تدخل عملية تسمية الشوارع والأحياء والساحات العمومية ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعات الترابية، وتحكمها حزمة من الضوابط القانونية والأخلاقية التي تستدعي التقيد بها . فالطلب على المدينة لا يقتصر على الإسمنت، والكهرباء، والسير والجولان … بل من بين ما يسعى له الحفاظ على هويتها وذاكرتها ، وذلك بجعل فضائها العام تنبعث من أسمائه عبق التاريخ ، ونسائم الرموز الوطنية والمحلية من رياضيين، وسياسيين، وأدباء، ومثقفين، وجنود، وفنانين… وفي المقابل يجوز كذلك للمجالس الجماعية إعادة النظر في بعض الأسماء التي تحملها الشوارع والساحات والمرافق العمومية إذا تبين، بعد التحقق من هوية صاحب الاسم الذي يحمله هذا الشارع أو ذاك ، بأنه رمز من رموز الكراهية ، واحتقار البشرية … وهي بالمناسبة عملية كانت مدن فرنسية مسرحا لها سنة 2015 ، وأطرها شعار “حملة غسل العار”.
وحرصا من الملك محمد السادس على الحفاظ على التراث الحضاري للمملكة ، والتراث الثقافي لكل مكونات المجتمع المغربي ، فقد كان قد أصدر تعليماته للسلطات والهيئات المعنية بمراكش من أجل إعادة الأسماء الأصلية لأزقة وساحات حي الملاح ، وذلك بمناسبة زيارته للمدينة العتيقة نهاية 2016 التي كانت تخضع لعملية التأهيل .
سياق هذا المدخل يفسره ما حملته شكاية توصلت بها الجريدة من ساكنة بزنقة متفرعة عن الساحة التاريخية لحي الرويضة ، يطالبون فيها المجلس الجماعي “بإزالة اللوحة الحائطية التي فاجأتنا باسم غير اسم دربنا الحقيقي الذي هو درب أولاد عمر حيث سجلت جميع وثائقنا باسمه منذ عهد أجدادنا ….”. ويستفاد من الشكاية ذاتها بأن ساكنة الزنقة المذكورة طرقت أبواب المجلس الجماعي أكثر من مرة ، ووضعت بإدارته شكايتين من دون أن تكلف المؤسسة المنتخبة ( السابقة والحالية ) نفسها عناء التفاعل السريع مع مطلب الساكنة رغم أن عملية تغيير اسم الزنقة باسم آخر ، تمت خارج القانون ، وفي ظروف غامضة ، وترتب عن هذا الفعل “إتلاف معاشات الأرامل وحوالاتنا ورسائلنا البريدية ، والوثائق الإدارية …”، تقول الشكاية.
المعطيات التي توفرت للجريدة بعد مراجعتها لمصادرها المتعددة ، تشير كلها إلى أن عملية وضع اسم جديد للزنقة المذكورة بدل الاسم الأصلي الذي حملته لعقود من الزمن ، تمت في عهد المجلس الجماعي السابق ، وذلك بمناسبة ورش تأهيل المدينة العتيقة ، إلا أن إدارة المجلس الجماعي، يشدد نائب لرئيس الجماعة، لا توجد بحوزتها أية وثيقة تثبت بأن المجلس الجماعي سبق له أن صادق على تغيير اسم هذه الزنقة ….. وأضاف فاعل جمعوي يشتغل على الموروث المادي واللامادي للمدينة العتيقة بوزان ، بأن “ما تعرضت له هذه الزنقة وأزقة أخرى يعتبر جريمة في حق ذاكرة المدينة العتيقة بوزان ، وتراثها الثقافي” ، ووجه نداء للمجلس الجماعي من أجل تدارك الأمر ، وذلك بالتفاعل السريع مع مطلب ساكنة درب أولاد بن عمر بحي الرويضة، المتشبثة بهذا الاسم الذي جاء “تغييره خارج القانون ، وفي ظروف غامضة” .
لم يراع المرجعية التاريخية للمدينة العتيقة : تأهيل أحياء بوزان يثير انتقاد الساكنة والفعاليات المدنية
الكاتب : محمد حمضي
بتاريخ : 29/06/2018