مجالس تعيش على إيقاع «التهريج» والتراشق على حساب المصلحة العامة

مدينة سيدي بنور تحت رحمة «الترييف» وغياب مظاهر التنمية

 

تعتبر مدينة سيدي بنور القلب النابض لمنطقة دكالة، ذات الخيرات التي لا تعد ولا تحصى، بلاد الكرم والمقاومة … هذه المدينة التي أعطت الكثير ولازالت، هي تئن اليوم في صمت غريب، بعدما اعتقد الجميع أن ترقيتها إلى إقليم سنة 2010 سيمكنها من نفض غبار الإهمال و اللامبالاة عنها، و سيجعلها تنتعش وتتقدم وتنافس مثيلاتها في النماء والتطور وتخلق مشاريع تنموية لأبنائها لأجل انتشالهم من البطالة والعوز…
هل هناك مشاريع تنموية بمدينة سيدي بنور؟ ماذا أعدت الجماعات الترابية للمواطنين؟ و غيرها من الأسئلة التي ترددها ألسنة الساكنة لعلهم يجدون عنها إجابة شافية من طرف الجهات المسؤولة، وعلى رأسها عامل إقليم سيدي بنور، الذي يتابع ما يجري بدورات المجالس من أحداث مضحكة ومبكية في نفس الوقت، والتي تحولت العديد منها إلى مناسبة للتلاسن والسباب وتوزيع التهم في كل الاتجاهات …دون أن يحرك ممثل السلطة الوصية ساكنا فيها، لتغيب مع ذلك المناقشة الجادة وتبادل الآراء التي تصب في خدمة الإقليم بصفة عامة، ومدينة سيدي بنور بصفة خاصة.
مظاهر عدة تساهم في استمرار ترييف مدينة سيدي بنور، وبذلك تجعلها تخالف ركب التقدم، مثل جولان الدواب وسط المجال الحضري، والتسول الاحترافي الذي أصبح ممتهنوه يتناسلون بأعداد متزايدة على أماكن معلومة، وتهالك الطرقات والمسالك، وانتشار الأزبال والقاذورات، خصوصا قرب مجزرة البهائم المتواجدة بالسوق الأسبوعي «ثلاث سيدي بنور»، وانتشار الكلاب الضالة، فضلا عن انتشار المتشردين والمتسكعين والمرضى النفسيين بشوارع المدينة، وهي ظواهر تخدش سمعة عاصمة دكالة التي تعد واحدة من كبريات المدن ذات الإنتاج النباتي ( الخضر – الحبوب – الفواكه… )، والحيواني ( انتاج اللحوم – تربية الأغنام و الأبقار … إنتاج الحليب و الألبان …. ) المرتفع الجودة والمتميز بالمملكة، هذا دون الخوض في المشاريع المتعثرة والتي صرفت في شأنها عشرات الملايين من الدراهم…
إن هذه المظاهر تؤثر سلبا على نماء مدينة سيدي بنور، وعلى الوضع الاجتماعي والمجتمعي، بحيث تفشت ظاهرة استغلال القاصرين وتوظيفهم في التسول لجلب عطف المواطنين، الأمر الذي يستدعي تدخل الجهات المسؤولة من أجل “تنظيف” المدينة من مختلف السلوكات المضرة والخادشة بصورتها، بالرغم من المجهودات التي تقوم بها المنطقة الإقليمية للأمن الوطني بسيدي بنور والسلطات المحلية التي سبق وأن شنت حملات صارمة لضبط وتوقيف عدد من المتسولين و“تنقية” مدينة سيدي بنور وخميس الزمامرة من مختلف المظاهر المضرة بصورتها، حيث شملت الحملات الأمنية أيضا المتسولين بالأطفال بمختلف الشوارع الرئيسة بالمدينة، إلا أن الأمر عاد إلى سابق حاله بعد أيام قليلة من ذلك، أما احتلال الملك العام فحدث ولا حرج .
وإلى جانب ذلك، فقد سبق للمجلس الجماعي بسيدي بنور أن صادق خلال إحدى دوراته على المقرر القاضي بالمنع التام للعربات المجرورة بالدواب داخل المجال الحضري، غير أن دار لقمان لا تزال على حالها. فتجد الممرات والطرقات الداخلية بها بقايا الدواب ما ينتج عنه تلوث بيئي وانتشار الحشرات المضرة وكذا الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف، زد على هذا تقاعس المجلس الجماعي لمدينة سيدي بنور في تتبع تنفيذ دفتر التحملات للشركة نائلة صفقة النظافة، بحيث الأزبال منتشرة في العديد من الأماكن خصوصا ما يعرفه السوق الأسبوعي من وضع كارثي يؤثر سلبا على الإنسان والحيوان.
أما الطرقات الداخلية وتلك المتواجدة بمدخل المدينة فحدث ولا حرج، كونها لم تعد تحمل من ذلك سوى الاسم، نظرا لتآكل جنباتها و اقتلاع الإسفلت بها وتناسل الحفر بمختلف الأحجام بها ، الأمر الذي تسبب ويتسبب في حوادث سير يذهب ضحيتها أبرياء، كما أصبحت تشكل عرقلة واضحة للسير و الجولان.
وأمام هذا الوضع المؤسف، الذي تعج مواقع التواصل الاجتماعي بصور و فيديوهات منه… بات على الجهات الوصية تبني مقاربة جديدة وفعالة في التعامل مع مظاهر البداوة بمدينة سيدي بنور، أين يوجد مقر عمالة الإقليم والقلب النابض لمنطقة دكالة، للحد من السلوكات والأفعال المشينة التي تمس بصورتها وبسمعتها على الصعيد الوطني، وأن تدفع بها نحو الأفضل.


الكاتب : أحمد مسيلي

  

بتاريخ : 03/06/2024