تقاطعات
يجلس في باحة المقهى الخارجية كإله منسي، ينظر بفرح عارم إلى حركة الناس وحركة الحروف على صفحاته تتشكل على مهل قصة مكتملة البناء، يرفع رأسه ليتابع سيارة إسعاف تحمل امرأة إلى مستشفى الولادة حيث تضع مولودها، يعود ببصره إلى القصة ليجد نقطة حمراء في نهايتها فيفغر فاه. تهب ريح لعوب فتتشتت الأوراق شذر مذر. يغيب الناس، تغيب المقهى، ويبقى وحيدا في طريق موحش كإله منسي يحمل طفلا حديث الولادة، لا يستطيع حمله لثقله فيتركه ينزلق لتحضنه أوراق بيضاء، يعود الناس إلى الشارع، ويعود المقهى إلى مكانه، وتعود سيارة الإسعاف إلى المنزل حاملة بشرى غلام. ويعود الرجل إلى أوراقه معتقدا أن كل شيء كان مجرد حلم راود رأس قاص وحيد. في عزلته كإله منسي.
افتراس
همس لي الأسد بنص مفترس… تشدني الوسادة النائمة إلى أوتار الحلم: ها أنا في عمق الغابة محاطا بالغزلان. أطفئ لهيب جوعي بماء العدل؛ : لا ظلم اليوم.! انهض متثاقلا وقد فقدت أطرافي.
إرواء.
نظرت إلي بعيون وقحة، وقالت لي: هل هذه الحفرة تناسب ابننا؟ تزلزلت، نفرت الدموع.. حملت يدي إلى جهة اليسار من صدري، كان يخفق، فسكنت. ساد بيننا صمت كالجبال.
كافيين
قالوا ونظروا إليّ ساخرين: لم لم تشرق شمس اليوم؟ قلت متهكما: مازالت في سريري نائمة .
فك منشار
كانت ذات جمال أخاذ… جذبت قلبي إليها.. ولما أوشك أن يلتصق بها. قفز كلبها الوفي وأعمل فيه أسنانه. صارت جروحي سجل ألم. ** ولاء كان مزارا، سكن الفقراء قلبه، فأطعمهم من روحه، وأوصاهم بالحب. غضب الوالي حين خرج فلم يجد في استقباله الحشود التي عودها على التحية. أرسل رسائل تهنئة للولي مرفوقة بصك مفتوح، ودعاه إلى إطلاق سراح أتباعه ليكون لخروجه معنى. ترك الناس قلوبهم لدى الولي، وخرجوا لاستقبال الوالي.
تزامن
في الوقت الذي اخترقت فيه الرصاصة صدر الجندي المرابط على الحدود، أنجبت زوجته، في الجهة البعيدة عن العين، والقريبة من القلب، طفلا ملأ صراخه المكان، شعر بأنه يكبر بسرعة، ولما صار شابا، حمّل بندقية واقتيد إلى الحدود لحراستها، بعين حذرة كان يتجنب الرصاص المجنون، ونسي اليد التي تقف خلف الزناد…
هوائي
قال: المجد للحب، وسار إلى الحرب بكل عزم وصلابة لتحرير القلوب من غلها… أرهقته طواحين الهواء! يستسلم.. يحارب.. أراه من شرفتي ما زال في عنفوان رغبته.
روح
أدركت بحدسها أنني أتابعها خلسة من نافذتي المظلمة، ضحكت في سرها وهي تنزع ملابسها، في لحظة، اشتعلت كل أضوائها فذهب بصري. ** شرحبيل ران على القاعة صمت رهيب حين كانت تلقي على أسماع الحضور قصيدتها العذراء، وحدها نبضات القلوب كانت ترسم في السماء قصة حب عذرية. لما فرغت، ألقت بقبلة في الهواء، فتخطفتها الأيادي… تركت القوم في معتركهم، وحملتها إلى سرير بروكست أقيس طولها وقصرها ببراعة الحواة.
أسما ك
انطلق السهم يخترق الفضاء: يعلو ويعلو.. ثم، في لحظة، وبعيني صقر، بدأ في الهبوط خارج ميدان التباري، ليخترق قلب متفرجة، كانت تتابع بوله فارسها وهو يرجع إلى الوراء قبل أن ينطلق مسرعا إلى الأمام، وبكل قوة وعزيمة وإصرار، يطلق السهم… لتطلق، هي، شهقتها العميقة.. تتحول الشهقة خاتمين مرصعين بالحب، ينسجان حبل ود لم ينقطع أبدا، رغم كر السنين.
دراما الفرصة الأخيرة
أمام حاوية للأزبال، متشرد وكلب، كل منهما يدفن رأسه بداخلها.. يوضع طعام بالقرب منهما، يلتفت المتشرد ويلتهم الصحن، يلتفت الكلب ثم يعود إلى النبش من جديد.
شلل
تسلل إلى نومي بخفة لص ظريف، قلب دولابي إلى أن عثر على كتاب أحلامي، صار يقلب صفحاته بلذة غريبة وأنا أتابعه مشلول الحركة.. بدأ يمزقه بعنف..ثم أطلق ضحكة هستيرية أيقظتني فزعا، نظرت من حولي بذهول فوجدت صفحات بيضاء متناثرة في الأرض، ولمحت ظلا يتسرب خارجا من الباب، أردت ملاحقته فأعاقتني الحروف النازفة.