قصة قصيرة .. ما يشبه الشرخ

نقطة صغيرة سوداء على سطح المرآة. تمد يدك بطرف ثوب لتمسح عنها ما تعتقد أنه التصق بسطحها. وتحاول إبعاد يدك على سطح المرآة. من جديد تحدق في المرآة فتظهر بوضوح ندبة سوداء على الخد الأيمن..
تمد يدك وتتحسس ببطء جانب الندبة السوداء، فتلتصق بأطراف أناملك قشور من الجلد الذي يحيط بالندبة، والتي تزداد مساحة وتتحول إلى ما يشبه الشرخ. وعلى امتداد خدك الأيسر حتى شفتيك، تظهر ندبة أخرى وبسرعة تنزل نحو الأسفل مكونة شرخا جديدا وباندهاش تحدق في المرآة بانتظار توقف الشرخ أو على الأقل معرفة من أين تنبع الندوب. تفكر بإغلاق عينيك ……. لكنك تلغي فكرة النهوض من أمام المرآة خوفا من العيون أو على الأقل قد تتابع شعيرات شاربك وهي تتساقط وتظهر معها معالم جرح صغير أخفيته منذ سنوات الشباب الأولى حتى أنه مع كثافة الشارب نسيته تماما. ترغب أن تتحسس الجرح، لكن خوفك من ازدياد الوضع سوءا يجعلك تكتفي بوضع يدك أمام وجهك لتخفي الجرح عن عينيك وعن المرآة أيضا.
ومع كل حركة سريعة تريد بها سحب يدك من أمام المرآة ، إلا وترى الجرح وقد وتغيرت معالمه فتشعر بالارتياح لتخلصك منه. اختفاء الجرح القديم يدفعك إلى التفكير في ملامح وجهك الذي يتغير بفعل الشروخ … وما يضايقك هو نظرة الآخرين إليك. فهل سيتقبلون التغيير بسهولة أم أنك ستحتاج إلى تفسيرات لإقناعهم…… إلا أن ما يقلقك هو كيفية تخلصك من حياتك الأولى ..تفكر بالاسم الذي ستحمله . أيضا نوعية الذكريات التي تتلاءم مع الملامح الجديدة لتغرسها في أعماقك. تجرب بمخيلتك عدة أشكال لحياتك الجديدة وأنت تحاول موازنة حجم جسمك النحيل معها. تضايقك فكرة وضع وجهك ذي الشروخ أمام الآخرين. تقرب وجهك من المرآة لترى إمكانية تجميل وجهك، لكن الأمل ضئيل فتغرز أظافرك في وجهك وتنزع بقايا قشور الجلد .تفتح قميصك إلى الأعلى بانتظار انزلاق الشروخ باتجاه عنقك إلى أعماقك، لكن ندبة سوداء تظهر على وجه المرآة ويمتد الشرخ بامتداد سطحها، وينزلق مع الجدار في كل الاتجاهات.


الكاتب : سعيد أحباط

  

بتاريخ : 16/12/2024