للسيد‭ ‬لي‭ ‬فاي‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬صورة‭ ‬عالم‭ ‬متواضع،‭ ‬يتحدث‭ ‬بهدوء‭ ‬عال،‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬حدثا‭ ‬لن‭ ‬أنساه‮: ‮ ‬فاصل ونواصل

 
للسيد‭ ‬لي‭ ‬فاي‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬صورة‭ ‬عالم‭ ‬متواضع،‭ ‬يتحدث‭ ‬بهدوء‭ ‬عال،‭ ‬كان‭ ‬اللقاء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬حدثا‭ ‬لن‭ ‬أنساه‮.‬
وسررت‭ ‬سرورا‭ ‬خاصا‭ ‬حين‭ ‬التقيته‭ ‬أمس‭ ‬بفندق‭ ‬بيضاوي،‭ ‬بمناسبة‭ ‬افتتاح‭ ‬المنتدى‭ ‬المغربي‭ ‬الصيني‭- ‬الفرانكفوني‭ ‬للجامعات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المعنية،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬فعلته،‭ ‬هو‭ ‬أنني‭ ‬عرضت‭ ‬عليه‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬التقطناها،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬يوهان‭ ‬بالصين،‭ ‬أمام‭ ‬لوحة‭ ‬فنية‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬مدخل‭ ‬الجامعة‭ ‬‮…‬فرحنا‭ ‬بها‭ ‬واستعدنا،‭ ‬بواسطة‭ ‬المترجمة،‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬نتف‭ ‬ذلك‭ ‬اللقاء‮.‬
كان‭ ‬لتلك‭ ‬الزيارة‭ ‬وقع‭ ‬لن‭ ‬يخفت‭ ‬أبدا‮..‬
الجامعة‭ ‬توجد‭ ‬وسط‭ ‬غابات‭ ‬وبحيرات،‭ ‬كمجمل‭ ‬البنايات‭ ‬التي‭ ‬زرناها‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬عرضت‭ ‬علينا‭ ‬في‭ ‬الصور‮..‬استقبلتنا‭ ‬السيدة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬ذات‭ ‬فرنسية‭ ‬متزنة،‭ ‬وسلسة‭ ‬في‭ ‬لسانها‭ ‬الأسيوي‭ ‬الذلق‮..‬
قالت‭ ‬لعبد‭ ‬ربه‭ ‬الضعيف‭ ‬والسيد‭ ‬مستشار‭ ‬الرئيس‭ ‬وليم‭ ‬مصطفى‭ ‬أن‭ ‬ننتظر‭ ‬السيد‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬لي‭ ‬فاي،‭ ‬لأن‭ ‬طارئا‭ ‬ما‭ ‬فرض‭ ‬عليه‭ ‬بعض‭ ‬التأخر‮..‬
‭ ‬أدخلونا‭ ‬إلى‭ ‬قاعة‭ ‬مطعم،
وها‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬لي‭ ‬فاي‭ ‬يلج‭ ‬القاعة،‭ ‬ببذلة‭ ‬سوداء‭ ‬وربطة‭ ‬عنق‮.‬
سلم‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬من‭ ‬اصطحبونا‭ ‬من‭ ‬أطر‭ ‬الجامعة‮..‬
جامعة‭ ‬يوهان،‭ ‬عاصمة‭ ‬جهة‭ ‬خوباي‭ ‬الصينية‭. ‬‮…‬
بعد‭ ‬السلام،‭ ‬طلب‭ ‬منا‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬ربطات‭ ‬العنق‭ ‬بابتسامة‭ ‬محتشمة،‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬نادرة‭ ‬لديه‭ ‬لأنها‭ ‬أثارت‭ ‬استغراب‭ ‬الوفد‭ ‬الحاضر‭ ‬من‭ ‬الجامعة‮..‬
وفي‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬الحوار،‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬التعريف‭ ‬بالفندق‭ ‬ونوعية‭ ‬المطبخ‭ ‬ورأيَنا‭ ‬فيه،‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬نظام‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬يوهان‮..‬بدأ‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬للجامعة،‭ ‬وموقعها‭ ‬في‭ ‬خارطة‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬بالصين،‭ ‬باعتبارها،‭ ‬وهي‭ ‬معلومات‭ ‬وجدناها‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬في‭ “‬كاطالوغ‭” ‬التعريف‭ ‬الرسمي‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مواقع‭ ‬الصين‭ ‬بالعربية،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أقدم‭ ‬الجامعات‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬الحديثة‮.‬‭ ‬
ويرجع‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬عهد‭ ‬‮«‬تسى‭ ‬تشيانغ‮»‬،‭ ‬تأسست‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1893‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تشانغ‭ ‬تسي‭ ‬تونج،‭ ‬حاكم‭ ‬خوباى‭ ‬‮.‬‭ ‬و‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬تأسست‭ ‬الجامعة‭ ‬الجديدة‭ ‬بعد‭ ‬دمج‭ ‬الجامعة‭ ‬الأصلية‭ ‬ويوهان،‭ ‬جامعة‭ ‬يوهان‭ ‬الهيدروليكية‭ ‬والهندسة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬جامعة‭ ‬يوهان‭ ‬التقنية‭ ‬للمسح‭ ‬ورسم‭ ‬الخرائط،‭ ‬وجامعة‭ ‬خوباي‭ ‬الطبية‮.‬‭ ‬‮..‬
