أول ما دشن به المكتب المسير للمجلس الجماعي الحالي ولايته إبان انتخابه في شتنبر من السنة الماضية، هو اللجوء إلى البنك الدولي لاقتراض 100 مليار سنتيم تعينه على تدبير أزمته المالية لتنضاف إلى قرض قديم كان البنك الدولي قد منحه للمجلس السابق يقدر بـ 200 مليار سنتيم. كان هذا الإجراء دلالة بينة على أن المجلس الحالي لن يقدم إضافة للمدينة بل قدم فقط لتدبير الأزمة التي خلفتها الولايات السابقة، فهو لم يسطر أي برنامج مالي واضح أو أية خطة من شأنها أن تنقذ الخزينة الجماعية من الغرق الذي غمرها، بل إن المجلس لم يقدم حتى ملامح رؤية لخطة تدبيرية تكون بمثابة نقطة ارتكاز لولايته. فالمدبرون الجدد لم يأتوا بمشاريع واضحة من جهة، ومن جهة ثانية لأن المجلس غير متجانس والصراعات هي العنوان الأبرز داخل فسيفساء تحالفه، وهي الصراعات التي جعلت المكتب أعرج في تشكيلته، إذ لحدود الآن لم يتم انتخاب الرئيس العاشر داخله بسبب الخلافات بين الإخوة الأعداء، ولحدود الآن مازالت التفويضات المهمة كالتعمير والأشغال بيد رئيسة المجلس التي لم تأتمن أحدا من الحلفاء عليها..
أول مشكل وجده المكتب المسير الحالي هو اقتناء عقار لتحويله إلى مطرح بديل لمطرح مديونة، الحل والأموال وجدتهما وزارة الداخلية بدلا عمن يجتمعون في قبة المجلس الجماعي. الملف الثاني الذي باشره المجلس هو ملف ممتلكات المدينة. فبمجرد أن فتح بدون خطة محكمة يسبقها تنسيق مع وزارة الداخلية والجهات المعنية حتى تكون هناك تعبئة تحظى بقوة أكثر، حتى تعالت الخصامات والصراعات وتبادل الاتهامات ليقبر الملف في صفحته الأولى ويخيم الصمت من حوله مجددا، رغم أن المجلس في حاجة ماسة لتثمين هذه الممتلكات التي تعد عماد مداخيله المالية. ويكفي أن نذكر بأن الباقي استخلاصه من المستحقات المالية لفائدة المدينة بلغ لحدود الآن 1800 مليار سنتيم، كانت ستعفيه من الاقتراض والغرق في العجز.
وبدل الانكباب على تصحيح وضعية الإدارة الجبائية لضمان حقوق الجماعة، تاه المجلس في ما يشبه فرقعات برامج لجبر الخواطر والحفاظ على شعرة معاوية بين الحلفاء الأعداء. وفي ظل هذا الوضع، تزعمت شركات التنمية المحلية المشهد التدبيري وتحولت من مجرد آلية للتدبير الى مقرر فيه، وهي تبتلع حصة الأسد من الميزانية المرصودة للمجلس وتبرمج مشاريعها بعيدا وتقدمها للمجلس للمصادقة فقط، بل إن بعض الشركات لاتوزع حتى الدعوات على المستشارين لحضور تدشين انطلاق مشروع من مشاريعها ، أو حضور نشاط تقدمه كما هو حال شركة الدارالبيضاء للتنشيط التي تقيم المهرجانات دون أن تتفضل بدعوة المنتخبين الذين يشغلونها..
ونحن على أبواب السنة الثانية من هذه الولاية، مازالت الضبابية هي العنوان الأبرز للمدبرين، ومازالت المشاكل المالية تنخر الخزينة ، فيما المستشارون في تيه عميق.
قرابة سنة من الولاية الجماعية الدارالبيضاء تتقدم إلى الوراء

الكاتب : العربي رياض
بتاريخ : 01/09/2022