كتاب وشعراء ونقاد ينعون الراحل إدريس الخوري

العياشي أبو الشتاء: عاشق الحياة

الكاتب والشاعر والصحفي العياشي أبوالشتاء نعى صديقه الراحل على صفحته بالفايسبوك قائلا :
رحم الله ادريس الخوري كاتبا وعاشقا للحياة.
صورة تؤرخ لمناسبة ثقافية في أحد فنادق الدار البيضاء.
من اليمين: محمد زفزاف، محمد الهرادي، العياشي أبو الشتاء، الراحل ادريس الخوري، والصحافيان: عبد الرحيم التوراني وحسن عمر العلوي.
كتب الراحل ادريس الخوري بخط يده على ظهر الصورة:
التاريخ 18 غشت 1980 . المكان: فندق المنصور _ البيضاء _
“تستطيع جماعة النميمة أن تقفز فوق حاجزها الطبقي وتتسلق جدران المنصور داخل هذا الفضاء تتكربع الجماعة عبر مستويين : الفندق ومطعم شاطو بريان . في هذه الحالة تحضر الكتابة كحضور رومانسي ونرجسي . إن الجماعة خارج زمنها، لكنها داخله عبر القنينات المجانية . هل الجماعة منسجمة ؟ في الشراب فقط، أما الاختيارات فلا . إننا نراوح في زمن الرذيلة الذي يجعل من مجرد صورة فوتوغرافية امتيازا لا حد له نحو الشهرة . من نحن؟ نحن مجرد مقالعية بالدار البيضاء: لا هوية لنا إلا الكلمة، لا تاريخ لنا إلا الفقر، لا مستقبل لنا إلا اليأس . فمن يسمعنا ؟ لذلك، مطلوب منا أن نحافظ على علاقتنا الإنسانية ولو في مجال الصورة”.

ذ.عبد السلام المساوي: مفرد بصيغة الجمع

ذ.عبد السلام المساوي كتب عن رحيل إدريس الخوري، المفرد بصيغة الجمع:
“في البدء كانت الكلمة، كلمة اقرأ، كلمة أكتب، كلمة إدريس…قرأت وكتبت، كتبت وأبدعت؛ أنت مفرد بصيغة الجمع : أنت الكاتب والصحافي، القاص وصاحب المقالة، أنت الناقد والساخر، أنت المناضل والشجاع، أنت ولا أحد غيرك ؛ أنت الثوري بمعنى القناعة والالتزام، أنت الحياة بروح الوجود …أنت اللحن والنغم …أنت الكلمة …أنت إدريس الخوري والبقية تأثيث …
ظل إدريس الخوري ملتزما ومتمسكا بأسلوبه العادي في الحياة إلى أن غادرنا، تاركا وراءه أوراقا تشهد أنه أحد الأقلام الرفيعة والموهوبة مرت من هنا وتركت بصمتها القوية في مسار صحافة راقية وكتابة عالية المستوى.”
أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت…
نعم لم تمت ولكن ساهمت في اقتلاع الموت من وطننا …ساهمت في إسماع صوت الانسان … الحرية والابداع …ساهمت في شق الطريق ، توضيح الرؤية وبناء المسار…
لما نطقت ..لما بدأت الكلام ؛ قلت ” لا ” …لا للاستغلال والمهانة…لا للذل والهوان …لا للقمع والاستبداد…لا للعار والخذلان …لا للنفاق والكتمان …لا للخيانة والنسيان …لا للجهل والخنوع ….الكلمة رمز الوجود في البدء والختم …من هنا كتبت وأبدعت …
هل نبكيك ؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا ….لا …لن نبكيك لأنك لم تنته بل بدأت …كنت البداية دائما …ستستمر …ستخلد…ستستمر في كل من يؤمن بالكلمة …في كل من عرف أنك كنت تزرع الابداع وتزرع الجمال ….وتزرع حب الانسان …تزرع حب الحياة …
مسار مكتوب بالمعاناة والعشق …. لكنه موشوم بالابتسامة والتفاؤل …كنت تعشق الكلمة …تعشق الحياة …إنك إدريس الخوري …
اعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت
“ما هموني غير رجال الا ضاعوا ….” لا ثم مليون لا ، الرجال لا يضيعون …الرجال لا يموتون …
كان مبدعا …أصيلا متأصلا…
السلام عليك يوم ولدت …والسلام عليك يوم رحلت …والسلام عليك يوم تبعث حيا نظيفا…
ادريس صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات الضيقة والفسيحة
لن أقول وداعًا ادريس
لأنك لا تودع
أنت ترحب دومًا
وأنت اليوم لم تفعل سوى أنك حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن، وهي التي تصون، برفق وفرح، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل …
وبوفاة الكاتب إدريس الخوري، يكون المغرب الإنساني والإبداعي والإعلامي، قد فقد إنسانا نادرا واستثنائيا، وكاتبا كبيرا، ومبدعا رفيعا وملتزما، وصديقا وفيا للشعب المغربي، بمختلف شرائحه الثقافية الاجتماعية، وأحد من خدموا الثقافة والصحافة والإبداع الأدبي المغربي، بشكل قل نظيره، على مدى عقود من الكتابة والإبداع والحضور والنضال .

