سقط ملف تأهيل محطة “أولاد زيان” المثيرة للجدل، من مناقشات الدورة الاستثنائية لمجلس مدينة الدار البيضاء، التي عقدت يوم الأربعاء ما قبل الماضي، رغم أن هذه النقطة كانت مبرمجة في ذات الدورة للدراسة والتصويت على مشروع اتفاقية شراكة بين وزارة الداخلية (المديرية العامة للجماعات المحلية)، مجلس جماعة الدار البيضاء ، مجلس جهة الدار البيضاء سطات ، مجلس العمالة وشركة التنمية المحلية الدار البيضاء للنقل، من أجل تأهيل وتدبير هذه المحطة التي يتساءل جل البيضاويين عن مآلها، ويتمنى معظمهم تنقيلها مشتكين مما يحيط بها من مشاكل، وما تنتجه من تلوث للبيئة، وهي التي تم بناؤها فوق أراض شاسعة كانت في ملكية شامة بنت امسيك أهدتها للمدينة بهدف تشييد مقبرة للمسلمين وبالقرب منها حديقة ومنتزه، لكن الهكتارات التي كان من المنتظر أن تشيد فوقها الحديقة ستبنى عليها محطة طرقية ملوثة للبيئة خانقة للسكان بفعل تصاعد أدخنة الحافلات الممزوجة بأصواتها المزعجة قي تلوث صوتي يضاف إلى تلوث الهواء والأوكسجين، وعوض أن ينعم السكان بالهدوء والسكينة في الحديقة التي كانت صاحبة الأرض قد حلمت ببنائها ها هم اليوم يعانون من كل أشكال التلوث والإزعاج والفوضى التي تسببها هذه المحطة المنسية المتروكة للإهمال التي أصبحت نقطة جذب للخارجين عن القانون و”الشمكارة” والمتسولين أو لأولئك الذين لفظتهم السجون الباحثين عن دراهم يتشابكون في سبيلها مع بعضهم البعض أو مع المسافرين، في معارك تستعمل فيها تشكيلة من الكلمات النابية يشنفون بها أسماع المارة والسكان المجاورين، ناهيك عن الأوساخ والأزبال التي تؤثث محيطها والروائح الكريهة التي تنبعث من جنباتها .
محطة “اولاد زيان” غارقة في عشوائية تدبير مرافقها، فمحلاتها البالغ عددها 72 محلا والمتواجدة بالطابق العلوي والأرضي وتحت الأرضي، توقف أصحابها منذ زمن عن أداء سومتها لأن لا سند قانوني يحميهم ولأن الجماعة الحضرية للدار البيضاء لا يحق لها إصدار أي قرار جبائي على عقار لا تمتلكه، فالعقار المبنية عليه المحطة هو في الأصل يدخل في نطاق الهبة، وبالتالي لا تمتلك الجماعة أحقية الحصول على مداخيله المالية، وهو ما يدخل هذه المحطة في الضبابية وفي حالة من الشد والجذب بين أصحاب هذه المحلات والجماعة التي كانت قد فوضت تسيير المحطة عند إنشائها لشركة خاصة مقابل مبلغ مالي يتراوح مابين 250 مليون سنتيم و 300 مليون سنتيم، لكن هذه الشركة ستنسحب من التسيير بعد معارك قضائية مع التجار الرافضين، وليبقى تدبير هذا المرفق مشكلا عويصا لم تجد له الجماعة الحل المناسب إلى حد اليوم، كما أن المبالغ التي تستخلصها من الحافلات المستعملة للمحطة لا تستند على قرار جبائي يؤطره أي أن أصحاب هاته الحافلات من الممكن أن يقرروا عدم أداء الإتاوات الواجبة عليهم مستندين إلى هذه الثغرة الموجودة في العلاقة التي تجمعهم مع الجماعة، هذه الأخيرة الغارقة في الديون حتى أذنيها والمحتاجة إلى كل درهم، تضيع على نفسها المبالغ المهمة التي قد تتحصل عليها من هذه المحطة الكثيرة المشاكل !
