مثلَ وترٍ خدشته يدٌ غامضةٌ

1- ما الذي يفعلُهُ
الغائبُ هناكَ؟:

الغرفةُ البيضاءُ هاجرتْ غطاءَها، وخرجتْ عاريةً.
الهواءُ باردٌ جدّاً، والطيورُ الثمانيةُ التي كانتْ تنامُ في قفصٍ واحدٍ،
تفرقتْ بها الرياحُ، بأجنحةٍ لا ريشَ فيها أوْ رسالةً.
أمّا الدمُ فمازالَ يحضُنُ ما تبقّى من شرايينَ تتوارى كَظلالِ أشباحٍ ليلاً.
الغُرفةُ مازالتْ مُغلقةً. والغائبٌ مازالَ يحضُرُ ظِلُّهُ،
كنهرٍ حفَرَ مجراهُ وغابَ في إطارٍ على الحائطِ.
هلْ نسيَ قطارَ الفحمِ في أمعائِها جائعاً،
أمْ أنَّ الحَبلَ السريَّ، الذي كان ينشرُ عليهِ غسيلَه كل صباحٍ، فقدَ الوِجهةَ؟
الدرَجُ نزلَ منه برصيدٍ فارغٍ، وسيرةِ غيابٍ مُتواليةٍ عن أخبارٍ كاذبةٍ،
أمّا قنديلُه فمازالَ يشيرُ إلى سفينةٍ مجهولةٍ فقدتْ بابَ الميناءِ،
وغادرتْ،
كطائرٍ تَفرقتْ به الأجنحةُ
في بِحارٍ ينقصُها
المِلحُ!

2- خرابٌ في الدرجِ:

في الحُلمِ الذي أسْكنُه، بدون عنوانٍ أوْ رُخصةِ إقامةٍ؛
في اليقظةِ التي تأتي أحياناً كملاكٍ، يذكرني بأشباحِ الخريف؛
في المُخيلةِ صديقتي معاً، تحتَ درجٍ ينامُ فيهِ قطّ الغابةِ، يعاني من مَرَضٍ مُزمِنٍ،
ويحبُّ ركوبَ السياراتِ الفاخِرةِ،
كنّا ننتقلُ بين ولايةٍ وأخرى، كما في مَخفرٍ بِدونِ أبوابٍ..
هناكَ، كأنَّنا نعيشُ في خرابٍ خفيٍّ؛
هناكَ فتحتُ صفحةً بيضاءَ، وبقيتُ أنتظِرُ نِصفَ نائمٍ،
كمخمورٍ يقرأُ ما يشبهُ المقامةَ،
ويطردُ منْ حلمهِ أوراقاً، وكلماتٍ لا شكلَ لها، وحروفَ علةٍ، تتلعثمُ
في حنجرةِ الليلِ..
مِثلَ وَترٍ خدشتهُ يدٌ غامضةٌ.

 


الكاتب : جمال أماش

  

بتاريخ : 10/01/2025