مطالب الشغيلة واحتجاجاتها لم تحل دون قيامها بواجبها المهني :مستعجلات ابن رشد «تتحدى» الإضراب!

أعلنت الشغيلة الصحية على الصعيد الوطني إضرابا بالمؤسسات الصحية العمومية لمدة ثلاثة أيام انطلاقا من يوم الثلاثاء 28 ماي الجاري، وذلك احتجاجا على الموقف الحكومي المتعنت الرافض لتلبية مطالبها المتوافق بشأنها بعد سلسلة من جلسات الحوار. إضراب لم يوقف دوران عجلة المستعجلات ومصالح الإنعاش والعناية المركزة بمختلف المستشفيات ومن بينها المستشفى الجامعي ابن رشد، إذ واصلت الأطقم الطبية والتمريضية القيام بواجبها في تقديم الخدمات الصحية المختلفة للمرضى والمصابين في حوادث متعددة المتوافدين عليها.
عطاء صحي، وقفت «الاتحاد الاشتراكي» على بعض من تفاصيله مساء أول أمس الثلاثاء، إذ استقبلت مصلحة المستعجلات بمستشفى ابن رشد عددا من المرضى، وإن كانت الوضعية أقلّ حدة واكتظاظا مما هو معتاد بهذه المصلحة، وسعى العاملون في تلك الليلة للقيام بما يلزم من توجيهات وتدخلات، كما هو الحال بالنسبة لحالة شخص أصيب في حادثة سير، والذي كان يعاني من نزيف على مستوى عضوه التناسلي، وهو ما كان من الممكن أن يتم التعامل معه بشكل «عادٍ» من خلال «رتق» الجرح، لكن القائمين على المصلحة فضلوا القيام بمجموعة من المشاورات الطبية مع المختصين في المسالك البولية، ليتقرر بعد ذلك القيام بتدخل جراحي مستعجل للتأكد من مدى وجود إصابة داخلية على مستوى «الأوردة» من عدمه، حتى يكون التدخل الطبي ناجعا ولا يعاني المصاب من أي مضاعفات لاحقا.
تشاور وتدخل، بيّنا على أن الخدمة الطبية والصحية عموما، التي تقدمها المستشفيات العمومية تكون ضرورية وبالغة الأهمية بالنسبة للمرضى والمصابين في وضعيات حرجة، خاصة من ينتمون منهم للفئات الفقيرة والهشة، الذين حتى وإن توفرت لديهم تغطية صحية فإن الباقي من المصاريف على كاهل المريض وأسرته يحول في كثير من الحالات دون التوجه صوب القطاع الخاص، وهو ما يؤكد على ضرورة توفير كل المقومات والشروط الضرورية، البشرية والتقنية لكي يواصل القطاع العام حضوره كقاطرة للصحة في بلادنا.
تدخل طبي جراحي، أعاد الطمأنينة إلى نفوس أسرة المصاب التي كانت جد قلقة على وضعه الصحي خاصة في ظل مكان الإصابة، وهي نفس السكينة التي بدت كذلك على قسمات مرضى آخرين وأسرهم، الذين تواجدوا خلال تلك الليلة داخل مستعجلات ابن رشد، الذين اضطروا للتوجه إليها بسبب عارض صحي ألمّ بهم، فوجدوا من يستقبلهم ومن يهوّن عليهم صعوبة اللحظة، ويقدّم لهم الخدمة الطبية الضرورية، دون تلكؤ أو سخط، فالقيام بالواجب المهني كان هو شعار المتواجدين في المصلحة في زمن الإضراب واحتجاج الشغيلة الصحية، لتؤكد «الجيوش البيضاء» مرة أخرى على أنها متواجدة في الصفوف الأولى لخدمة المواطن، الذي هو في أمسّ الحاجة إلى فتح أبواب الخدمات الصحية في وجهه في المستشفيات العمومية بعيدا عن كل ممارسة قد تجعل من زيارته لها عنوانا على التذمر والغضب والاستياء.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 30/05/2024