لَا أَعْتَذِرُ،
وَ الرَّحَى تَطْحَنُ الْقَدَرَ
لَا أَعْتَذِرُ،
وَ قَدْ أَتْحَفَ اُللَّيْلُ غَرَائِزَهُ الْوَحْشِيَّةَ
لَا أَعْتَذِرُ،
وَ رُعْبُ الصَّغِيرِ فِي عَيْنَيْهِ
لَا أَعْتَذِرُ،
وَ شَمْسُ اللهِ غَرِيبَةٌ عَنْ أَرْضِ الْأَنْبِيَاءِ
وَ الشُّعَرَاءِ
لَا أَعْتَذِرُ،
وَ الْبَرِيدُ مُعَطَّلٌ… إِلَّا ِفي نَعْيِ الشُّهَدَاءِ.
اَلثَّلْجُ مَرْعَى
اَلْوَيْلُ عَمَّرَ
اَلْخَرَسُ شَاعَ،
وَ حُدُودُ الْمَحَطَّاتِ، ذِكْرَى بَعِيدَةٌ،
فَلَا أَعْتَذِرُ.
لِلنِّسْوَةِ وَرْطَةُ إِرْضَاعِ الْجُثَثِ،
وَ قُلُوبُهُنَّ تُزَغْرِدُ لِلثَّكَلِ،
فَكَيْفَ أَعْتذِرُ؟!
اَلْمَآتِمُ أَعْرَاسٌ، وَكُلُّ شِبْرٍ
فِي الدَّمَارِ وَجَعٌ.
اَلْأَنِينُ صَيْحَةٌ مَغْدُورَةٌ،
وَ صَلِيلٌ لِلْفَجْعِ،
فَهَلْ أَعْتذِرُ؟!
لَا أَعْتَذِرُ،
وَإِنْ عَادَتْ لِلْقِطَطِ أُلْفَةٌ،
أَوْ غَادَرَتْ، مَرْعُوبَةً، كُلُّ الْفَرَاشَاتِ
أَرْضَ النَّارِ الْمَحْرُوقَةَ…
لَا أَعْتَذِرُ،
وَ إِنْ سَئِمَتْ عُيُونٌ مَجْرَى الدَّمْعِ
أَوْ نَاوَرَ الرِّثَاءُ حَسِيسَ الضَّيَاعِ.
لَا أَعْتَذِرُ…
كَيْفَ أَعْتَذِرُ؟!
وَهَا فَاحَ عَنِ السَّعتَرِ إِرْثُ الْقَتِيلِ
وَ الْكَوَابِيسُ، مَا احْتَرَفَتْ سُبُلَ الرَّحِيلِ
وَ لَا الصُّبْحُ اُنْفَلَقَ عَلَى سُخَامِ الْجَلِيلِ.
لَا أَعْتَذِرُ،
وَإِنِ اُعْتَذَرْتُ، فَهَلْ لِعُذْرِيَ عُذْرٌ ؟!
لَا أَعْتَذِرُ،
قَدْ هَاجَتْ مُحِيطَاتُ الدَّمِ،
نَازَعَتِ الْأَرْضَ مَوَاسِيرُ النَّزِيفِ
اُخْتَلَطَتْ بِذَرَّاتِهِ وَنَهَشَتْ
عُرُوقَ النَّبْضِ الْأَخِيرْ…
فَلَا أَعْتَذِرُ !!
لَا أَعْتَذِرُ،
وَإِنْ أَطَلَّ زَهْرٌ جَدِيدٌ خَلْفَ سِيَاجِ الظِّلَالِ،
مَا عَلِقَ بِهِمِنْ بَلَلٍ أَسَاحَ الظَّلَامَ.
كَيْفَ أَعْتَذِرُ…
وَ كُلُّ الطُّيُورِ هَاجَرَتْ سَمَاءَ غَزَّةَ،
إِلَّا… زَغَبَ فِرَاخِهَا الْمُقَاوِمَ.
لَا أَعْتَذِرُ،
قَدْ نَفِدَ الشَّرْقُ
نَفِدَ الشَّرْقُ، تَاهَ الشَّرقُ
نَفِدَ الشَّرْقُ، غَابَ الشَّرْقُ
نَفِدَ الشَّرْقُ، مَاتَ الشَّرْقُ،
عَانَقَهُ الْغُبَارُ، عَلَاهُ نَشِيدُ الْوَدَاعِ،
وَ مَا أَعْيَاهُ السَّفَرُ الْمَحْمُومُ بَيْنَ الْخِيَامِ !!
لَا أَعْتَذِرُ،
حِينَ تَئِنُّ الْأَجْسَادُ،
وَ لَا… تُتْقِنُ أَضْلَاعُهَا غَيْرَ الْمَوْتِ…
فَهَلْ أَعْتَذِرُ ؟!
عَمَّ أَعْتَذِرُ ؟!
وَ قَدْ صَمَّمَ الْفَرَحُ عَلَى غِيَابٍ أَبَدِيٍّ، طَوِيلْ.
هَلْ أَعْتَذِرُ
عَنْ مَوَاعِيدَ تُخْلِفُهَا كَرَارِيسُ الْأَطْفَالِ؟
وَ عَمَّا تَبَقَّى مِنْ رَعْشَةِ الْأَرَاجِيحِ؟!
هَلْ أَعْتَذِرُ
عَن صُرَاخِ الْمَلَاعِقِ وَالْأَوَانِي الْمُهَشَّمَةِ؟
لَا، لَا، لَا، أَبَداً لَنْ أَعْتَذِرَ،
وَكُلُّ الْجُدْرَانِ بَاتَتْ بِهَنْدَسَةٍ مُوَحَّدَةٍ !!
فَمَنْ يَخْتَارُ اُسْمَهُ بَيْنَ رُكَامِ الرَّذَاذِ وَ النَّدَى؟
مَنْ يُسَيِّجُ لِلْأَرْضِ قُبَّةً عَارِيَةً أُخْرَى؟
مَنْ يَسْتَقِلُّ عَنْ سَمَاءٍ مُغَبَّشَةٍ حَرَّى؟
مَنْ تُغْرِيهِ رَفْرَفَةٌ صَوْبَ الْغِيَابِ الْكَبِيرِ؟
مَنْ؟
مَنْ ؟
لَا… لَا أَعْتَذِرُ…لَنْ أَعْتَذِرَ…
لَيْسَ لِي أَنْ أَعْتَذِرَ…
بِئْسَ الْعُذْرُ،
إِنِ اُخْتَرْتُهُ بَيْنَ الْمُعْتَذِرِينَ !!