معرض الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة

الأمن في خدمة المواطن وإبداع مغربي يواكب العصر

شهدت مدينة الجديدة حدثا مميزا تمثّل في تنظيم معرض الأبواب المفتوحة للأمن الوطني، الذي جاء في إطار السياسة التواصلية التي تنهجها المديرية العامة للأمن الوطني من أجل تقريب المؤسسة الأمنية من المواطن، وتعزيز جسور الثقة والتفاعل الإيجابي بين الطرفين. وشكل هذا المعرض، الذي استقطب آلاف الزوار من مختلف الأعمار والفئات، مناسبة فريدة للاطلاع عن قرب على الجهود الجبارة التي تبذلها المصالح الأمنية لضمان سلامة وأمن الوطن والمواطنين.

 

تميز المعرض ببرنامج غني ومتنوع جمع بين العروض الترفيهية والتوعوية والتقنية، وشهد تنظيم ندوات فكرية مهمة تناولت مواضيع ذات صلة بالتحديات الأمنية الراهنة، خاصة في ظل التحولات الرقمية وانتشار الجريمة الإلكترونية، كما احتضن ورشات تعليمية وتفاعلية لفائدة الزوار، خاصة الأطفال والشباب، تم من خلالها تبسيط عدد من المفاهيم الأمنية، وتقديم شروحات مبسطة حول عمل مختلف الأجهزة والوحدات.
وكان من أبرز اللحظات التي شدت انتباه الحاضرين، تلك العروض الميدانية المبهرة التي قدمتها نخبة من الفرق الأمنية، من بينها القوة الخاصة، التي قدمت محاكاة لتدخلات ميدانية دقيقة لمكافحة الجريمة المنظمة، الخيالة، التي استعرضت مهاراتها العالية في التحكم والتنسيق، الكلاب المدربة، التي أبانت عن فعالية كبيرة في عمليات التفتيش وكشف الممنوعات، والفرقة الموسيقية للأمن الوطني، التي أضفت طابعا احتفاليا على المعرض بعروض فنية رائعة عكست البعد الثقافي للمؤسسة الأمنية.

التقنيات الحديثة والشراكات الدولية

من الجوانب البارزة في المعرض، التعريف بعدد من المنصات الرقمية والتطبيقات التقنية، مثل منصة «طفلي مختفي»، بناء على شراكة بين المديرية العامة للأمن الوطني و مؤسسة «ميتا»، كآلية لتسريع البحث عن الأطفال المصرح باختفائهم على مستوى منصات التواصل الاجتماعي الأنستغرام والفيسبوك، عبر إتباع إجراء مسطرة التبليغ عن اختفاء القاصرين، ويشترط القيام بالتصريح لدى أقرب دائرة للشرطة أو مصلحة الديمومة في الدقائق و الساعات الأولى لاختفاء القاصر، والإدلاء المبلغ بوثيقة تثبت هويته، كما الإدلاء بوثائق تخص القاصر المختفي كعقد الازدياد، وصورة فوتوغرافية حديثة للقاصر مطبوعة أو مسجلة بداعم إلكتروني، مع تأكيد ضرورة توفر علاقة قرابة بين المصرح والقاصر المختفي، مع إلزامية وضرورة إبداء الموافقة قبل مباشرة المسطرة الخاصة بالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد نشر الإعلان وفي حالة العثور على المختفى وجب مراجعة المصالح الأمنية أو في حالة الحصول على معلومات حول مكانه.

الدورية الذكية «أمان» .. مفخرة الصناعة المغربية

غير أن نجمة المعرض بلا منازع كانت الدورية الذكية «أمان»، وهي سيارة أمنية ذكية صُنعت بأيادٍ مغربية خالصة، وتُجسّد كفاءة الطاقات الوطنية في المجال التكنولوجي والأمني. اعتمدت هذه الدورية على تقنية Smart ij التي تُمكنها من جمع وتحليل المعلومات الأمنية في الوقت الفعلي، مما يعزز من قدرتها على التدخل السريع والاستباقي.
«أمان» ليست مجرد سيارة، بل نموذج ناجح للابتكار الأمني المحلي، وهي تجسيد عملي لقدرة المغرب على ولوج نادي الدول التي توظف التكنولوجيا الذكية في المجال الأمني. وقد نالت هذه المبادرة استحسان الزوار، وأصبحت رمزًا للثقة في الكفاءات المغربية، وأيقونة للمعرض.
السيارة الذكية تم تطويرها من طرف الفرق الهندسية والتقنية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، وهي تتميز بقدرتها على التعرف التلقائي على لوحات ترقيم السيارات، حيث تلتقط الأرقام بمجرد مرور أي سيارة بجانبها، وتقوم بربط هذه المعطيات بأنظمة كاميرات المراقبة بمختلف أنواعها، سواء كانت قديمة أو حديثة، في الشوارع أو داخل المحلات والمقاهي. وتعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعرف على الوجه لتحديد هوية الأشخاص ومعرفة ما إذا كانوا مبحوثًا عنهم أو لديهم مخالفات قانونية. كما تم تزويد السيارة بمنظومة متكاملة للمراقبة البصرية بكاميرات تغطي زاوية 360 درجة، موصولة بتطبيقات القراءة الآلية للوحات الترقيم. ومن المرتقب أن يتم تعميم هذه المركبات الذكية على مختلف ولايات الأمن بالمملكة، خاصةً مع استعداد المغرب لاحتضان فعاليات دولية كبرى مثل الجمعية العامة للإنتربول، كأس أمم إفريقيا لكرة القدم، وكأس العالم 2030. إنها تجربة تستحق التثمين والتكرار في باقي المدن المغربية، لأنها ببساطة اسم على مسمى و تُجسد أمنًا قريبًا من المواطن، ومواطنة واعية بدور الأمن.

تاريخ أمني

كما عرف المعرض تخصيص جناح خاص لتحف الأمن الوطني، يسلط الضوء على تاريخه منذ التأسيس، حيث تضمن عرضا لمجموعة من السيارات القديمة المستعملة، والملابس الرسمية بمختلف أشكالها، إلى جانب الإكسسوارات والأسلحة التي توثق لمراحل تطور الجهاز الأمني. وقد أرفقت المديرية العامة للأمن الوطني هذا الجناح بمقطع فيديو توعوي يوضح كيفية التوصية بالحفاظ على هذه التحف باعتبارها تراثاً وطنياً. كما تميز جانب من المعرض بعرض لوحات فنية من توقيع أطر أمنية، تحمل بصمات شخصية لكل فرد مشارك، إلى جانب تنظيم العديد من العروض التي تجسد تفاعل الأمن الوطني مع الفنون والتاريخ والتراث.

صورة مشرّفة

بشكل عام، نجح معرض الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بالجديدة في تحقيق أهدافه التوعوية والتواصلية، وقدم صورة مشرقة عن الأمن المغربي الذي يجمع بين الصرامة المهنية والانفتاح المؤسساتي. وقد شكل هذا الحدث مناسبة لتعزيز قيم المواطنة، وغرس ثقافة الأمن التشاركي، وترسيخ الوعي الجماعي بأهمية التعاون بين المواطن ومختلف الأجهزة الأمنية في سبيل بناء مجتمع آمن ومستقر.


الكاتب : الرايسي لمياء

  

بتاريخ : 28/05/2025