نشر موقع «بلومبيرغ» مقالا للكتّاب رودني جيفرسون ودارا دويل وأليكس موراليس، يقولون فيه إنه في الوقت الذي تتسارع فيه حملة الانتخابات العامة في منتصف شهر نوفمبر، فإن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أخذ وقتا للإمعان بوطنية في المستقبل.
وينقل الموقع عن جونسون، قوله للحضور في مصنع سيارات كهربائية، في وسط إنجلترا، في 13 نوفمبر: «خلال عشر سنوات أستطيع التنبؤ بثقة سنكون مواطنين في مملكة متحدة كاملة قوية وفخورة، أكثر وحدة من أي وقت مضى».
ويعلق الكتّاب قائلين في مقالهم إن «تصوير ذلك التعليق على أنه تنبؤ جريء بدلا من كونه كلاما مبتذلا يعكس مدى الفوضى التي آلت إليها البلد بعد أن صوتت على مغادرة الاتحاد الأوروبي عام 2016، وفي الوقت الذي تنقسم فيه إنجلترا حول كيفية القيام ببريكسيت، أو ما إذا كان يجب القيام به والمضي في البلد إلى الأمام، فإن الديناميكيا السياسية في المكونات الثلاثة الأخرى للمملكة المتحدة تبدو حول إن كان يجب أن تكون هذه البلاد موجودة أم لا».
ويشير الكتّاب إلى أنه «في إسكتلندا، حيث اختارت مناطقها كلها البقاء في الاتحاد الأوروبي، فإن الحزب القومي الإسكتلندي SNP يحاول جاهدا النجاح في الدوائر التي خسرها في 2017 الدعوة لاستفتاء آخر للاستقلال، وفي إيرلندا الشمالية دفع البريكسيت بموضوع الوحدة الإيرلندية إلى الأمام بعد عقدين من تسوية هذا الموضوع في اتفاقية الجمعة العظيمة، والحكومتان في كل من لندن ودبلن قلقتان من أن أي اختلال في التوازن الدقيق قد يؤدي إلى إشعال العنف الطائفي. وحتى في ويلز، التي دعمت مغادرة الاتحاد الأوربي، فإن استبيانا حديثا يظهر أن عددا أكبر من الناس يفكرون بتطليق إنجلترا، فهناك حزب يسعى للانفصال ويهدف إلى كسب عدد قياسي من المقاعد، ثم لتعيين لجنة لدراسة كيف يمكن للاستقلال أن يخدم ويلز».
ويلفت الكتّاب إلى أن «الفكرة من الانتخابات التي ستعقد في 12 ديسمبر هي أن تكسر الجمود في البرلمان، وحتى يمكن حل السيكو دراما بخصوص علاقتها بالقارة الأوروبية، لكن هناك سؤالا آخر يخيم بظله على الحملة: هل يمكن للبلد الذي توحد وبنى إمبراطورية أن ينهار من الداخل؟».
وينقل الموقع عن عضو الحزب القومي الإسكتلندي في مدينة أبردين النفطية، ستيفن فلين، قوله: «لدينا في الحقيقة فرصة متميزة للهروب من فوضى ويستمنستر (البرلمان البريطاني) لنبني مستقبلا لأنفسنا.. ورسالتنا هي فروا من كارثة البريكسيت على يد بوريس جونسون، التي تلوح في الأفق».
وينوه الكتّاب إلى أن «جونسون سارع إلى زيارة إسكتلندا في 7 نوفمبر، قبل مرور أسبوع على إعلان الانتخابات، في محاولة لحشد الدعم لاتحاد عمره 312 عاما، ومع ذلك فإن الكثير من الدوائر الرئيسية لحزب المحافظين لا يهمها إبقاء الشمال، ففي منتصف شهر نوفمبر، أظهر استطلاع قامت به (سكاي نيوز) بأن 41 % من المصوتين لصالح بريكسيت قالوا بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي يستحق خسارة إسكتلندا، بينما اختلف معهم 18% في هذا الموضوع، و17% قالوا إنه لا مشكلة لديهم أن تنفصل إسكتلندا عن المملكة المتحدة بغض النظر عن الظروف».
