قضايا من التاريخ الجهوي للجنوب المغربي خلال القرن 19 نهاية السعديين وتطلع السملاليين إلى السطة 18

تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.

 

أدت وفاة السلطان أحمد المنصور الذهبي سنة1603م/1012ه، إلى بروز تيارات سياسية تتطلع إلى ممارسة الحكم في المغرب والانفراد به، فمن جهة هناك صراع الأبناء زيدان وأبوفارس والمامون حول تركة أبيهم ، وعلى أنقاض هذا الصراع ظهرت على الوجود عدة إمارات تسارع الزمن للتربع على الحكم وأهمها إمارة الدلاء والامارة السملالية وإمارة يحي الحاحي بتارودانت والعلويين بتافيلالت. خلال هذه الأثناء ظهرت إمارة السملاليين كقوة باستطاعتها الوصول إلى الحكم أنطلاقا من رأسمالها الرمزي والمادي. لقد استفاد حفيد سيدي احماد اوموسى أبو حسون السملالي المعروف بلقب بودميعة من الإرث المادي والرمزي لزاوية الشيخ المؤسس سيما بعد استئصال جذور الحركة الحاحية التي كان يتزعمها أبو يحي الحاحي بتارودانت سنة 1035ه/1626 كما ان نفوذ بودميعة وصل على سجلماسة وأحوازها
وقد استمر عمر الإمارة السملالية إلى إن تم القضاء عليها من طرف المولى الرشيد بن الشريف العلوي، وذلك قبل إعادة إحياء الإمارة في نسخة ثانية على يد هاشم بن علي في بداية القرن 19م.
من الزاوية إلى الامارة: صراع من أجل الوصول إلى سدة الحكم
تحول الرأسمال الرمزي للشيخ المؤسس للزاوية السملالية إلى مجال وفضاء لتأسيس نواة الإمارة التي ستتطلع لممارسة الحكم خلال عدة مراحل تاريخية
إن تحول الزاوية إلى إمارة مرتبط بالأحداث التي عرفها المغرب بعد وفاة أحمد المنصور كما سبقت الإشارة إلى ذلك حيث «تحولت زاويته إلى منطقة جذب ديني واجتماعي واقتصادي»، فعزز ذلك المكانة الاستراتيجية لتزروالت ولعائلة الشيخ، الأمر الذي سيكون حاسما خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين في دفع قبائل المنطقة لمحاولة تأسيس سلطة سياسية مركزية.( مصطفى ناعمي، معلمة المغرب، ج2، ط2، 2014، ص659). والراجح ان أولى المحاولات للنزاع حول الحكم قد حدثت في عهد ابن أحمد بن موسى السملالي علي الذي دخل في صراع مع أحمد المنصور الذهبي سنة 1597م لينتهي به المآل مسجونا في تارودانت. فتكون بذلك مبادرة أبي حسون بمثابة إتمام للمشروع السياسي الذي بدأه سيدي علي بن احماد أو موسى قبل بضعة سنوات ولم ينجح.
وقد اختار مؤسس الإمارة أبو الحسن علي بن امحمد بن امحمد ابن الشيخ سيدي احماد اوموسى ،المدعو ببودميعة والمشهور بأبي حسون السملالي، منطقة إيليغ لبناء عاصمة إمارته، وذلك بعد انتقال الأسرة من مقرها الأول بحصن تاَجكُجالت المطل على مشارف بسيط تازروالت، ويبعد موضع إيليغ عاصمة الإمارة عن مدينة تزنيت في اتجاه الشرق بحوالي 84 كلم، وتحيط بها جبال أمغسو وتوكَال وجبل الإيغشانيين.

 


الكاتب : ربيع رشيدي (*)

  

بتاريخ : 01/04/2024