تمكنت عناصر الأمن بخنيفرة، ليلة الأربعاء 17 يناير 2024، من وضع حد لمغامرات شخص (ه. ش) يقود سيارة سوداء من نوع فولكسفاكن ذات الدفع الرباعي، قام باستئجارها لمدة سنة، ليتضح أنه متورط في قضايا تتعلق بالنصب وانتحال صفة ينظمها القانون، وهي صفة مسؤول أمني كبير، وكان وقوعه بيد الشرطة بمثابة «صيد ثمين» لوقوفها على حجم نشاطه الإجرامي المتعدد، من خلال براعته في «اقتناص» ضحاياه من النساء بإيهامهن أنه يمتلك نفوذا واسعا في القضاء والأمن، ويعدهن بالتهجير للعمل بدول الخليج.
أحمد بيضي
مكّن بلاغ تم تقديمه للمصالح الأمنية من الكشف عن تفاصيل صادمة لموقوف، اتضح فيما بعد على أنه اقترف العديد من المآسي التي سببها لضحاياه، حيث أسفرت التحقيقات والتحريات المنجزة من طرف الشرطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، عن كون المعني بالأمر متورط في قضايا تجمع بين النصب، والتحريض على الفساد وممارسته، توثيق أشرطة إباحية، والقوادة في البغاء بغرض التهجير، والتغرير، والنصب عن طريق ممارسة أعمال السحر والشعوذة، والمتاجرة في أدوية بدون رخصة، والاشتباه في ترويج المخدرات الصلبة، فيما أكدت مصادرنا أن هذا الشخص المذكور فات له أن اعتقل لمدة 3 سنوات من أجل الخيانة الزوجية والتغرير بقاصر.
من الإفلاس إلى النصب
أبرزت المعلومات المتعلقة بالموقوف، أن المعني بالأمر يعيش من دون مهنة ولا أبناء له، وقد كان يمتهن سياقة سيارة أجرة من الصنف الأول، ثم عمل كمياوم، وذلك إلى غاية سنة 2014 التي هاجر فيها للعمل كسائق شاحنة لنقل البضائع بإمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، بعد حصوله على تأشيرة، أقدم على تجديدها أكثر من مرة، ثم عاد إلى المغرب منذ حوالي سنة بصفة نهائية، بدعوى أزمة فرص الشغل، ولم يكن يعتقد أن اختياره طريق النصب والاحتيال والانتحال سيلقي به في المصير الذي هو فيه حاليا
وأثناء التحقيق معه، لم ينف ربطه لعلاقات جنسية وحميمية وغير شرعية مع عدة فتيات، ما جعله يهدر كل ما ادخره من رصيد مالي (10 ملايين سنتيم) عن طريق عمله بالديار الإماراتية، ليجد نفسه يمارس النصب عبر تقديم نفسه لضحاياه، وجلهم من العنصر النسائي، تارة بصفة رئيس للشرطة القضائية بولاية بني ملال، وتارة أخرى بصفة مسؤول بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية، كما يدعي امتلاكه لعلاقات واسعة بشخصيات وازنة، على مستوى مراكز القرار وأسلاك الأمن والقضاء، بهدف تسهيل اصطياد ضحاياه بطعم الوهم والسلب.
استدراج وتغرير
تمكن المعني بالأمر من استدراج ضحاياه من النساء بعد إيهامهن بقدرته على توظيف بعضهن في أسلاك الشرطة، وتهجير أخريات إلى دول الخليج في حال توصله منهن بصورهن الشخصية في وضعيات مخلة بالحياء العام، على أساس ما هو مطلوب من الاختيارات والمواصفات، حسب زعمه، فيما تمكن من خداع بعض ضحاياه عن طريق إقناعهن بقوته في السحر لفائدة الراغبات في جلب الحظ والقبول، مقابل مبالغ مالية متفاوتة أو علاقات جنسية، حيث مكنته أساليبه وادعاءاته من استغلال ضحاياه جنسيا وماديا.
ووفق المعطيات الأولية، فقد تم وضع المعني بالأمر رهن تدابير الحراسة النظرية، بتعليمات من وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، وبعدها تقرر إيداعه السجن المحلي، في انتظار محاكمته بالمنسوب إليه، ذلك بعد إيقاف هذا الشخص، والذي ينحدر من منطقة زاوية الشيخ، بموقع وسط المدينة (قرب السوق المغطاة – المارشي)، من طرف فرقة أمنية وهو على متن سيارته الفارهة التي دخل بها المدينة، منذ فترة غير محددة، وأخذ في ممارسة أنشطته المثيرة بين أحياء وزوايا مختلفة على مستوى هذه المدينة.
