لا يختلف اثنان على أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في درب التنمية والعمل على تطوير بنيته التحتية والطرقية ومحطات القطارات، على وجه الخصوص، التي تضاهي في تطورها ما تتوفر عليه بلدان أوروبية وقد تفوقها تقدما بشهادة كل من زارها أو استعملها للوصول إلى وجهته داخل التراب المغربي، تطور نلاحظه في مدن كثيرة ، خصوصا الكبيرة منها، لكن هذا التقدم والتطور والنظافة الملاحظة في محطات القطارات في مدن كمراكش أو طنجة أو القنيطرة أو الرباط..، استثنيت منه مدن صغيرة منتشرة على طول خارطة السكك الحديدية، تتوفر على محطات طرقية توقف الزمن بها في مرحلة غابرة مفضلا الركون لبعض مظاهر اللاتطور، كانعدام النظافة وانتشار الروائح الكريهة وروائح كائنات قررت الاستيطان بين ممراتها والاستيلاء على كراسيها. والنموذج من محطة القطار أزمور، تلك المدينة الصغيرة المتواجدة على ضفاف نهر أم الربيع ، إذ أن المرء ما أن يلج إليها حتى تثير انتباهه رائحة غريبة تخيم على أجوائها وقد تصيب المسافر بالدوران والغثيان لقوتها، متسائلا عن مصدرها ليأتيه الرد سريعا من مواء قط ينام مستريحا على أحد الكراسي القليلة المنتشرة داخل المحطة. والظاهر أن هذه القطط هي سيدة المكان، تضرب موعدا مع بعضها البعض كل صباح أو كل وقت للقاء في المحطة ، مستأنسة بأصوات منبهات القطارات المارة في اتجاه الجديدة، مفضلة قضاء حاجتها في كل مكان من المحطة، ابتداء من الأدراج تحت الأرضية المؤدية الى السكة أو داخل القاعة حيث يجلس المسافرون، في غياب لافت للنظافة. فخلال سفرهم المستمر أو المؤقت الذي يرمي بهم داخل هذه المحطة لا يصادف المسافرون وسط العمال القليلين بها الذين لا يتعدون ثلاثة أو أربعة، عاملا واحدا للنظافة، محطة تركت عرضة للأوساخ المرئية وغير المرئية دون استحضار عواقب ذلك على صحة المسافرين الذين يضطرون في كثير من الأحيان إلى المكوث في الهواء الطلق خارجها وتحت الأمطار أحيانا في انتظار قدوم القطار تجنبا لما فرض عليهم أن يستنشقونه من روائح قطط تسيدت المكان وفرضت قانونها الخاص على المسافرين، ومنهم أجانب، حتى أن جوعها وفضولها يدفعانها أحيانا إلى الاقتراب من أمتعة المسافرين محاولة البحث عن أي شيء يؤكل داخلها. عدا ما يعانيه المسافرون من ندرة أو انعدام سيارات الأجرة عند وصولهم إلى المحطة المبنية في أطراف المدينة والبعيدة نسبيا عنها، مما يضطرهم إلى قطع المسافة الطويلة مشيا على الأقدام.
وعود على بدء، التنمية والتطور والتقدم أمور مطلوبة ، وبلادنا قررت منذ مدة طويلة الالتحاق بالركب، إذ طورت بنياتها بشكل مشرف وطرقها السيارة ومحطاتها ومطاراتها «تحف «يشيد بها الجميع، مغاربة وأجانب، لكن هذا التطور يجب أن يطال كل شبر من هذا الوطن، فالمسؤولون عن محطة طرقية في مدن صغيرة مثلهم مثل المسؤولين عن أي محطة في إحدى المدن الكبرى التي تنطق جنباتها بالنظافة و «النقا» ويلمع رخامها إلى درجة أن صورتك تنعكس عليه، يستقبلون جميعهم مواطنين مغاربة قادمين من كل الاتجاهات، وأقل ما ينتظره هؤلاء المواطنون هو محطات نظيفة، محطات تحترم مواطنتهم وتوفر لهم شروط الراحة وتيسر سفرهم، وليس محطات تنبعث من جنباتها روائح الحيوانات؟
محطة القطار أزمور .. نظافة منعدمة وروائح كريهة واستيطان للقطط داخل ممراتها؟

الكاتب : خديجة مشتري
بتاريخ : 26/12/2022