها. تستغل النساء لحظات اللقاء للتفريغ ولتزجية الوقت والترفيه. وقد عبرت الجدة عن هذا أحسن تعبير في إحدى المرات لما وجدت نفسها خارج البيت برفقة ابننتها في مكان فسيح، فانطلقت تعدو ما استطاعت، وتفتح ذراعيها للريح كناية عن الحرية والانطلاق، وكسر دائرة الممنوعات – ولو للحظة –. الممنوعات التي تطوق حياة النساء في المجتمع المغلق والمحافظ .
حين يأخذنا السارد، إلى تلك المساحة من الرواية التي نلتقي فيها شيماء وقد صارت صحافية، نشعر وكأنها نقلة أخرى في عالم الرواية وبنائها،إذ ننتقل من حديث السارد، إلى الحديث المباشر بين الخالة أم هاني وبين شيماء بصفتها الصحفية، والتي تحاول بذكاء ولطف ودون ضغط، أن تجعل الخالة أم هاني تستعيد من خلال الذاكرة، أيامها مع الأزواج الخمسة ، مع الإلحاح على جعل الخالة تتناول في استرجاعها الجانب الحميمي وماكان يجري في فراش الزوجية. وكي تجعل شيماء أمها بالتبني تبوح بالأسرار، فإنها كانت تلاطفها وتعاملها برفق ولين، وهي ربما حيلة من طرف شيماء، لتنال ما تريد معرفته ليكون مادة للصحيفة التي تشتغل فيها، لقد كانت تقول مخاطبة الخالة أم هاني :»يكفي من المزاح، لقد تأخر الوقت، والأن علينا أن نكون مجدتين، هيا، قولي ما عندك». وكنا نحن المتلقين ننتظر بوح الخالة وحديثها عن الزيجة الرابعة، ومعرفة أسباب الطلاق، لكن لا يلبث الحديث بين المرأتين أن ينتقل إلى شيء أخر، يتعلق بلباس الصيف الخفيف، والحديث عن الجارة التي تكسر الأواني في المطبخ كلما همت بالإشتغال، وقد كان هذا يمنح للحكاية بعض التوابل، ويجعلنا كقراء نلم أكثر بالعالم الذي تدونه الرواية، والإحاطة به للتعرف على كثير من تفاصيله، وهو العالم الذي لا يتردد السارد في بعض الأحيان أن يوجه له نقدا لا ذعا ، خاصة ما يتعلق بالحالة التي أصبحت عليها، مدينة أسفي، وما لحقها من مظاهر التشويه، والقبح، والفقر المذقع، والبطالة اللذين يعيش فيهما الكثير من السكان المهمشين فيها.
وبجانب هذه الثنائيات المتقابلة العديدة التي اشتغلت عليها الرواية، وجعلتها أساسا في بناء عوالمها، فإن هناك عنصرا آخر، أولته الرواية اهتماما كبيرا، فكان ماتعا لأنه جعل السرد في الرواية قريبا جدا من نفوس القراء، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى نفس البيئة التي أحاطت بها الرواية ودونتها في متنها، ونحن نقصد هنا مدينة أسفي في زمانيها القديم والحاضر، كما نقصد البلد الذي توجد فيه المدينة وهو المغرب. لقد كانت اللغة التي حيكت بها الأحداث في الرواية وصيغت، لغة تنهض من عمق تربة المغرب والمغاربة، لغة تعبر عن معيشهم، وعن لسانهم في بيئتهم، وتعبر كذلك عن البساطة التي يحيونها، بكل دقة وعمق، لأنها لغة اختارت كلماتها المناسبة، الدقيقة والمعبرة جدا عن الموضوع أو الحالة التي تتناولها الرواية بالحديث. وقد كانت لغة تعبر بمستويات مختلفة حسب المقام. فاللغة التي تتخاطب