ويذكر الموقع أن إسكتلندا قد صوتت ذات مرة من أجل الاستقلال، في عام 2014، حيث كانت نتيجة الاستفتاء 55% مع البقاء في المملكة المتحدة، مشيرا إلى أن جونسون يرفض، كما فعلت ماي، الموافقة على استفتاء آخر، فيما قال عضو مطلع في حزب المحافظين إن استفتاء آخر لن يحصل ما دام المحافظون في الحكم.
ويستدرك الكتّاب قائلين: «إن أظهر بريكسيت شيئا، فهو أن التوقعات يمكن أن تكون سخيفة، وتصر زعيمة الحزب القومي الإسكتلندي، نيكولا ستيرجين، على أنه يجب حصول الإسكتلنديين على فرصة أخرى للتصويت على الانفصال الآن، حيث تغيرت الظروف في المملكة المتحدة، وتطالب باستفتاء العام القادم، وبعض أعضاء حزبها المتحمسين أكثر يطالبون بإجراء الاستفتاء دون الحصول على موافقة البرلمان، وهو ما امتنعت عنه حتى الآن، ويمكن لستيرجين أن تحصل على ما تريد: فقد عقدت اتفاق ائتلاف مع حزب العمال، الحزب المعارض الرئيسي، فإن لم يحصل جونسون على أغلبية يمكن أن يكون ثمن تأييد الحزب القومي الإسكتلندي لحزب العمال لتشكيل حكومة هو فرصة جديدة للاستفتاء على الاستقلال».
ويبين الكتّاب أنه «عندما قام جيرمي كوربين بجولة في إسكتلندا في أوائل نوفمبر، فإنه كان حريصا على التركيز على أجندته الاشتراكية، بالذات الإنفاق على الصحة وفرض الضرائب على الأثرياء، وقال إنه يمكن أن يكون هناك استفتاء آخر في إسكتلندا، لكن ليس في أول سنتين من حكومته، وتظهر آخر الاستطلاعات أن نتيجة أي استفتاء سيكون الهامش فيها ضئيلا، لكن الحزب القومي الإسكتلندي، الذي أدار الحكم الذاتي المحدود في إسكتلندا على مدى 12 عاما، واثق من أنه سيفوز في كثير من الواحد وعشرين دائرة التي خسرها لأحزاب منافسة في انتخابات 2017، عندما انتهى الأمر بالمحافظين أن يحتاجوا تحقيق مكاسب في إسكتلندا للحفاظ على السلطة، واستقالت زعيمة المحافظين في إسكتلندا بعد أن تسلم جونسون رئاسة الوزراء وهو ما أضعف الحزب هناك».
ويشير الكتّاب إلى أنه «في بلدة ستونهيفين الثرية على بحر الشمال، التي تبعد 15 ميلا جنوب أبيردين، يقوم البرلماني المحافظ أندرو بوي باستخدام صور ستيرجين على منشوراته، لا صور جونسون، في الوقت الذي يحاول فيه الحفاظ على مقعده، ويقول: (هي زعيمة الحزب القومي الإسكتلندي، وهي دائما تهدد بجلب المزيد من الانقسام والمرارة لهذا البلد.. أتمنى أكثر من أي شيء ألا أتحدث عن الاستقلال)».
