محمود درويش سيد الفكرة والكلمات

محمود درويش هو تاريخ سياسي ووطني جامع، عبَّر عن مضمون الحكاية الفلسطينية وأصلها. سيبقى تاريخه يعيش معنا، وسيمتد لتتوارثه الأجيال، ليكون نبراسا تسترشد منه على طريق النضال؛ فهو حمل هموم الشعب الفلسطيني مجسدا النكبة والاستقلال في قصائده وشعره ورمزيته الوطنية. فعهدا للشاعر الكبير أن نبقي على عهده وخطواته من أجل الاستمرار في رسالته التي حملها منذ طفولته، وأن نجسد فلسطين العظيمة والكبيرة في مضامين رسالتنا الإعلامية الهادفة من أجل شعب فلسطين وقضيته العادلة وكفاحه الوطني ضد قوى الظلم والاستبداد والاحتلال والتخلف الفكري والرجعية المقيتة.
الإرث الثقافي الكبير، الذي تركه لنا شاعرنا محمود درويش، لا بد من الحفاظ عليه والاهتمام به ليكون منارة للأجيال القادمة وثروة تراثية فكرية وثقافية متعددة المجالات، والتي ما زالت دور النشر تتسابق على طباعة مجموعات كاملة أو منفردة وترجمة أعماله إلى لغات عالمية، وما زالت تشكل نبراسا للبشرية وتراثا فكريا وارثا هاما بالنسبة لنضال الشعب الفلسطيني، ومن أهم ما تركه لنا شاعرنا الكبير هو وثيقة إعلان استقلال دولة فلسطين التي قام بصياغتها لتشكل محورية مهمة للنضال الوطني الفلسطيني، ولتكون النبراس الذي يسترشد منه الأجيال خلال مرحلة التحرر الوطني، وهدفا ساميا للشعب الفلسطيني، والذي يؤكد على اهمية الاستمرار في النضال حتى قيام الدولة الفلسطينية.
محمود درويش سيبقي عنوانا للثقافة والإبداع العالمي لما يحمله من قيم انسانية إبداعية شكلت محور اهتمام للإنسانية بشكل جامع، وسيبقي أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. ويعد درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه، وفي شعره يمتزج الحب بالوطن والثورة والأرض كونه يحمل القيم الانسانية .
في ذكري رحيل سيد الكلمات والمواقف محمود درويش نطرح قضية هامة وهي دور المثقف والإعلامي العربي في المساهمة بنقل ما يدور من أحداث بعين واعدة وناقدة، حيث نرى تراجعا ملموسا في القدرة على مواكبة الأحداث والخوض في مضامينها من قبل جمهور المثقفين والإعلاميين.
وتبقى الحاجة ملحة إلى ضرورة رفع القيود عن الفكر الانساني، وترك مجال الإبداع، وعدم محاربة أي انتاج فكري من قبل وسائل الإعلام العربية والعالمية مع أهمية التأكيد على حرية الانتاج الفكري والإبداع من قبل مؤسسات الرقابة والتشريع في مختلف دول العالم. فلا فكر حر ولا إبداع ولا مساهمة في تطور الواقع والتعبير الحقيقي في ظل استمرار قوانين الرقابة والملاحقة والحد من حرية الكلمة والمساهمة الفاعلة في التعبير عن الواقع وملامسة مشاكل الإنسان، من خلال مكوناته الاجتماعية والثقافية وضرورة اطلاق وإعادة انتاج الرواية التي تجسد التعبير المطلق للإنسانية في مجالاتها المختلفة ومساهمتها في تحسس الظروف المعيشية من أجل دور أكبر للمثقفين والإعلاميين في واقعنا وظروفنا التي نعيشها، وخاصة في ظل التطور الهائل في المجال التقني والاتصالات وسرعة النشر واتساع قاعدة المعلومات على المستوى الدولي.
رمزية محمود درويش كشاعر فلسطيني لم تتعد عبقريته وسلاسة كلماته النابعة من القلب فحسب، بل إنها عبرت عن مكنون الرواية والحكاية الفلسطينية التي امتدت عبر الاجيال لتشكل نموذجا فريدا وتراثا فكريا وثقافيا هاما تركه لنا الشاعر الكبير محمود درويش ليعبر عن عبقرية الفكرة وزمانية الأبعاد وليرصد محورية الاهداف ومضامين الواقع الفلسطيني عبر فكره وتراثه الأدبي والثوري الذي سيمتد عبر الأجيال الفلسطينية القادمة.


الكاتب : سري القدوة

  

بتاريخ : 17/08/2023