مزمارُ الْعرّافِ

 

أعْلمُ أنّي ذاهبٌ غداً، أو بعْدَ غدٍ
إلى جبلٍ مُطلّ على مَطرِ الأمّهاتِ
أعْرفُ ذلك منَ الْحلازينِ التي اَلْتفّتْ بغْتةً
بِساقيّ، وآخرِ النّوافذِ في أحْراشِ الْمدينةِ
منْ هدأةِ النّهر الْمفْضي إلى رحابةِ الظّلماتِ
ومنْ عبثِ الْعطّارينَ بِذاكرةِ الْخُزامى
أعْلمُ أنّي ذاهبٌ غداً، أو بعْدَ غدٍ
إلى أفُقٍ أوْسعَ من عيْنيْ يائسٍ
وأعْلى قليلاً، من حافةٍ تُطلّ على حافةٍ
ومن ورْدةٍ تجْرحُ ورْدةً، في عناقٍ طويلٍ
أعرفُ ذلكَ منْ عَرقٍ متختّرٍ
في أنْفاسِ الرّعاةِ
ومن أسَفي على اغْترابِ الرّوحِ
بين قبْلتيْن عاليتيْنِ، وشُرفةٍ مغْلقةٍ
ذاهبٌ بساقِيتيْنِ في يمْنايَ
وقرْصِ شمْسٍ
وفي يسْرايَ أقْدارٌ عجيبةٌ
لِمراكبِ الملّاحينَ
واللواتي خَدشْنَ بكارةَ الّلسانِ
بِشهْقةٍ قصيرةٍ، واعْتذارٍ مريبٍ
تميلُ الرّيحُ إلى محَارةٍ صغيرةٍ في صدْري
وأميلُ بالرِّيحِ على الْجدْرانِ الْمغْسولةِ
بالدّم والدّخَان
نميلُ معاً، بالْخاسرينَ إلى حيثُ كانُوا
عُراةً من السّلاحِ، والظّنونِ، والّلغةِ الأولى
أعْلمُ أنّي ذاهبٌ غداً، أو بعْدَ غدٍ
إلى منامِ الأعْداءِ، ووحْشةِ الْبيوتِ
بلهْفةِ الْقرْبانِ الْمنذورِ لصُدأةِ الأيامِ
بيديْنِ نائِمتيْنِ على حبَقٍ، وبخارٍ عالٍ
أبلّلُ المَمرّ المُفْضي
إلى تمامِ النّهارِ في عيْنيْكَ
وأغْمرُنِي بالرّذاذِ كي لا أرانِي
فأحْملَني
وأبْطئَ في الْمسيرِ
تعالَ غداً، أو بعْد غدٍ
لتشَهدَ انْكسارَ الْموجِ على بابِي!


الكاتب : فتح الله بوعزة

  

بتاريخ : 25/02/2022