قراءة في موجز الشاعرة هنادي زرقه .. «مثل قلب على مدخل البيت»: مثل عاطفة يجرحها الانتظار

القلب عضو يبعث الحركة داخل الجسد، ويغذي كل الأعضاء عبر الدم، وأي عطب يمسه يؤدي إلى الهلاك، أو تعطيل حركة جسدية ما، وهو مصدر العواطف والأحاسيس، أما العقل فيتكلف بترتيب كل ما هو منطقي، والقلب يبعث شرارة الحب والإحساس.
واختيار هنادي لهذا العنوان، ليس عبثا ولا جزافا، بل بواسطته تحس وتنظر إلى الأشياء داخليا وخارجيا، وإن كانت الجملة في أصلها، تحيل على الداخل.
هنادي تدخل هذا في المشروع الجديد بعد ديوانها “زهايمر”، واختيار عنوان “مثل قلب على مدخل البيت” لم يتم اعتباطا أو كيفما اتفق، بل جاء شاملا ومغطيا بحنو لكل التفاصيل. فعبر امتداد 59 نصا، دون احتساب عناوين القصائد المصاحبة لنص بعينه، يتضح هذا التدفق عبر الطول والقصر بحسب لهيب ومعاشرة التجربة الشعرية.
ولتفكيك كنه هذه العواطف، وفق كل نص، تتم الانطلاقة من القصيدة التي تحمل عنوان المجموعة، حتى ندرك بذور التفاصيل وغرسها وتحويلها إلى جزئيات في: “مدخل البيت”
“ مثل أعمى يقود كلبه
يقودني قلبي” ص، 27
هذان السطران يومئان إلى طبيعة وثقافة هذه القيادة، في الأولى وفاء يتجسد في قيادة الكلب لصاحبه الأعمى، وفي الثانية قيادة القلب للشاعرة هنادي، هذا التقابل يقود كل منهما إلى ما يريد، الأول يصبح الكلب هو النظر، بدل الاستعانة بالعكازة، وفي الثانية، القلب كجزء أساس من الأعضاء المهمة ومقر العواطف. الأول يقودك إلى ما هو مادي، والثاني إلى ما هو مادي ومعنوي ونفسي، فهو المقياس لضبط الحدوس. ولا يبقى الأمر في هذا النطاق، بل يتم تحويل الكلب إلى حيوان أليف ووفي، وكذلك القلب يبقى ملازما في السراء والضراء، رغبة واحدة تبدو في عينيه
“ لا تطلق النار علي،
لا تلقيني بعيدا عنك” ص، 28
هذا الشبيه بالقلب الحنون الذي نصادفه في: “مدخل البيت” يتجلى في كل التفاصيل واليوميات التي تعيشها الشاعرة وتخضع لها بكل حمولاتها وتنوعها بحسب أي سياق وأي موقف تعيشه، وكلما تغيرت بفعل الزمان، تتغير المواقف وكذلك السحنات، وحتى على مستوى المقارنة، بين تغير الأمكنة بين برلين واللادقية، يبقى الحنين “لأول منزل” عطفا على أبي تمام، وما يخفف الوطء هو الشعر:
“ما الذي يجعلك تتلطى وراء باب القصيدة؟
ثم تدخل إليها،
كأن الحزن والغياب ذريعتي
كي أكتب عنك” ص، 33
هكذا يتأسس “مثل قلب على مدخل البيت” حيث الإقامة في السكن الأول بكل تفاصيله وتداعياته إلى أجل قريب حين يصفو الجو وتعود الطيور إلى أوكارها.


الكاتب : محمد عرش

  

بتاريخ : 14/06/2025