أبهر عازف البيانو المغربي الشاب مروان بن عبد الله بأنامله جمهورا متميزا من الشغوفين بروائع الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وذلك خلال أمسية فنية راقية احتضنها معهد “دلهي سكول أوف ميوزيك” بالعاصمة الهندية.
ونجح بن عبد الله خلال هذا الحفل، المنظم مساء الخميس الماضي من قبل مؤسسة “دلهي ميوزيك سوسيتي” بتعاون مع الفرع الهندي للجمعية الأوروبية لمدرسي البيانو، في إتحاف نخبة من متذوقي فن العزف على آلة البيانو بباقة متنوعة من أروع المعزوفات التي ألفتها ثلة من أشهر الموسيقيين العالميين كـ “باخ” و”ليست” وغيرهما.
وأثار الموسيقي المغربي خلال هذه الأمسية الفنية، التي حضرها على الخصوص سفير صاحب الجلالة بنيودلهي السيد محمد مالكي وعدد من أعضاء السفارة المغربية، إعجاب الحاضرين، مغاربة وهنودا، بإحساسه المرهف وتمكنه اللافت من تقنيات العزف، خاصة عند أدائه لقطع مثل “هانغاريان رابسودي رقم 13 ” وأعمال مستوحاة من التراث الموسيقي الصيني.
وعبر مروان بنعبد الله، في تصريح خص به وكالة المغرب العربي للأنباء بنيودلهي، على هامش هذا الحفل الذي يتزامن مع تخليد المغرب والهند هذه السنة للذكرى الـ 60 لإقامة علاقات دبلوماسية بينهما، عن سروره البالغ بالعودة مرة أخرى إلى الهند، البلد العريق الذي يتميز بدوره بموسيقى ذات تفرد مميز يسحر لب الملايين حول العالم.
وأوضح الموسيقي المغربي أنه قام بزيارة أخيرة إلى الهند، عمل خلالها على إحياء حفلات في مدينتي “مومباي” و”بوني”، وانتقل بعدها إلى الصين والمغرب، ثم عاد مرة أخرى للهند من أجل إقامة حفلات في كل من “ديمابور” و”نيودلهي” و”تشيناي” و”غوا”، على أن يختتم جولته الهندية مرة أخرى في “بوني” و”مومباي”.
وأشار بن عبد الله إلى أنه بالرغم من تعدد زياراته وجولاته الفنية في معظم أنحاء الهند، بلد العراقة وتنوع التراث الحضاري والموسيقي منذ آلاف السنين، إلا أنه لم يتمكن من إرساء أي مشروع للتعاون الفني مع موسيقيين هنود، وذلك بسبب عدم توافق ما يقدمه من معزوفات مع نمط الموسيقى والإيقاع الهنديين.
وأضاف عازف البيانو المغربي أن الموسيقى الغربية ونظيرتها الهندية توجدان على طرفي نقيض، بالرغم من عدة محاولات فنية سابقة لإرساء نوع من المزج والتفاعل بين اللونين الموسيقيين، لكنها لم ترق بعد إلى المستوى المطلوب. وتلقى بن عبد الله، المزداد بمدينة الرباط سنة 1982، أولى دروسه في مجال الموسيقى وتقنيات العزف على البيانو في سن الرابعة على يد والدته الهنغارية التي تعمل مدرسة لتلك الآلة الموسيقية، حيث بدأ مشواره الفني الدولي خلال سنة 2003، بعد نجاحه في مسابقة للعزف على آلة البيانو نظمتها الإذاعة الهنغارية، ثم حصوله في سنة 2008 على جائزة من البرلمان الهنغاري.
وفي سن الثالثة عشر، توجه الموسيقي المغربي إلى هنغاريا موطن والدته من أجل مواصلة دراسته الموسيقية وتطوير مهاراته على البيانو، حيث انتسب إلى معهد “بيلا بارتوك” للموسيقى بالعاصمة بودابيست، ثم واصل دراسته خلال خمس سنوات بأكاديمية “فرانتز ليست” الشهيرة وحاز على شهادتها سنة 2007.
وبتشجيع ودعم مستمر من والديه، حصل بن عبد الله على تكوين موسيقي أكاديمي قبل أن يتخصص في العزف على البيانو، إذ حرص على اكتساب الجوانب النظرية ووسائل التحليل والتقييم الفني والموسيقي قبل أن يلج بالموازاة مع ذلك قسم آلة البيانو مع العازف الهنغاري الشهير غابور إيكاردت.
ويبرز تفرد الموسيقي المغربي الشاب، خريج أكاديمية “فرانز ليست” في بودابيست بمرتبة الشرف والحائز على الجائزة الكبرى في المسابقة الدولية للبيانو بـ “أندورا”، في تمكنه من المزج في ريبرتواره الحافل بين معزوفات موسيقية متنوعة في الزمان والمكان والخلفيات الثقافية والحضارية.
ويعتبر عدد من النقاد البارزين أن عازف البيانو المغربي مروان بن عبد الله يمتلك القدرات والمهارات اللازمة لأداء بعض المعزوفات الموسيقية التي ترتكز على عمل ثلاثي الحركة، يتميز بصعوبته وتعقيده، والذي لا يتمكن من أدائه سوى من له القدرة على التحكم بشكل قوي في تقنيات العزف.