من هو مسافر المستقبل؟ وماهي انتظاراته؟ طُرح هذا السؤال في ندوة خاصة نظمت يوم الثلاثاء 25 أكتوبر الجاري في إطار اجتماع المجلس الدولي للمطارات المنعقد بمدينة مراكش، بمشاركة حوالي 500 مشارك من مسيري المطارات من مختلف أنحاء العالم والمتدخلين في صناعة الطيران.
الندوة التي شارك فيها كل من جويس كارتر رئيسة إدارة مطار هالفكس الدولي بكندا، وماركو ترونكون المدير العام لمطار روما، وأشكين دمير المدير العام لمطار ليما أبيد سوما بالسنيغال، أبرزت آثار جائحة كوفيد 19 في تغيير الملامح الاقتصادية والاجتماعية لزبناء الطيران، حيث بينت الإحصائيات أن المسافرين من أجل غرض مهني قد تراجع عددهم مقابل ارتفاع في عدد المسافرين من أجل غرض شخصي كالسياحة أو التطبيب أو زيارة الأقارب، وهو ما يطرح السؤال حول حاجيات مسافر المستقبل من المطارات والطيران، وسبل تلبية انتظاراتهم، ودور توظيف التكنولوجيات في ذلك.
المشاركون أكدوا أن التكيف مع ما فرضته الجائحة من متغيرات أثرت في «بروفايل» زبناء المطارات، يمثل ضرورة ملحة للرفع من مستوى الاستجابة لانتظاراتهم. فمع الأزمة الوبائية ظهر بعد آخر في انتظارات المسافر وأولوياته التي يوجد على رأسها السفر في ظروف آمنة، حيث أصبح للسلامة والأمن بعد صحي لم يكن حاضرا من قبل. وهو ما دفع التفكير في صحة كل من يعمل بالمطارات أو يستعملها، إلى واجهة انشغالات مدبري هذه المرافق الحيوية. وفي هذا السياق قالت جويس كارتر رئيسة مطار هالفيكس بكندا « المسافرون ينتظرون نفس مستوى الخدمة التي كانت تقدم لهم قبل الجائحة، والكثير منهم لا يتفهم الظروف الصعبة التي مرت منها المطارات خلال فترة انتشار الوباء»، مؤكدة أن أحسن طريقة لتقريب الانتظارات مع مستوى الخدمات هو جعل المسافر، وهو في بيته، على بينة بشكل مسبق من ظروف سفره، ابتداء من الحجز إلى النزول من الطائرة.
ماركو ترونكون مدير مطار روما، أكد بدوره أن هناك وضعية تتطور تتعلق بانتظارات الركاب وحاجيات المطارات التي ترتبط بشكل نسقي بهذه الانتظارات، حيث قال « الحاجة الملحة الأولى اليوم هي العودة للسفر، فالناس يريدون السفر رغم الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والقلق الناتج عن الأزمة الوبائية والطاقية وغيرها.. الانتظارات تبقى هي دائما من حيث الطبيعة وهي السفر في ظروف مريحة وآمنة، أما التغير فيَهُمّ شكل الاستجابة لها بطريقة تتكيف مع التحولات السريعة التي تعرفها الحياة، ولذلك ينبغي استثمار الوسائل الرقمية أكثر لتسهيل مهمة المسافر وتفادي التعقيدات التي قد تواجهه في المطارات.».
وحسب تدخلات المشاركين، فمطارات العالم سجلت مع انتعاشتها التدريجية بعد تراجع انتشار الوباء، تراجعا ملموسا في سفر الأعمال، حيث أن ما يناهز 86 بالمائة من حركة الكثير من المطارات يشغلها مسافرون من أجل السياحة أو أغراض شخصية، في الوقت الذي انخفض فيه سفر الأعمال ب25 بالمائة. السبب في ذلك يعود، حسب مدير مطار روما، إلى تأثير التطورات التي يعرفها العالم على الشركات وموازناتها، و كذا ارتفاع تكلفة السفر في ارتباط بالأسباب ذاتها، الشيء الذي أثر على قرارات الشركات بخصوص السفر من أجل الأعمال، مفضلة الاجتماعات عن بعد وغيرها من البدائل لتفادي رفع النفقات.
وسبق الندوة عرض قدمته هيونغ لي نائبة الرئيس التنفيذي لمطار إنشون بكوريا الجنوبية، والتي اقترحت فيه على المشاركين استراتيجية إدارتها في تدبير تجربة الزبون وتقريب الخدمة التكنولوجية من اللمسة الإنسانية في إرضاء انتظاراته. وأكدت المتحدثة أن المطارات ليست مجرد مكان يركب فيه الناس الطائرات، بل هي فضاء سوسيو ثقافي يقضي فيه المسافر وقتا حافلا باللقاء مع الغير والانتظار، أي أنه يمارس حياة ينبغي الاستجابة لها. ولذلك تؤكد هيونغ لي على ضرورة الانتباه إلى الخدمة الثقافية داخل المطارات بتوفير فضاء لها، وجعل الولوج إلى المعلومة أكثر سهولة، بإنفاق أقل وقت وجهد ممكن في سبيلها من قبل المسافر، وذلك باستغلال التكنولوجيا الذكية، مع استغلال الروبوتات والتكنولوجيا المعززة رقميا، في الخدمات المقدمة لجعل تجربة الزبون بالمطار ممتعة.
وعرف مؤتمر المجلس الدولي للمطارات، وهو أكبر تجمع للمطارات بالعالم، تنظيم مجموعة من الاجتماعات وجلسات العمل، من بينها اجتماعات الجمعية العامة للمجلس الدولي للمطارات-العالم، ومجالس الإدارة للمجلس الدولي للمطارات-العالم والمجلس الدولي للمطارات-إفريقيا، واجتماعات المجموعات الإقليمية ، وتكوينات لفائدة المشاركين.
ومعلوم أن المجلس الدولي للمطارات،منظمة دولية تضم 700 عضو يمثلون أكثر من 1933 مطارا دوليا في 183 دولة، وتهدف إلى تعزيز مصالح المطارات الأعضاء وتعزيز التميز المهني في إدارة وتشغيل المطارات.
مؤتمر المجلس الدولي للمطارات بمراكش: تراجع سفر الأعمال بنسبة 25 بالمائة مقابل ارتفاع السفر لأغراض شخصية

الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص
بتاريخ : 28/10/2022