تكتسي الكتابة حول تاريخ الجنوب المغربي دورا مهما في إغناء المكتبة التاريخية المغربية، نظرا لأهمية هذا المجال في فهم واستيعاب العلاقة بين المركز والهامش ، أي العلاقة بين السلطة المركزية والقبائل وتمكننا دراسة هذه العلاقة بشكل يستجيب والموضوعية التاريخية إمكانية كتابة التاريخ من أسفل. ولعل ما كُتب حول الجنوب المغربي لا يغطي متطلبات الباحثين من مختلف مشارب المعرفة الانسانية، بمن فيهم المؤرخين الذين وجدوا صعوبات ما تزال قائمة لصياغة مونوغرافيات مركبة تتماشى والتوجه الجديد في الكتابة التاريخية الجديدة والتي تركز على التاريخ الاجتماعي والاقتصادي وتاريخ الذهنيات وتاريخ المهمشين أو المسكوت عنهم في الكتابة التاريخية.
بالإضافة إلى المواجهات العنيفة التي دخلت فيها الإمارة السملالية مع الإمارة الحاحية بتارودانت، فإن دخول أبي حسون وسيطرته على منطقة درعة وتافيلالت جلبت عليه غضب الزاوية الدلائية التي كانت هي الأخرى تطمح إلى السيطرة على ما وراء الأطلس المتوسط في اتجاه الجنوب، وهو ما ظهر في الرسالة الشديدة اللهجة التي وجهها أبو بكر الدلائي إلى أبي حسون عندما دخلت جيوشه منطقة تافيلالت وأسرت المولى الشريف بن علي جد الأسرة العلوية، كما آخذته على تعسفه الضريبي وسوء معاملته للأهالي. وقد دخلت العلاقات بين القوتين مرحلة من التودد فيما بعد، فتبادلوا الهدايا والزيارات، وذلك قبل أن تتوتر مرة أخرى خاصة بعد وفاة محمد بن أبي بكر الدلائي وشروع خلفه محمد الحاج في نشر سلطته في تادلا وبقية المغرب، في مقابل انشغال أبي حسون بحركات التمرد ضده بالصحراء، وهي التمردات التي انتهت بجلائه عن سجلماسة ودرعة.(القبلي محمد (إشراف وتقديم)، تاريخ المغرب تحبين وتركيب، مرجع سابق، ص 394.)
أما علاقته الإمارة السملالية بالعلويين فقد بدأت عندما دعا الشريف بن علي أبا حسون السملالي سنة 1633م/1043ه إلى سجلماسة لمواجهة الزبيريين من أهل حصن تابوعصامت الذين استنجدوا بدورهم بالزاوية الدلائية. ولكن العلاقة فسدت بين الطرفين بعد مبايعة أهل المنطقة للشريف بن علي سنة 1631م/1041ه، فأمر أبو حسون باعتقاله وسجنه في سوس سنة 1637م/1047ه، وأثناء هذا الاحتجاز، أهداه أبو حسون إحدى إمائه لخدمته ويتعلق الأمر بإحدى نساء قبيلة المغافرة، والتي أنجبت له هناك ابنه المولى إسماعيل(القبلي محمد (إشراف وتقديم)، تاريخ المغرب تحبين وتركيب، مرجع سابق، ص 400.). وقد ظل مسجونا حتى تمكن ولده مَحمد بن الشريف من افتدائه مقابل مبلغ مالي كبير. كما هاجم هذا الأخير قوات أبو حسون في منطقة سجلماسة وما حولها إلى أن طردهم سنة 1640م/1050ه.( حركات إبراهيم، المغرب عبر التاريخ، ج3، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، ط2، 1984، ص 19-20(