وبعد أن كان البيضاويون ينتظرون بفارغ الصبر ويتطلعون، خصوصا ساكنة حي الفرح المتواجدة على ترابه اولاد زيان، لأن يتم تنقيل المحطة إلى مكان آخر، خاصة بعد الكم الهائل من المشاكل الناتجة عنها، وبعد أن أصبحت مرتعا لجميع الممارسات المشينة التي تحيط بها، وإثر استيطانها من طرف المتسولين واللصوص والنشالين إضافة لما تعرفه من غزو المهاجرين غير النظاميين والمعارك التي تنشب بينهم، تكون جنبات المحطة مسرحا له، وكذا النيران التي اشتعلت أكثر من مرة في المخيمات التي يقيمونها سواء في الهواء الطلق أو بالملعب الموجود قربها، ها هم المسؤولون عن تسيير الدار البيضاء وفي مقدمتهم العمدة نبيلة الرميلي وقبلها نائبها ينفون تنقيل هذه المحطة إلى أي مكان آخر التي يبدو أنها باقية في مكانها إلى ما شاء الله، وفي آخر خرجة إعلامية لها، أكدت عمدة الدار البيضاء أن هذه المحطة ستكون موضوع إعادة ترميم وتأهيل بمعايير جديدة دون الكشف عن ماهية هذه المعايير وكيفيتها أو كيفية تدبير هذه المحطة وتدبير مرافقها، مع إعلانها في ذات التصريح الإعلامي عن إنشاء محطتين أخريين بكل من سيدي مومن والحي الحسني .
تأهيل محطة اولاد زيان سيتطلب من الجماعة، حسب ما توصلنا إليه من معلومات، حوالي 68 مليون درهم، من أجل تحويلها إلى محطة تقدم خدمات تليق بالمسافرين وببنيات بمعايير حديثة وعصرية تعوض تلك البنيات المهترئة والمتهالكة الحالية، ونتساءل مع المتسائلين هل هذه المعايير الجديدة ستأخذ بعين الاعتبار ما يحيط بهذه المحطة من سلبيات، وما يعتري تسييرها من مشاكل، وهل سيتم القضاء على مظاهر أغرقتها في مستنقعات التسيب وفوضى الأثمان خصوصا في المناسبات والأعياد، حين يعمد مهنيو النقل إلى رفع الأثمنة بشكل صاروخي، لا يراعون فيه ذمة ولا ضمير، مستغلين حاجة المسافرين إلى التنقل إلى مدنهم وقراهم البعيدة، (عيد الأضحى على الأبواب) فيضاعفون ثمن التذاكر ويزيدون من معاناة الناس الذين يضطرون لدفعها مرغمين، في غياب أي مراقبة أو زجر أو قانون، وكأنها غابة القوي فيها يستقوى على الضعيف، وهل المحطتان الجديدتان المزمع تشييدهما في جنوب الدار البيضاء وشمالها سيتم فيهما تجنب هذه المظاهر السلبية التي تعتري محطة اولاد زيان أم أنهما ستنتجان نفس المشاكل والمتاعب والمصاعب التي تغرق فيها المحطة الأم، وستشكلان عبئا إضافيا على ساكنة سيدي مومن والحي الحسني المعروفان بكثافتهما السكانية؟
إن بلادنا على موعد مع تظاهرات رياضية عالمية، والدار البيضاء بصفتها عاصمة للمال والأعمال والاقتصاد تسابق الزمن من أجل أن تكون في مستوى هذه الأحداث الرياضية، ونقطة تأهيل اولاد زيان لا تحتمل التأجيل، باعتبارها نقطة سوداء لا تشرف البيضاويين الذين يتطلعون إلى مدينة تليق باسمها وبمكانتها بين المدن المغربية.
محطة “أولاد زيان” تهزم مجلس الدارالبيضاء.. و الرد إسقاطها من الدورة !
الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 29/05/2024