معركة أنوال في ذكراها الواحدة بعد المائة،

مناسبة لاستحضار صفحات مجيدة ووضاءة في سجل الملاحم الوطنية

 

يخلد الشعـب المغربـي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير يومه الخميس 21 يوليـوز 2022 الذكرى الواحدة بعد المائة لمعركة أنوال المجيدة، التي حقق فيها المقاومون والمجاهدون المغاربـــة الأفذاذ بقيادة البطـل محمد بن عبد الكريم الخطابي انتصارا كبيرا على قوات الاحتلال الأجنبي.
فمنذ مطلع القرن العشريـن، وتحديدا منذ 1907 وإلى 1912، قاد المقاوم الشريف محمد امزيـان حركة ثورية بطولية في مواجهة الغزاة، وخاض غمار عدة معارك ضارية ضد قوات الغزو الأجنبي، حقق فيها انتصارات باهرة، وظل صامدا في وجه الاحتـلال الأجنبي إلـى أن سقـط شهيدا في ساحـة الشرف والكرامـة يوم 15 مـاي 1912.
وجاءت مقـاومة البطـل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتعم مناطق الشمال بكاملها.
لقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية بدقة وإحكام التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات واستباق الأحداث واكتساح الميدان. وبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، وصل قائدها العام الجنرال «سيلفستر» الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته. لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة القائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى التي دارت رحاها بمنطقة أنوال بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الجنود والعتاد، حيث قدر عدد القتلى بالآلاف من بينهم الجنرال «سلفستر»، كما غنم المجاهدون أسلحة متطورة كثيرة ومتنوعة.
وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم المؤيدة للشعوب المضطهدة التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في فنون حرب العصابات.
لقد منيت القوات الاستعمارية خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، فاضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.
وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الإسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتيـن العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة. وبعد أن تبين للقائـد البطل الصلب محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء، وكان ذلك صبيحة يوم 26 ماي 1926.
وتميز مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما سمي بالظهير البربري الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف به تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه، وتصاعدت وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11يناير 1944 بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس رضوان الله عليه وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالة المغفور له محمد الخامس التاريخي بالمناسبة، لتذكي الصراع المحتدم بين العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.
احتفاء بهذه المناسبة الوطنية المجيدة التي تعتبر معلمة بارزة في سجل تاريخنا الحافل بالملاحم والبطولات، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير يومه الخميس 21 يوليوز 2022 في الساعة الحادية عشرة صباحا مهرجانا خطابيا بمقر عمالة إقليم الدريوش تلقى خلاله كلمات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المحطة التاريخية الوضاءة في مسلسل تاريخ الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي دفاعا عن حمى الوطن وحياضه وثوابته، وذلك بحضور السلطات الإقليمية والمحلية والمنتخبين ونشطاء المجتمع المدني والعمل الجمعوي والمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وسيتم بالمناسبة تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وتوزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة الجديرة بموصول الرعاية والعناية.
وبذات المناسبة، ستجرى مراسم تدشين فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بجماعة ازغنغان والذي يعد ثالث فضاء بإقليم الناظور المجاهد.
كما سيتم إزاحة الستار على لوحتين رخاميتين لساحتين عموميتين تحملان اسمين لرمزين من رموز الحركة الوطنية والمقاومة والتحرير بجماعة الدريوش.


بتاريخ : 21/07/2022