بها شيماء مثلا مع الخالة أم هاني، كانت لغة بسيطة في مفرداتها، لكنها فصيحة أو أقرب من الفصحى بكثير، بينما نجد مثلا لغة الحوار الذي دار بين أم هاني وجارتها «مباركة»، وهما تقطعان الطريق المتربة في إحدى القرى المجاورة لأسفي، نحو ضريح أحد الأولياء قصد الزيارة والتبرك، لغة امرأة أمية إلى امرأة تشبهها، فلاغرابة أن تأتي المفردات من العامية المغربية لتعبر بعمق حمولتها ومنطوقها، عن اللحظة وعن الحالة النفسية والوجدانية التي تجري فيها الزيارة. (أتقصدين هذه الحصائد المليئة بالكرنينة وشوك الحمار) ص96 – (نركب كارويلة إلى هناك؟) – (تعلمي كيف تضربينها كعابية) ص98 – (من وضع رأسه في النخالة ينقبه الدجاج، ولكن رخيصة بتعليمة) ص109.
إنها لغة بحبكتها وبعباراتها، جاءت تمتح كثيرا من «تامغرابيت» وتنهل منها، فهي لغة الشعب، لغة ناس الهامش في الأحياء السفلى للمدينة، لغة من القرى المعزولة والمهمشة، اللغة التي ينحتها الأفراد ليعبروا من خلالها على مايجول في خاطرهم، لغة تحمل في عمقها الحال الذي يكون عليه الناس حين ينطقون: « أنت ياداك القرد، ياداك العفريت، ابتعد عن البغل، سيرفس أمك لو اقتربت منه، سيهرس لك وجهك، هاأنا أقولها لك، دبر لرأسك، لاتأت إلي باكيا وكلك دماء، سأسلخك لأنك لا تنصت!» ص140- «أقسم بالله سأجعله ظهره ألين من بطنه، أو أضربه عند جدارة الأذن وأرسله إلى الروضة ديريكت، وأهنئ أمه منه» ص152 ..
يكفي التأمل في هذه اللغة، من حيث عباراتها ومن حيث مضمونها وحمولتها، لنعرف أنها تحمل بصمة مغربية خالصة. بصمة الشريحة الإجتماعية التي صدرت عنها، تحمل مضمون العنف، والتنبيه، والسخط والتهديد والصراخ، وهو مضمون يعطي الصورة الواضحة، عن مستوى الوعي والتعلم الذي يمتلكه هؤلاء، كما أنه مضمون يوضح البيئة التي استنبتت هذه اللغة، وخلقتها ونحتتها للتعبير، ولتكون لسان من يتخاطبون بها في حياتهم اليومية،
وإذا كانت اللغة، تمثل عنصرا جماليا في الإبداع الأدبي، وتعتبر مكونا أساسيا في العمل، فإن رواية «الخالة أم هاني» قد تفوقت كثيرا في اختيار لغتها بعباراتها المنحوتة، مما جعلها تلبس الثوب المغربي، معبرة بذلك وبامتياز وقدرة، عن الأجواء العامة وعن الأحداث التي تناولتها الرواية بالسرد، فكانت رواية مغربية بروحها وبعوالمها وبلغتها التي عكست المجتمع المغربي بوعيه، وبمستواه المعرفي والفكري، وبمستواه الإجتماعي وبنظرته للحياة وتفاعله اليومي معها. إنها رواية /مرآة لجميع المغاربة لأنها تحكي حياتهم ومجتمعهم ويومياتهم، تحكي تاريخهم في فترة عاشوها ، ولا يزالون يعيشونها، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو: « هل تجاوز المغاربة بوعيهم تلك المرحلة السابقة من تاريخهم وقطعوها؟ أم لا يزالون يراوحون مكانهم بين الإقدام والإحجام، إن لم يكونوا جامدين وكأنهم لم يتحركوا أبدا؟»….

 


الكاتب : إدريس أنفراص

  

بتاريخ : 20/11/2020