أكدت مصادر طبية أن مصالح الإنعاش بعدد من المستشفيات الجامعية والمؤسسات الصحية العمومية والخاصة وشبه الخاصة، أضحت لا تستقبل حالات للإصابة بفيروس كورونا المستجد في وضعية صحية خطيرة خلال الأيام الأخيرة، مشددة على أن هذا المعطى يؤكد تراجع ضراوة الفيروس ويعتبر مؤشرا إيجابيا يجب استثماره بمزيد من التقيد بضوابط وضعية الطوارئ الصحية، من أجل التقليص من منسوب انتشار الفيروس.
وأوضحت مصادر ” الاتحاد الاشتراكي”، أن عددا من الحالات التي لا تزال في مصالح الإنعاش بمستشفى ابن رشد نموذجا، تعود لمرضى ولجوا في بدايات الجائحة الوبائية، مشددة على أن أغلبها توجد في وضعية صحية مطمئنة، مبرزة أنه خلال حوالي أسبوع تم استقبال حالة واحدة في هذه المصالح لشخص في سن متقدمة من المحمدية. وضعية تسري كذلك على مؤسسات أخرى طاقتها السريرية في العناية المركزة والإنعاش مملوءة بنسب لا تتجاوز 26 في المئة، في حين أن أخرى فارغة.
وبيّنت أرقام تتوفر عليها ” الاتحاد الاشتراكي” أن نسبة ملء أسرّة المستشفيات بالقطاعين العام والخاص التي تستقبل مصابين بفيروس كورونا المستجد، وصلت إلى 88 في المئة، في حين رفعت بعض المؤسسات الأخرى من طاقتها السريرية خلال الأسبوع الأخير، أما مصالح الإنعاش فقد بلغت هذه النسبة فيها 31 في المئة، علما بأن لائحة المؤسسات الصحية المذكورة لا تشمل المستشفى الميداني الذي تم إحداثه بفضاء مكتب معارض الدارالبيضاء، هذا في الوقت الذي بلغت حصيلة الإصابات بجهة الدارالبيضاء سطات إلى غاية مساء السبت، 1082 حالة إصابة، أما على المستوى الوطني فقد تم تسجيل 139 حالة إضافية رفعت عد المصابين إلى 3897، مع تسجيل حالة وفاة جعلت عدد الوفيات يصل إلى 159 حالة وفاة.
وتوزعت الإصابات في جهة الدارالبيضاء سطات، ما بين 866 حالة بالعاصمة الاقتصادية، و 54 حالة بالمحمدية، ثم 50 حالة في سطات، و 47 بالنواصر، فمديونة بـ 41، ثم برشيد بـ 13 حالة وأخيرا الجديدة بـ 11 حالة، بينما لم تسجل لحدّ الساعة أية حالة بكل من بنسليمان وسيدي بنور. وكان مقر ولاية جهة الدارالبيضاء كبرى، قد شهد تنظيم اجتماع يوم الجمعة الأخير، حضره عدد من المسؤولين وممثلي الهيئات المهنية الصحية، تم خلاله تدارس الوضع الصحي بالجهة والخطوات التي تم قطعها في مواجهة الداء والتكفل بالمرضى، ونتائج العمل المشترك بين القطاعين العام والخاص، وسبل تطوير هذه الدينامية لمكافحة الجائحة الوبائية.
المؤشرات الإيجابية على مستوى الإنعاش عاكسها تواصل تسجيل إصابات جديدة مؤكدة، وإن كان أصحابها في وضعية صحية مستقرة وبدون أعراض أو مضاعفات، لكن هذا المعطى يؤكد استمرار تفشي الفيروس خاصة في الوحدات الصناعية والتجارية، الأمر الذي يتطلب توسيع رقعة إجراء الاختبارات، عوض الاقتصار على تحاليل انتقائية، وفقا لتأكيدات مختصين، الذين شددوا على أن وزارة الصحة يجب أن تقدم معطيات واضحة عن عدد الاختبارات المتوفرة اليوم، لأنه من غير المعقول الحديث عن توفر 700 ألف اختبار في حين أنه منذ بداية الجائحة الوبائية وإلى غاية اليوم فإن عدد الاختبارات التي أجريت يقدر بـ 25 ألف اختبار، والحال أنه يجب طي صفحة المخالطين والبؤر، واعتماد سياسة واضحة لضمان استمرار الانتاجية وحماية المستخدمين من الإصابة العدوى.
الحديث عن الوحدات الصناعية والمهنية والتجارية، يطرح سؤالا عريضا حول مهام وأدوار أطباء الشغل، الذين من المفروض أن يكونوا قد أشرفوا على إعداد مخططات للتعامل مع الوضعية الوبائية الحالية، وسيناريوهات الاشتغال ما بعد الحجر الصحي، في المؤسسات التي تتوفر على أكثر من 50 مستخدما ويلزمها القانون بالتعاقد مع طبيب شغل، الأمر الذي يتضح أنه غير مفعّل، إذ تؤكد مصادر “الاتحاد الاشتراكي” أن عدد الأطباء الاختصاصيين المرخص لهم بمزاولة طب الشغل قانونيا لا يتجاوز 700 طبيب على أبعد تقدير، علما بأن هناك أكثر من 1300 طبيب، إما أطباء في الطب العام أو لهم تخصصات طبية أخرى وسبق في فترة فارطة أن استفادوا من دبلومات في طلب الشغل، إلا أنه وبعد تفعيل القانون بات هذا التخصص حكرا على أطباء الشغل، الذين ليس لهم تخصص طبي آخر.
وشددت مصادر الجريدة على أن هذا العدد قليل مقارنة بعدد الوحدات الصناعية والتجارية الموجودة، وبالتالي فإن باب التساؤلات والتجاوزات يبقى مفتوحا في هذا الصدد. وكانت مندوبية التخطيط قد أشارت في بحث ميداني وطني كشفت تفاصيله شهر نونبر من 2019، إلى أن ثلثي المقاولات أي بنسبة 63% يتركز في المجال الجهوي للدار البيضاء، والرباط وطنجة، 39 في المئة منها بجهة الدار البيضاء سطات، 15% بجهة الرباط سلا القنيطرة، و9 في المئة بجهة طنجة تطوان الحسيمة.
وبلغة الأرقام دائما، فقد كشف تقرير للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، أن عدد الشركات التي أُحدثت في سنة 2018 بلغ ما مجموعه 92 ألف شركة، أي بزيادة قُدرت بـ 20 في المائة مقارنة مع سنة 2017، وتشير أرقام رسمية إلى أن مدينة الدارالبيضاء لوحدها تحتضن 39 % من الوحدات الإنتاجية للمغرب، و 60 % من اليد العاملة الصناعية، إلى جانب 30 % من شبكة البنوك الوطنية، وهو ما يبين حجم الكتلة العاملة والإجراءات العاجلة والفعالة التي يجب اعتمادها من أجل تدارك ما يمكن تداركه لتفادي ظهور بؤر وبائية بين الفينة والأخرى، هنا وهناك، التي ترفع من أعداد المصابين بشكل صاروخي، وتؤدي إلى الدخول في دوامة جديدة لتعقب المخالطين وضرورة قطع مدة زمنية علاجية لا تقلّ عن 12 يوما، والحال أنه لم يتعد أمامنا سوى 23 يوما في مرحلة الحجر الصحي الثانية، وكلما تم اكتشاف بؤر جديدة إلا وأصبح سقف رفع الحجر الصحي بعيدا؟