عبد الإله الصالحي: كازا تبغُ الخوري الأثير

الشاعر والإعلامي عبد الإله الصالحي، المقيم بفرنسا استعاد ذكرياته مع الراحل ، وبالضبط عن سيجارة الخوري المفضلة “كازا”:

علبة تبغ كازابلانكا هي الذكرى الثمينة التي أحتفظ بها من يد بّا دريس الخوري، ممهورة بتوقيعه وإهداء منه ذات ليلة عام 2012 في بار بحي المعاريف الذي يعزه في مدينة كازابلانكا. والخوري هو الكاتب المغربي الوحيد الذي ظل وفيا لتدخين هذا الصنف الأرخص من السجائر في المغرب، والذي عادة ما يدخنه الفقراء والمشردون. أيضا لا شك أن هناك علاقة بين دخان كازا ومدينة كازابلانكا لأن الخوري كاتب بيضاوي عظيم وابن كازا حتى لو أنه عاش نصف حياته في الرباط وما جاورها.
وبغض النظر عن هذا التبغ “الرخيص” كان الخوري شعبيا في كل شيء، وأذواقه تشبه أذواق المغاربة المتواضعين اجتماعيا لا في اللباس ولا في التبغ ولا في الخمر.
مرة في بار شعبي أعتقد أن اسمه Chez Jack في حي المحيط قرب الكنيسة في الرباط في بداية التسعينيات، حرص على أن تحضر الفاكهة في الطاولة بدل اللحوم أو الأسماك ورأيته يحشو ورقة من مئة درهم في جيب مغني أعمى ثم وقف ولثم جبينه وساعده على الوقوف رغم أن بّا دريس كان لا يقوى على الوقوف سوى بالعكاز.
أيضا التقيته في باريس عندما كرمه معهد العالم العربي عام 2003 وكم ضحكنا عندما كان يصب الماء في نبيذ فرنسي فاخر رغم احتجاج النادل الفرنسي الأنيق والمتمرس في فن الشراب لأنها كانت دوما عادته مع النبيذ المغربي الرخيص….
الخوري، وهو صديق والدي قبل أن يصير صديقي، كان ابن بيئته وجاهد كي يكتب ويبدع ويتنفس في هذه البيئة. صال وجال وعربد وتخاصم وسقط ونهض ..كتب وتوقف ثم كتب وصمت وشتم وبصق… وكانت فيه خصال وعيوب يعرفها الجميع لكن عيبه الوحيد هو أنه لم يكره أبدا الناس لأنه ولد الناس.
كاسك بّا دريس وتصبح على خير”


بتاريخ : 18/02/2022