لشهب يترجم «ما وراء الغرب» لشتيفان فايدنر

كيف نتعامل بحذر مع إرثنا الثقافي ومع الإرث الغربي في الآن ذاته

 

عن دار النشر والتوزيع „مؤمنون بلا حدود“، صدرت الترجمة العربية لكتاب „ما وراء الغرب Jenseits des Westens“، للألماني شتيفان فايدنر Stefan Weidner، وتمت الترجمة من طرف د. حميد لشهب. ويعتبر الكتاب من الأهمية بمكان للباحث والباحثة، والطالب والطالبة العرب، وجمهور المهتمين بعلاقتنا بالغرب، بل يُعتبر من أهم المراجع حاليا في الفكر والفلسفة وعلم النفس وعلم الإجتماع واللغة وحوار الثقافات إلخ، لأن المؤلف فايدنر استثمر تكوينة الغني في تخصصات متعددة، لتأليف هذا المؤلف القيم بكرم فكري قل نظيره.
في تقديمه للكتاب كتب المترجم حميد لشهب:
الأربعة أجزاء المكونة لـ «ما وراء الغرب» هي بمثابة أوراش مفتوحة على بعضها البعض، يمكن قراءة كل جزء على حدة، أو باستقلال تام عن الأجزاء الأخرى، دون أي مشكل. إلا أن هناك خطا ناظما بين أوراش الكتاب، يتمثل باختصار في عرض طريقة جديدة للتعامل مع الإرث الغربي فكريا وسياسيا وثقافيا وأيديولوجيا إلخ. وبهذا فإن الكتاب هو إضافة نوعية لفهم علاقة الغرب بدوائر ثقافية مختلفة، قوامها النقد الذاتي الواعي والمسؤول، لكاتب ألماني، وعى في مساره العلمي المشاكل العويصة التي تشكلها الهيمنة الغربية الحالية على العالم، وصعوبة بناء سلم عالمي دائم بين حكومات شعوب هذا العالم. إضافة إلى هذا ينطلق المؤلف من خلفيات فكرية متحررة بما فيه الكفاية من النزعة المركزية الغربية، وهذا ما يسمح له بالدخول في حوار مسؤول ومستدام مع ثقافات مختلفة، وتعميق التأمل النقدي في أسس بناء قناطر بين الثقافات والحضارات، في سبيل غد إنساني أفضل للبشرية.
يجب أن يكون مثل هذا الوضوح الفكري قدوة للمفكر والباحث العربي لفتح أفق تفكيره والتخلص النهائي من موقفين متعارضين: إما شيطنة، وبالتالي رفض الغرب جملة وتفصيلا، وصد كل نوافذ وبوابات الحوار معه، وهو موقف لا يأتي فقط مما نسميه «المحافظين»، بل وأيضا من جهات أخرى. وإما الغطس في الثقافة الغربية جملة وتفصيلا، وقبول الإستغراب والتشويه الذي يتعرض له الباحث. والطريق الثالث الذي ندافع عليه منذ ما يناهز نصف قرن، موثّق بما فيه الكفاية في كتاب فالدنر هذا: التعامل بحذر مع إرثنا الثقافي ومع الإرث الغربي في الآن ذاته. ويتطلب هذا تلقيحا ضد أيديولوجيات بعينها، والتحلي بفكر يفوق ما هو نقدي محض، ليصل إلى لب الهدف من النقد: الإنسان في بعده الأنطولوجي، وحماية كرامته من عبث العابثين. ويقترح فالدنر مثل هذا التلقيح بطريقته الخاصة في هذا الكتاب.
شتيفان فالدنر غير غريب على المغرب وثقافته وأهله، ذلك أن المغرب كان البوابة التي فتحت له دخول العالم العربي الإسلامي وهو في ريعان شبابه، أثناء أول زيارة له للمغرب، ويبدأ كتابه «ما وراء الغرب» بذكرى هذه الزيارة، التي تبعتها زيارات أخرى، وتوجت بتأليف كتابه الآخر: «فاس: سبع مدارات»، الذي تدور أحداثة في المدينة القديمة لكل من فاس ومراكش. حاول تقديم الثقافة العربية في كتاباته للقارئ الناطق بالألمانية، ومن أهم ما ألفه في هذا الإطار هناك بالخصوص: المشرق الرائع . دليل آداب العالم الإسلامي، فيينا، 2004. «… ويشتاقون إلى إله جديد…». الشعر والدين في أعمال أدونيس، برلين 2005. دليل صراع الحضارات. لماذا يعتبر الإسلام تحديا؟ فرانكفورت 2008. كما ترجم للألمانية كتاب: ابن عربي. مترجم الرغبات. قصائد حب من العصور الوسطى العربية. سالسبورغ، 2016.


بتاريخ : 28/09/2024