افتتاح أشغال الدورة الثالثة للمجلس الأعلى لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بفاس
افتتحت، أول أمس الثلاثاء بفاس، بإذن من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، رئيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، أشغال الدورة الثالثة العادية للمجلس الأعلى للمؤسسة، وذلك بحضور أزيد من 350 عالما وعالمة من مختلف فروع المؤسسة البالغة 32 فرعا في البلدان الإفريقية.
وفي كلمته الافتتاحية للدورة، ذكر محمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الرئيس المنتدب للمؤسسة، بالأهداف المرسومة في النصوص المحدثة لها، وهي التعاون على البر والتقوى في ما ينفع أهل البلدان الإفريقية، وتبليغ أحكام الدين الحنيف ومكارمه وقيمه، في ما يدفع عن البلدان الفتن، وعلى رأسها فتنة الدين المتمثلة في الغلو والتطرف، مضيفا أن «منطلقنا في العمل ما هو مشترك بيننا من الثوابت ولاسيما في العقيدة والسلوك».
وتطرق التوفيق لعدد من الإشارات والمبادئ التي تتعلق بعمل المؤسسة، أبرزها وجوب الاشتغال على بينة من وضوح الأهداف وتزايد اليقين بضرورة قيام المؤسسة والحاجة إليها، والعزم على المرور في الإنجاز إلى ما بعد مرحلة التأسيس، وذلك بعمليات على صعيد المؤسسة عامة، منها ما هو مسجل في جدول أعمال هذه الجلسة، ومنها ما هو خاص بكل بلد، حسب ما يتفق عليه مجلس رؤساء الفروع وأعضائها.
ومن الملاحظات التي سجلها أيضا مراعاة تفاوت الوضع في البلدان، حيث ينبغي أن يكون الالتزام بالأهداف عاما والتمسك بخصوصيات كل بلد من البلدان، ولاسيما في ما يتعلق باحترام المؤسسات المحلية والقواعد الجارية، ثم ضرورة التزام نهج مندمج في العمل، بمعنى أن يكون أعضاء المؤسسة جسدا واحدا، يتعاملون أفقيا بين الفروع إلى جانب التعامل العمودي مع المركز بالمغرب، وضرورة تحقيق درجة عالية من التواصل المستمر باستخدام التكنولوجيا.
وتطرق التوفيق أيضا إلى اليقظة التامة والنموذجية التي يحتاج إليها الناس في العلماء، فالمسلمون في كل مكان في هذا العصر أكثر من ذي قبل بحاجة إلى علماء أوفياء لأهلهم ولبلدانهم، احتياجهم إلى السلم والطمأنينة والتخفيف من تبعات الحياة.
كما حث على ضرورة الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالجوانب العميقة والمؤسسات المتعددة التي يقوم عليها النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني، لعلها أن تفيد في بعض الجوانب الحيوية القابلة للاستيحاء بالنسبة لبلدان أخرى.
وفي ما يتعلق بتكوين الأئمة، أكد التوفيق أن المطالب في هذا الباب من البلدان التي لم يأت طلبتها بعد إلى معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات سترفع إلى حضرة أمير المؤمنين، وكل طلب صادر عن فرع من فروع المؤسسة يفترض فيه أن يكون مزكى أو على الأقل مقبولا من الجهات الرسمية في البلدان مع تحمل المسؤولية كاملة في هذا الشرط.
ومن جانبه ذكر الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى محمد يسف في كلمة باسم العلماء المغاربة أن إفريقيا اليوم في شخص علمائها تريد أن تجلي للناس هويتها الحقيقية الحضارية والدينية والعملية، مبرزا أن هذه المؤسسة العلمية هي إشراقة من إشراقات إمارة المؤمنين في هذا البلد، وقد بدأت تتحرك بجدية لتحقق الطموح الذي راود مبتكرها وباعثها وهو طموح الأمة وإفريقيا عموما في أن تنتقل بهويتها إلى المستوى اللائق بها.
وأضاف أن اجتماع المجلس الأعلى للمؤسسة يدل على أن علماء هذا العصر يريدون أن يعبروا تعبيرا حقيقيا بأنهم متمسكون بأصولهم وجذورهم العريقة، جذور دين هذه الأمة وحضارتها التي انطبعت بها إفريقيا بأكملها، مؤكدا على أن هذه المؤسسة التي جمعت عالمات وعلماء إفريقيا مدعوة لأن تحقق طموح الأمة جمعاء.
ومن جانبه قال أبوبكر الزبير، مفتي تنزانيا، رئيس فرع المؤسسة بتنزانيا، إن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحت القيادة السامية لأمير المؤمنين هي ملاذ لإنقاذ إفريقيا من الغلو والتطرف وحماية أبنائها انطلاقا من الثوابت الدينية المشتركة.
وأكد أن هذا الاجتماع هو خير دليل على الوحدة والأخوة الإفريقية، ورسالة العلماء الأفارقة هي إنقاذ الإنسان الإفريقي وصونه وحمايته مهما كانت معتقداته.
وأضاف أن المشاريع التي أنجزتها المؤسسة لخير دليل على جدية المبادرات التي تقوم بها ومقاصدها الخيرة، وذكر في هذا السياق أعمالها الهامة في مجال تأهيل الأمة والمسابقات القرآنية والتظاهرات العلمية والفقهية الرفيعة والندوات الثقافية وحملات إحياء التراث الإسلامي في إفريقيا وتكثيف التواصل والتبادلات الفكرية إلكترونيا والاهتمام بالأنشطة المحلية وإحياء المناسبات الإسلامية وغيرها مما له وقع هام على المواطنين الأفارقة.
وخلال اجتماع هذه الدورة الذي تواصل إلى غاية يوم أمس الأربعاء تمت مدارسة التقريرين الأدبي والمالي المتعلقين بالحصيلة السنوية لأنشطة المؤسسة لسنة 2019 ومناقشة وإقرار الأنشطة السنوية لسنة 2020 .
كما تم عقد اجتماعات موسعة للجان الأربع للمؤسسة وهي لجنة الأنشطة العلمية والثقافية ولجنة الدراسات الشرعية ولجنة إحياء التراث الإسلامي الإفريقي ولجنة التواصل والتعاون والشراكات.
وتم في ختام هذه الاجتماعات إقرار المشاريع والأنشطة لسنة 2020 على مستوى اللجان الأربع.