ضحايا بالجملة
وجاء وقوع المعني بالأمر بيد الشرطة بناء على بلاغ منم شخصين عمد إلى مواجهتهما باستفزاز شديد، وتهديده إياهما بالحبس و»الجلوس على القنينات»، حيث أسرعت المصالح الأمنية إلى إيقافه، وبحوزته هاتفين نقالين، و3 صور نساء، إضافة إلى مبلغ مالي يفوق 4 آلاف درهم، وطلبات مسلمة له من مواطنات يرغبن في التشغيل أو التهجير، و8 أشرطة حاملة لحوالي 60 قرصا طبيا، ومجموعة من وصولات حوالات مالية مرسلة له عبر إحدى وكالات تحويل الأموال، عثر عليها بسيارته وأخرى ببيته بزاوية الشيخ إلى جانب وريقات عليها تعويذات على شكل طلاسم.
وبينما اعترف المعني بالأمر بالمنسوب إليه ضمن شكاية إحدى الضحايا (ش. أ) تتهمه بأنه وعدها بالزواج وهددها بنشر صور لها وهي عارية، أقرّ أيضا بما جاء ضده في شكاية ضحية أخرى (ح. ع) أوهمها بالتوسط لتشغيلها بأحد الأسواق الممتازة الكبرى، كما بقدرته على التوسط لفائدة شقيق لها معتقل بالسجن، لكونه على علاقة صداقة تربطه بقاض باستئنافية بني ملال، فيما اعترف أيضا بما جاء في تصريح لضحية ثالثة (و. ا)، كان قد تسلم منها وثائقها الشخصية على أساس إمكانية التوسط لها للاشتغال بسلك الشرطة بصفته مسؤولا بالأمن.
وفي ذات السياق، لم ينف المعني بالأمر المنسوب إليه ضمن شكاية ضحية رابعة (خ. ل) تمكّن من استدراجها بادعاء كونه مسؤولا رفيع المستوى يملك علاقات قوية بشخصيات خليجية تمكنه من تهجيرها للعمل هناك، فيما اعترف بما حملته ضده شكاية ضحية خامسة (ه. ح) هددها بالاعتقال، هي وصديقة لها، مدعيا صفته الأمنية المزعومة، وكذلك اعترف بالمنسوب إليه ضمن شكاية ضحية سادسة (ش. م) أوهمها بالتوسط لفائدتها لدى محكمة قضاء الأسرة في قضية تتعلق بنيابة شرعية مقابل 40 ألف درهم تسلم منها 2000 درهم.
ذلك فضلا عن اعتراف بتسلمه من طرف الضحية (ا. م) «طلب توظيف في منصب عريفة مقدم»، بعد ادعائه إمكانية التوسط لفائدتها لدى ولاية أمن جهة بني ملال خنيفرة، فيما أكد أن المبلغ الذي عثرت عليه الشرطة بسيارته (يفوق 4 ألف درهم)، زائد ما تسلمه بحوالات ووصولات مالية، كلها من عائدات ممارسته للنصب عن طريق أعمال السحر والشعوذة، أما بخصوص الأقراص الطبية التي عثر عليها بحوزته فأكد جلبها من إحداهن (س)، بالفقيه بن صالح، والتي يقوم ببيعها للفتيات على أساس استعمالها لتسمين المناطق الحساسة من الجسم.
اعتراف وإنكار
وبقدر إنكاره، في كل مراحل التحقيق، أن يكون مروجا أو مستهلكا للمخدرات الصلبة، أكد أن كل الصور الفوتوغرافية التي تحمل مشاهد لفتيات في وضعيات استعراضية أو مخلة بالحياء، أو تحمل صوره بصحبة فتيات، داخل سيارته، فكلها تخصه شأنها شأن الرسائل النصية، وكذا الفيديوهات، المسجلة بهاتفيه النقالين، وتوثق لما يقوم به من أفعال الدجل والشعوذة، ولعلاقاته وممارساته الجنسية مع بعض الفتيات اللواتي يعمد إلى عدم إظهار وجههن، مقابل تحريضه لهن على الهجرة من أجل ممارسة الدعارة بدول الخليج.
وفيما يتعلق بما اكتشفه المحققون على هاتفه من رسائل صوتية نسائية تنوه بحسن تعامل المعني بالأمر مع فتيات نجحن في الهجرة إلى دول الخليج لممارسة الدعارة، وحصولهن على الأموال الكثيرة واقتنائهن لسيارات فارهة، دون أن يفوت ذات الرسائل الصوتية تشجيع عموم الفتيات الراغبات في اللجوء إلى أحضان الخليج على التعامل الحسن مع المعني بالأمر، وهي رسائل يكون الأخير قد عمد إلى إنجازها وتأليفها بغاية جعلها طعما يصطاد به ما يكفي من الضحايا عن طريق كسب ثقتهن بسهولة، وهو الذي لم يفته الاعتراف بتوفره على حسابين ببنكيين مختلفين.