مبالغة الوالدين في تحذير الأطفال تجعلهم يعيشون التردد

الثقة بالنفس تتطلب تعزيزا وتقوية لتحقيق الأهداف المختلفة في الحياة
ندرك كلنا أن الثقة في النفس هي إحساس داخلي يفيد بأننا نستطيع أن نحقق أشياء صعبة وربما فيها الكثير من التحدي. الثقة هي إحساس ينمو حتى يصبح يقينا من أن الفرد لديه إمكانيات تؤهله للقيام بما يطمح إليه، والثقة بالنفس هي الحل السحري للعديد من الصعاب التي تواجهه، لذلك تجد كثيرا من الناس يسألون: كيف تُكتسب الثقة في النفس؟ وآخرون يسألون: كيف تسترجع الثقة في النفس؟
البعض يحسب أنه لم يكسبها يوما، والبعض الآخر يعتبر أنه كان واثقا من نفسه إلى أن فقد هذا اليقين بعد أن مرّ بظرف ما أو تعرض لتأثير شخص ما. فكيف تكتسب الثقة في النفس؟
قبل تحديد سبل اكتساب الثقة في النفس، يجب أن نعلم أن الإنسان يولد بميل أو استعداد طبيعي للثقة بالنفس، ومع المواقف التي يعيشها، يمكن لها أن تهتز ويأخذ مكانها الخوف والتردد، وأحيانا الانسحاب التام من عمل أو موقف ما. لذلك فالثقة ولكي تتعزز يجب أن يتم العمل على تقويتها تماما كما يتم العمل على بناء عضلات تخضع للتمرين لكي تتكون بشكل صحيح.
لاكتساب الثقة يجب القضاء على الخوف، الذي ومن أجل القضاء عليه يجب التوفر على الثقة في النفس. هي معادلة يصعب فيها تحديد المتغير المستقل والمتغير التابع.
إن اكتساب الثقة والقضاء على الخوف هما عملان متوازيان لا يتحقق أحدهما بدون الآخر ويرتكز الاثنان على مجموعة من الأساسات نذكر أهمها:
1- المحيط الاجتماعي: إذ يلعب دورا في تقوية أو نقصان الثقة في النفس، فالتربية على القمع هي التربية على الخوف وعدم الثقة في النفس. أيضا مبالغة الوالدين في تحذير وعدم تشجيع الطفل على خوض غمار تجارب جديدة، يجعله مترددا وغير واثق في قدراته.
لذلك فالتربية الإيجابية هي تلك التي تقوم على التشجيع وتقييم الأعمال الإيجابية وعدم المبالغة في التوبيخ والتركيز على التجارب الفاشلة.
2- التخلص من الأفكار السلبية: استباق الأحداث وإعطائها صورة فاشلة قبل وقوعها، يجعل الفرد يفقد الرغبة في القيام بالعمل ولا يرى الجدوى منه فيتراجع إلى الوراء ويتخلى نهائيا عن المحاولة وحتى إن حاول فسيفشل فعلا بسبب الأفكار السلبية التي تمت برمجة العقل عليها. «هاذ المادة صعيبة عمّرني ما غادي نفهمها، غادي نفشل فهذا الأمر، أنا فاشل، هاد الشي مابغاش يدخل لي لراسي، وعمروا ما غادي يدخل، الناس مكيحملونيش، مكنعرفش نكسب حب الناس…». حين يتم التشبع بأفكار من هذا النوع، عن طريق تكرارها والتأكيد عليها، فالعقل الباطن، يتصرف وينتج سلوكات بناء عليها والعكس صحيح. إذا بُرمِج على ما هو إيجابي:» هاد المادة ربما صعيبة ولكن أنا قادر أنني نحصل فيها على نقطة مزيانة إذا خدمتها مزيان..»،» كيفما عندي قدرات أنني ننجح في مجالات أخرى فعلاش ما ننجحش حتى فهاد المجال؟ هاد الصعوبات هي نقطة الانطلاق! اشنو خاصني ندير باش نتجاوزها!؟»…
فالأفكار الإيجابية تَمُدُّ الفرد بـ «مسافة فكرية» لكي يستعد للعمل، بعيدا عن الإجهاد النفسي السلبي المبني على الخوف والإحباط، وهي تعطي الرغبة والتحفيز وشعورا إيجابيا للانفتاح على الجديد والرغبة في المغامرة وحتى الإبداع.
3- وضع استراتيجيات لمواجهة الصعوبات: القضاء على الخوف لا يعني القضاء على الصعوبات، لذلك يجب التعرف على هذه الصعوبات وعلى مصدرها للتغلب عليها. في الدراسة مثلا إذا كان لدى المتعلم صعوبة في مادة ما فالقضاء على الأفكار السلبية والتفاؤل لا يكفيان للنجاح فيها بل يجب التعرف على مكامن الصعوبة، وبذل مجهود للتغلب عليها.
4- الوعي بالقدرات الشخصية: أحيانا الشخص يدرك شيئا ما و لا يعي أنه يدركه أو أنه ينسى النجاحات التي حققها ويركز فقط على التجارب الفاشلة.
5- تحديد الهدف الرئيسي و تفكيكه إلى مجموعة أهداف صغيرة: حين يكون الهدف كبيرا، من شأنه أن يخيف صاحبه ويظهر له على أنه يستحيل تحقيقه. لذلك فتقسيم الهدف إلى أهداف صغيرة، لا ينقص من حجم الهدف وإنما من حجم الخوف من تحقيقه. والأهداف الصغيرة تعطي انطباعا بأنها في المتناول، وعند تحقيق كل هدف صغير يعطينا ذلك نسبة من الثقة في النفس وحافزا لنحقق الهدف الصغير الذي يليه. يقول سينيك Sénèque: « ليس لأن القيام ببعض الأشياء أمر صعب، لذلك لا نقوم بها، بل لأننا لا نقوم بها لذلك تكون صعبة»


الكاتب : حنان الجراري *

  

بتاريخ : 26/04/2018