قضية برلمانية : يوسف إيدي يؤكد تشبث حزب القوات الشعبية بالتعدد والتنوع الثقافي لبلادنا 

قال يوسف إيدي في مناقشة  تقرير مجموعة العمل  الموضوعاتية المؤقتة الخاصة بالسياسة اللغوية بالمغرب بمجلس المستشارين  «إننا في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية دائمو الإلمام بهذه المسألة في بلادنا، ودليل هذا الكلام، أن في كل المؤتمرات التي كان يعقدها حزبنا، دائما ما كانت السياسة اللغوية في صلب الوثائق السياسية لتوجه الحزب وعمله وفق السياقات والمرحلة التاريخية المحددة للحاجة لها. وفي هذا السياق أحيلكم على ما جاء في التقرير المذهبي للمؤتمر الوطني السابع، الذي أكدنا فيه أن السياسة اللغوية التي اتبعت في تلك الفترة تجاه اللغة العربية اتسمت بالارتجال وعدم التوازن ما أدى إلى تبخيس موقعها الوظيفي والحضاري.»
وأضاف رئيس المعارضة  الاتحادية «ولعلنا لا نزال نعيش على وقع هذه الكلمات إلى حدود الساعة، خصوصا إذا أخدنا بالمؤشرات المرتبطة بعجز  التلاميذ عن قراءة النصوص العربية بالشكل الصحيح أو شبه الصحيح في الوقت الحالي، ووقوعهم في فخ التشتت الهوياتي عبر محاولة التحدث بلغات أجنبية -وإن كانت بدون قواعدها- وتجاهل الروافد اللغوية لبلادهم. وبالتالي فتأهيل العربية -أولا- لكي تتبوأ موقعها كلغة للعلم والحياة لن يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية مقتنعة بإمكانيات هذه اللغة على ربح التحديات والرهانات الحضارية، وذلك عبر تسخير الموارد اللازمة ومؤسسات البحث العلمي لخدمتها، فضلا عن ضرورة تحررها من الحمولة التقليدية التي تشل حركتها الفكرية.
وعلى مستوى البعد اللغوي للأمازيغية، التي سبق لنا وأن أشدنا بهذا التحول في بلادنا على مستوى التنصيص الدستوري لهذا الأساس اللغوي والهوياتي».
وأوضح إيدي أن  «إقرار السنة الأمازيغية والاعتراف بها، تحول كان بمثابة لحظة تاريخية ناضل من أجل تحقيقها المغاربة لارتباطها الجذري بالهوية الوطنية للمملكة المغربية، وباعتبارها إرثا مشتركا ولغة تستحق كل التدابير للنهوض بها وحمايتها دون أي ميز أو مفاضلة، والمساس بها يعني المساس بكيان الدولة في حد ذاتها، وهذا ما أكده جلالة الملك في خطاب أجدير 17 أكتوبر 2001، على أن الأمازيغية هي مكون أساسي من مكونات الثقافة المغربية وأن النهوض بها هي مسؤولية وطنية».
و شدد رئيس الفريق الاشتراكي للمعارضة بالقول «إنه وباطلاعنا على ما جاء في صفحات التقرير، الذي نجده يعري واقع تنزيل مجموعة من التشريعات التي كان من شأنها أن تجنبنا هدر الزمن السياسي والزمن التدبيري للأساس اللغوي ببلادنا، فبالرغم من وجود ترسانة قانونية جد مهمة ومعها العديد من السياسات العمومية التي تندرج في سياق إدماج العربية والأمازيغية بشكل فعال، لا يزال الأثر جد ضعيف في صفوف التلاميذ والتلميذات بل وحتى طلبة الجامعات، حيث يواجهون صعوبة في الكتابة والقراءة أحيانا والاستيعاب والفهم أحيانا أخرى، فضلا عن طلبة الشعب العلمية أو الاقتصادية،  الذين -وإن صح التعبير- لا يفقهون في العربية إلا القليل فما بالنا بتعلم وفهم الأمازيغية».
وأردف: «على هذا الأساس، فإننا اليوم في حاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى الاعتراف بموروثنا اللغوي داخل المجتمع بدءًا من الأسرة، وداخل الدول بدءًا بالمؤسسات الرسمية للدولة في علاقتها المباشرة مع المواطن، وفي مجال التعليم بجميع أسلاكه، وفي مجال التقاضي والإعلام والتأطير الديني، وتقوية عمق ثقافتنا وتمتين نسيج هوية أمتنا الغنية بتنوع روافدها، هو اعتراف من شأنه أن يعزز قدرات التنمية في بعدها الثقافي ومن شأنه أيضا أن يمقت سلوك الكراهية والتعصب، فورش التنمية المستدامة الشاملة الذي ننشده والذي انخرطت فيه بلادنا لا يتوقف عند ما هو اقتصادي أو سياسي …بل يتوقف أيضا على العامل التنموي للثقافة في بلورة النموذج التنموي المأمول، وإقرار مبدأ المساواة بين جميع المغاربة بمختلف التعبيرات اللغوية واستفادة الجميع من المكتسبات المتاحة، لهذا حرصنا دائما كتنظيم سياسي أن نولي الوظيفة اللغوية والثقافية كامل اهتمامنا في جميع البرامج والتظاهرات الخاصة بحزبنا، ولهذا فإننا نساير ما جاء في توصيات هذا التقرير والتي نتمنى لها أن تتحقق على أرض الواقع في صيغة سياسة عامة أو سياسات قطاعية.
أخيرا، إننا في الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، نرى في المسألة اللغوية ببلادنا، إحدى أهم الأدوات التي تمكن من إثراء التنوع الثقافي الذي يطبع الهوية الوطنية من حيث الاعتماد على نسيج لغوي مهم يجسد التعبير الحقيقي عن مختلف الأبعاد الحضارية والتاريخية والفكرية والبيئية للإنسان المغربي، ويسهم في تنميته الثقافية.».


الكاتب : محمد الطالبي

  

بتاريخ : 18/07/2024