كشف مرصد العمل الحكومي ، أنه وفق الهدف المسطر في برنامج السكن الاجتماعي 2010-2020 ، و المحددة في بناء 300 ألف وحدة سكنية ، فقد تجاوزت بكثير المنجزات على الأرض هذا الهدف، حيث وصلت حصيلة البرنامج في متم شهر يوليوز 2023 ما يتجاوز 653 ألف وحدة سكنية ب 1450 اتفاقية مع القطاع الخاص و 57 اتفاقية مع القطاع العام ، مع تسجيل أنه في إطار التصدي لتداعيات جائحة كوفيد-19 على قطاع السكن، تم تمديد آجال الاتفاقيات في قانون المالية المعدل رقم 35.20 لسنة 2020، وذلك لضمان نجاح أوراش البناء واحترامها لعدد الوحدات الأدنى الواجب تحقيقه، حيث تم وضع بند ضريبي جديد في إطار هذا التعديل يمنح فترة قانونية إضافية مدتها سنة واحدة للمنعشين العقاريين الذين وقعوا اتفاقية مع الدولة وحصلوا على رخصة بناء قبل إعلان حالة الطوارئ الصحية.
و ساهمت هذه الحصيلة بشكل كبير في تقليص العجز السكني في المغرب ، و إنعاش القطاع العقاري و تحفيز المجال الاقتصادي (كل درهم استثمر في مسكن اجتماعي يتمخض عنه في المتوسط إنتاج إضافي غير مباشر يقدر ب 0,76 درهم في 20 قطاع اقتصادي آخر يتداخل بشكل مباشر مع عملية إنتاج المساكن الاجتماعية)، هذا بالإضافة إلى الأثر الإيجابي على سوق الشغل المغربي الذي وصلت المناصب المحدثة في إطار هذا البرنامج لما يزيد عن 300 ألف منصب شغل خلال الفترة ما بين 2010 و2020.
ورصد مرصد العمل الحكومي في تقرير له، أنه رغم كل هذه المنجزات وهذه الحصيلة الإيجابية من حيث عدد المساكن المنجزة والمساهمة في تقليص العجز السكني والمساهمة في إنعاش الدورة الاقتصادية في المغرب، إلا أنه تم تسجيل مجموعة من الاختلالات البنيوية، التي حادت بالبرنامج عن أهدافه الأساسية والمتجسدة في التوجه للفئات الاجتماعية الهشة ومحاربة السكن غير اللائق،
وتحقيق العدالة المجالية فيما يتعلق بالاستفادة من السكن الاجتماعي ، هذا بالإضافة إلى عدم قدرة التصور السابق للبرنامج على مساعدة القطاع العقاري من الخروج من أزمة الركود التي عرفها منذ أزمة كوفيد 19 وما تلاها من تطورات اقتصادية أرخت بظلالها على القطاع .
ورصد التقرير غياب العدالة المجالية فيما يتعلق بالاستفادة من السكن الاجتماعي، حيث تركزت 70 في المئة من المساكن المنجزة في ثلاث جهات (الدار البيضاء سطات 45 في المئة، طنجة تطوان 13 في المئة، والرباط سلا القنيطرة 12 في المئة) ;غياب آليات حقيقية لضبط منظومة الاستهداف، المتجلية في تمكين الطبقات الهشة من الاستفادة من السكن الاقتصادي، وتوسع الاستفادة لتشمل كافة الطبقات المجتمعية، وارتفاع النفقات الضريبية للدولة بدون تحقيق الأهداف الحقيقية للبرنامج
كما رصد المرصد، ضعف جودة البناء المعتمد في إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي، وغياب التنويع في العروض المقدمة للمستفيدين وتجاوز بنود دفاتر التحملات الموضوعة لهذا الغرض، وتساهل الوزارة في منح شواهد المطابقة للمنعشين العقاريين بالإضافة إلى استفحال ظواهر «النوار « في بيع الوحدات السكنية الاجتماعية، ما يرفع السعر المرجعي المحدد في 250 ألف درهم للوحدة السكنية.
بالمقابل سجل المرصد محدودية الغلاف المالي المخصص لدعم السكن على أساس سنوي والمحدد في 9،5 مليار درهم وهو ما يحصر وثيرة الإنجاز في 70.000 وحدة سكنية كل سنة، مع العلم أن عجز السكن يتجاوز ذلك بكثير؛ كما سجل ضبابية الإجراء المتعلق بربط الاستفادة من المنحة، بالمساكن التي تتوفر على رخصة السكن المسلمة في سنة 2023، وهو ما سيحد من دائرة الاختيار، ويزيد من تضاعف أثمان السكن المشمول بالدعم في ظل عجز العرض السكني، خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة التي لم يسبق لها الاستفادة من برنامج دعم سابق.
ونبه المرصد العراقيل التي قد تنجم عن فرض مهلة 30 يوما لإتمام البيع، قصد الاستفادة من المنحة، علما أن بطء المساطر الإدارية وعدم توافق الإجراءات البنكية مع هذا الشرط، ستشكل بلا شك عائقا كبيرا في الحصول على هذه المنحة؛ وغياب أي التزام من طرف الحكومة لتفعيل آليات الضمان لدى الأبناك قصد الانخراط في تمويل السكن لفائدة ذوي الدخل المحدود قصد اقتناء السكن.
وأوصى مرصد العمل الحكومي بضرورة فرض آليات مراقبة صارمة فيما يتعلق باحترام تصاميم التهيئة داخل المجال الحضري والقروي، ومراقبة جودة البناء، ومحاربة ظواهر « النوار» والتكسب غير المشروع من هذا البرنامج وخاصة المنعشين العقاريين؛وضرورة التفكير العاجل في الحلول المناسبة للعراقيل والاختلالات الإدارية والتمويلية التي قد تظهر جراء مهلة 30 يوما لإتمام البيع، مع التعجيل بإخراج الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان إلى حيز الوجود، كآليات ضرورية لضبط إيقاع البرنامج ومراقبة الإنجاز.