الكلاب، القطط، الخيول وغيرها من الحيوانات، علاقتها بالإنسان ليست وليدة اليوم، تتعدّد دوافع وغايات والارتباط بها، إما بغاية الحراسة أو الخدمة أو الألفة والمؤانسة ومواجهة الوحدة أو غيرها من الأهداف، التي وإن اختلفت المقاصد من وراءها إلا أنها تؤكد على أن الرابطة بين البشر وبعض هذه الحيوانات تكون أكثر متانة وقوة وأشدّ وفاء.
وإذا كانت الرغبة في الحصول على أحد هذه الحيوانات وترتبيها قوية بالنسبة للبعض، فإن الاعتناء بها وتوفير كل الشروط لها يجب أن يكون أقوى، فهذا الأمر يعتبر شرطا أساسيا، للحفاظ على حقوقها، وحماية صحتها وصون سلامتها وعدم تعريضها للخطر، وهو ما يتطلب الإلمام بالعديد من “التفاصيل الحياتية” منذ الولادة، كما هو الحال بالنسبة للتلقيح، التعامل مع الأمراض، التغذية، العلاقة بالمحيط، النظافة، التزاوج وغيرها من المعطيات لتفادي الإضرار بها وفقدانها في لحظة من اللحظات بسبب تقصير أو سوء تقدير.
“الاتحاد الاشتراكي” ومن أجل الاطلاع أكثر على كيفية التعامل مع “ الحيوانات الأليفة “، اختارت أن تخصص للقراء سلسلة من الحلقات لأجل تقريب كل المعلومات المتعلقة بتربية عدد منها، مستضيفة في هذا الإطار الدكتور بدر طنشري الوزاني، الطبيب البيطري، ورئيس المجلس الوطني للهيئة الوطنية للأطباء البياطرة، للوقوف عند التفاصيل المختلفة من أجل تربية سليمة للكلاب والقطط وغيرها من الحيوانات الأخرى …
توقفنا في الحلقة السابقة عند وثيقة تعريف الحصان أو ما يعرف بدفتر المرافقة الخاصة به، وتحدثنا عن الدوافع التي تجعل منه وثيقة مهمة يجب الإدلاء بها في مختلف المناسبات التي تعرف حضور الحصان، بالنظر إلى أنها تقدم كل المعلومات المتعلقة به وبسلالته، وسنكشف من خلال هذه الحلقة عن شقّ آخر يعطيها قيمة كبيرة وهو المتعلق بكل ما هو صحي.
إن البعد الصحي الذي تتضمنه وثيقة تعرف الحصان، والذي أشرنا إلى بعض ملامحه بشكل عابر، يعتبر أمرا بالغ الأهمية، لأنه عنوان على قوة وسلامة وعنفوان صاحبه بشكل يخوّل له فتح أبواب كل التظاهرات ومختلف المناسبة في وجهه، لأن مراقبة الدفتر تبين على أنه حصل على كل التلقيحات الضرورية وبأنه يخل من كل مرض، وبالتالي يتبدد كل تخوف من إمكانية انتقال مرض ما وإصابة باقي الخيول بعدواه، الذي يعتبر هاجسا كبيرا عند المنظمين لكل تظاهرة.
ويستفيد المهر من أول لقاح له انطلاقا من ستة أشهر ضد الأنفلونزا وضد مرض الكزاز، وهما معا يخصّان مرضيين غير معديين بالنسبة للإنسان، مع الإشارة إلى أهمية أن تكون والدته حاصلة عل كافة التطعيمات. وتكمن أهمية اللقاحين في منح المهر حماية صحية وضمان سلامته خاصة أنه معرض للإصابة بالعدوى في التجمعات، وكما أشرنا تتم مراقبة دفتر المرافقة الخاص به في كل التجمعات للوقوف على المعلومات إن كانت تخصه فعلا ومدى انتظامية اللقاحات التي حصل عليها. وجدير بالذكر أنه يتم تقديم اللقاح ضد المرضين في محطات مختلفة ضمن جدولة خاصة، وذلك بعد شهر ثم ستة أشهر فسنة.
كما يتعين تلقيح المهر ضد مرض “رينوبنوموني” الذي يكون بأعراض زكامية ويتسبب في إجهاض الفرس إذا ما كانت في وضعية حمل، وهو ما يتطلب تلقيحها لحمايتها، وهو اللقاح الذي يتم تكراره بعد شهر ثم ستة أشهر وسنة كذلك. أما التداوي ضد الطفيليات الداخلية فينطلق منذ الأسبوع الثالث لولادة المهر تفاديا لانتقال العدوى من مهر لآخر، ثم بعد ستة أشهر، قبل الانتقال إلى منح الدواء مرتين في السنة مع ضرورة القيام بتغيير الأدوية تفاديا للمناعة التي يمكن أن تكتسبها هذه الطفيليات.
وتعتبر مرحلة الفطام هي الأخرى محطة مهمة في حياة المهر التي يجب معرفة كيفية التعامل معها على مستوى التغذية من جهة، وهنا يجب التنبيه إلى أن الخيول حساسة ونفس الأمر بالنسبة لأمعائها وإذا وقع تغيير في وجبات الأكل أو كانت غير منظمة فإنها تؤدي إلى مشاكل في الحوافر وتتسبب في أوجاع قد تكون مميتة، لهذا يجب تمكينها من تغذية منتظمة تزاوج بين الأشكال المختلفة الضرورية بما في ذلك الوجبات المركزة والفيتامينات والأملاح المعدنية والماء بوفرة للحفاظ على صحته. ثم هناك الشق في التعامل مع المهر الذي يهمّ الجانب السلوكي حيث يجب عدم وضعه في قفص وإغلاقه عليه، بل يجب وضعه في إسطبلات مفتوحة تتيح له إمكانية الركض والتحرك بشكل مريح يسمح بإكسابه القوة ويضمن له النمو الجيد، خاصة وأن استعمال الأحصنة في السباقات القصيرة أو الطويلة يتطلب استعداد بدنيا قويا وهو ما يتم اكتسابه يوميا من خلال ممارسات الجري والقفز التي تنمّي عضلاته وتمنح نفسا قويا لمواجهة كل التحديات الرياضية.