ويؤكد الكتّاب أن «وحدة المملكة المتحدة تشغل الحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو أكبر حزب مؤيد لبريطانيا في إيرلندا الشمالية، (فعندما حصلت الجمهورية ذات الأغلبية الكاثوليكية على الاستقلال عام 1922، بقي الشمال الذي هو بروتستانتي بشكل رئيسي في المملكة المتحدة)، وقبل أن يعود جونسون من بروكسل بصفقة بريكسيت معدلة في أكتوبر، اصطف أعضاء البرلمان من حزب الاتحاد الديمقراطي مع حزب المحافظين لمنحهم أكثرية، لكنهم انقلبوا بسبب اتفاقية جونسون التي تتعامل مع أيرلندا الشمالية بشكل مغاير لتعاملها مع بقية المملكة المتحدة بعد بريكسيت، وهو ما يمكن أن يضعف علاقتها ببقية المملكة المتحدة، وهذا قد يدفع باتجاه (استفتاء على الحدود)، أو على توحيد جزيرة إيرلندا».
ويلفت الكتّاب إلى أن «أكبر حزب معارض للحزب الاتحادي الديمقراطي هو حزب شينفين، الذي يقود حملته تحت شعار (حان وقت الوحدة)، وينظر الحزب إلى الحسابات التي يستطيع بها الإطاحة بالنواب المعارضين لاستفتاء الوحدة، وفي الواقع فإن الأحزاب في جميع أنحاء المملكة المتحدة تسحب ترشيح أعضائها لتساعد الأحزاب المنافسة التي تحمل وجهة النظر ذاتها بخصوص بريكسيت لئلا تعطل عليها، ففي جنوب بلفاست، وهي منطقة غنية، ولا يحظى الحزب الاتحادي الديمقراطي بأغلبية، انسحب حزب شينفين ليعطي فرصة لمرشحة الحزب الديمقراطي الاجتماعي والعمال (القومي)، كلير حنا، وقد كان هناك تحول واضح في موقفها من الاستفتاء على الحدود».
ويورد الموقع نقلا عن حنا، قولها في مقهى حيث يمكن رؤية الأعلام البريطانية ترفرف على البنايات: «هناك تغير، فقد بدأ الناس مناقشة هذا الاحتمال بطريقة لم تكن موجودة قبل استفتاء بريكسيت».
ويعلق الكتّاب قائلين إنه «مع أن حنا تقول إن الوقت ليس مناسبا بعد للاستفتاء حول وحدة إيرلندا بسبب الوضع السياسي المحموم بشأن بريكسيت، فإن الانتخابات العامة القادمة قد تشكل المحفز لذلك إن كسب القوميون (الإيرلنديون) ما يكفي من المقاعد، وإن انتهى الأمر بحسابات البرلمان في ويستمنستر بأن يوافق على استفتاء إسكتلندي آخر فإن الأصوات المنادية باستفتاء في إيرلندا سترتفع».
ويجد الكتّاب أنه «هو الحال في إسكتلندا، فإن احتمال استفتاء على الوحدة في إيرلندا يعتمد على الحكومة البريطانية، والمقياس لتوقيت مثل هذه الاستفتاءات غير دقيق، وتنص اتفاقية الجمعة العظيمة على أنه يمكن أن يكون هناك استفتاء إذا رأى الوزير المسؤول عن إيرلندا الشمالية في الحكومة البريطانية احتمال وجود أكثرية تؤيد وحدة إيرلندا، وذلك من الصعب تقديره».
وينقل الموقع عن المستشار السابق لرئيسة الحزب الاتحادي الديمقراطي آرلين فوستر، ريتشارد بوليك، قوله: «كل انتخاب في إيرلندا الشمالية هو عبارة عن استفتاء صغير حول الوحدة.. لكن يجب علينا أيضا أن نكون حذرين من التفسير المبالغ فيه للنتائج».
ويختم الكتّاب مقالهم بالقول: «إن خسر الحزب الاتحادي الديمقراطي مقعدين لصالح الأحزاب القومية (في إيرلندا الشمالية)، فإن ذلك سيكون واضحا بما فيه الكفاية، أضف إلى ذلك فوزا مؤكدا للحزب القومي الإسكتلندي، الذي تشير الاستطلاعات إلى أنه ممكن، فإن شكل المملكة المتحدة سيبدو متزعزعا على الأقل».