‭ ‬تعتبر‭ ‬‮”‬الجامعة‭ ‬الأكثر‭ ‬جمالا‭ ‬في‭ ‬الصين‮”‬‭ ‬مع‭ ‬وضع‭ ‬استثنائي‭ ‬ورائع،‭ ‬يغري‭ ‬بالنزهة‭ ‬واستملاح‭ ‬التجوال‭ ‬والبقاء‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الجامعي‮..‬‭ ‬وقد‭ ‬وقفنا‭ ‬طويلا‭ ‬نتأمل‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الفاره‭ ‬من‭ ‬خضرة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬أراضي‭ ‬كونفشيوس‮..‬
تقول‭ ‬المعطيات‭ ‬الرسمية،‭ ‬إن‭ ‬الجامعة‭ ‬تغطي‭ ‬مساحة‭ ‬2‭.‬52‭ ‬مليون‭ ‬متر‭ ‬مربع‮.‬‭ ‬لها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفضاءات‭ ‬الشامخة‭ ‬والمباني‭ ‬الفخمة،‭ ‬والتي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬الصينية‭ ‬والغربية،‭ ‬وتعتبر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬بأنها‭ ‬كلاسيكية‭ ‬ورشيقة‭ ‬في‭ ‬النموذج‮.‬‭ ‬حاليا،‭ ‬WHU‭ ‬لديها‭ ‬حوالي‭ ‬52000‭ ‬طالب‮….‬
‭ ‬وفي‭ ‬سؤال‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬التعليمي‭ ‬يخص‭ ‬التسجيل‭ ‬الطلابي،‭ ‬قلت‭ ‬للسيد‭ ‬لي‭ ‬فاي‮:‬‭ ‬هل‭ ‬لكل‭ ‬الحاصلين‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬الباكالوريا‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التسجيل؟
فكان‭ ‬جوابه‭ ‬قاطعا:كلا‮…‬
النظام‭ ‬يقتضي‭ ‬امتحانا‭ ‬أو‭ ‬مباراة‭ ‬يجتازها‭ ‬التلميذ‭ ‬بنجاح‭ ‬لكي‭ ‬يصبح‭ ‬طالبا‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬يوهان‭.‬
وتوالى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الجامعة‭ ‬ونظامها‮:‬‭ ‬يجتاز‭ ‬الطلبة‭ ‬مباراة،‭ ‬ذات‭ ‬مواد‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬الصيني‮..‬
ولا‭ ‬يجتازه‭ ‬عادة‭ ‬بنجاح‭ ‬سوى‭ ‬45‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬؟
ماذا‭ ‬يفعل‭ ‬الباقي،‭ ‬سألته‮:‬
الباقي‭ ‬إما‭ ‬يتوجه‭ ‬إلى‭ ‬العمل
‭ ‬أو‭ ‬التكوين‭ ‬أو‭ ‬الجامعات‭ ‬الجهوية‭ ‬أو‭ ‬المحلية‮..‬
كم‭ ‬تكلف‭ ‬الرسوم‭ ‬التسجيلية؟
بدا‭ ‬لي‭ ‬بعض‭ ‬التردد‭ ‬لديه‭ ‬في‭ ‬الجواب‭ ‬عن‭ ‬السؤال،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬القضية‭ ‬التعليمية،‭ ‬وما‭ ‬نصطلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬بالمجانية،‭ ‬لاسيما‭ ‬في‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬تشكل‭ ‬نقطة‭ ‬نقاش‭ ‬وطني‭ ‬كبير،‭ ‬ولهذا‭ ‬نريد‭ ‬الاستئناس‭ ‬بالمثال‭ ‬الصيني‮…‬‭.‬
هنا‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬الرسوم‭ ‬التسجيلية‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬ 8‭ ‬آلاف‭ ‬درهم‭ ‬مغربية‮..‬
وأن‭ ‬التكلفة‭ ‬العامة‭ ‬للدراسة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬طالب‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬سنويا‭ ‬إلى‭ ‬ستة‭ ‬ملايين‭ ‬سنتيم‭ ‬مغربي‮..‬
وتقول‭ ‬الوثائق‭ ‬المرخص‭ ‬بها‭ ‬إن‭ ‬‮«‬تكاليف‭ ‬دراسة‭ ‬درجة‭ ‬البكالوريوس‭ ‬في‭ ‬الجامعة‭ ‬تبلغ‭ ‬4‭.‬500‭ ‬دولار،‭ ‬و‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬5‭.‬700‭ ‬دولار‭ ‬أما‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬فتقدر‭ ‬بـ7‭.‬000‭ ‬ دولار‭ ‬سنويا‮»….‬
بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يوهان‭ ‬تعد‭ ‬تكاليفها‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأقل‭ ‬في‭ ‬الصين‮..‬
وماذا‭ ‬تفعلون‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الطالب‭ ‬قد‭ ‬فاز‭ ‬ولكن‭ ‬وضعه‭ ‬المادي‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬بدفع‭ ‬هذه‭ ‬التكاليف؟
‮-‬ نمنحه‭ ‬قرضا‭ ‬من‭ ‬بنك‭ ‬عمومي‭ ‬بلا‭ ‬فائدة،‭ ‬يعيده‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬‮..‬
ولكن‭ ‬الجامعة‭ ‬تفتح‭ ‬الأبواب‭ ‬للطلبة‭ ‬الذين‭ ‬يتوفقون‭ ‬في‭ ‬نشاطات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬الدراسة‭ ‬
أو‭ ‬اجتياز‭ ‬المباراة،‭ ‬وذلك‭ ‬بإبداء‭ ‬الموهبة‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الفن‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬نشاطات‭ ‬موازية‭ ‬أخرى‭.‬‮…‬‭ ‬
عندما‭ ‬غادرنا‭ ‬الجامعة،‭ ‬كان‭ ‬الإعجاب‭ ‬يزاحم‭ ‬الحيرة،‭ ‬والترقب‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي‭ ‬لدينا‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬أبدا‭ ‬نقاشات‭ ‬البدايات‮..‬


الكاتب : عبد الحميد جماهري

  

بتاريخ : 31/10/2018