تقديم
إن الارتقاء بالمنظومة التنموية لبلادنا تنطلق أساسا بوضع حد نهائي وقطعي لمختلف أشكال الريع والاحتكار والفساد، والعمل على إرجاع الثقة للمواطنات والمواطنين عبر تطبيق القانون في مواجهة أخطبوط الفساد بمختلف تلاوينه، ووضع منظومة قانونية قائمة على الحكامة الجيدة، باعتبارها أحد مظاهر تدبير الدولة الحديثة، والتوجه نحو اعتماد الكفاءة في المسؤوليات، وربط هذه الأخيرة بالمحاسبة.
وهذا التوجه، كان حاضرا وباستمرار، خلال حكومة التناوب، إذ سبق أن أكد الوزير الأول الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي في مراسلة موجهة إلى أعضاء الحكومة بتاريخ 26 ماي 1998 على التصريح بممتلكات الوزراء والقضاء على أشكال التبذير، وأطلق ورش إصلاح منظومتي الإدارة والعدل الذي لايزال مفتوحا إلى اليوم، حيث عرف مسار الإصلاح آنذاك انطلاقة حقيقية، تمت ترجمتها من خلال «ميثاق حسن التدبير»، بهدف تخليق المرفق العمومي، وعقلنة تدبيره، واعتماد سياسة ذات نجاعة وفعالية في التواصل مع المرتفقين، كما رصدت المناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري لسنة 2003 مظاهر القصور والاختلالات الجوهرية في أداء المرفق العمومي، أبرزها تفشي مظاهر الزبونية والمحسوبية والرشوة وتبذير المال العام والاختلاس، وبالمقابل غياب المحاسبة والمساءلة وضعف آليات التقييم والتفتيش، وهي نفسها الاختلالات التي تضمنها تقرير الخمسينية.
كما أولت حكومة التناوب أهمية كبرى للمنظومة القانونية المرتبطة بهذا الموضوع، حيث أصدرت عدة نصوص قانونية، قامت من خلالها بالتأسيس لمنظومة قانونية جديدة تستهدف من ورائها محاربة الفساد وتكريس النزاهة العمومية، من بينها على سبيل المثال، القانون رقم 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة الصادر بتاريخ 5 يونيو 2000، والذي أحدث بموجب المادة 14 منه مجلس المنافسة، والقانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002، والقانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى الصادر بتاريخ 11 نونبر 2003.
وقد أولى دستور 2011 أهمية قصوى للحكامة الجيدة، بهدف تغيير وعقلنة وترشيد أنماط التدبير الإداري والمالي، إذ يقوم النظام الدستوري للمملكة على مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبموجب ذلك، أخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وللمراقبة والتقييم، مؤكدا على ممارسة الوظائف وفقا لمبادئ احترام القانون والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة، وأوجب على كل شخص، منتخبا كان أو معينا، يمارس مسؤولية عمومية، أن يقدم، طبقا للكيفيات المحددة في القانون، تصريحا كتابيا بالممتلكات والأصول التي في حيازته، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، بمجرد تسلمه لمهامه، وخلال ممارستها وعند انتهائها. ثم العقاب على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي، ملزما السلطات العمومية بالوقاية من كل أشكال الانحراف والزجر عليها.
كما أكد الدستور على أن المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية، وأنه يمارس مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، ومجالسه الجهوية تراقب حسابات الجماعات الترابية وهيئاتها.
كما تناط بالمجلس الأعلى للحسابات مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، ويقدم مساعدته للهيئات القضائية، ويمارس اختصاصاته المرتبطة بالتدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية التي يقدمها المحاسبون العموميون، والتأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، والبت في طلبات الاستئناف المرفوعة ضد القرارات والأحكام الصادرة عن غرف المجلس وعن المجالس الجهوية للحسابات، ومراقبة تسيير الأجهزة العمومية وتقييم البرامج والمشاريع العمومية، ومراقبة استعمال الأموال العمومية، وتتبع تنفيذ التوصيات التي تسفر عنها المهمات الرقابية، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية، ثم مراقبة وتتبع التصاريح الإجبارية بالممتلكات طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية.
وباعتباره هيئة عليا لمراقبة المالية العمومية، مهمته تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، فالأمر يتطلب توسيع اختصاصاته لوضع حد لمظاهر الثراء الفاحش وغير المشروع الذي يظهر على بعض الأشخاص الذاتيين والمعنويين، بمناسبة قيامهم بمهام أو بناء على علاقاتهم بأولي الأمور، من خلال تطوير المنظومة القانونية وجعلها أداة لمحاربة مختلف أشكال الريع والاحتكار والفساد.
وفي ذات السياق، أحدث بموجب الفقرة الأخيرة من الفصل 36 من الدستور، هيئة وطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن تتولى على الخصوص، مهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في هذا المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، وثقافة المرفق العام، وقيم المواطنة المسؤولة.
ولعل المنظومة القانونية القائمة على الحكامة الجيدة، تبدأ بوضع سياسة جنائية تواجه الفساد، في أفق اعتماد سياسات عمومية، ناجعة وفعالة، موازية للسياسة الجنائية، في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، هدفها الأساسي وضع حد للريع والاحتكار والفساد بمختلف أنواعه، وتقوية مختلف الآليات القانونية الرامية إلى محاربته بكل مظاهره وتجلياته، ومستوياته وآلياته، خاصة حينما تساهم السلطة والنفوذ في الإثراء غير المشروع.
وقد سبق في إطار المبادرة الاتحادية المناهضة لمختلف أشكال الفساد، أن قدم الفريق الاشتراكي بمجلس النواب عدة مقترحات قوانين تؤسس لمنظومة قانونية فاعلة، من بينها مقترح قانون يرمي إلى إحداث هيئة قضايا الدولة من أجل وقاية مرافقها من المخاطر القانونية، وتمكينها من آليات مركزية في مجال محاربة الفساد وتبذير المال العام، واليوم نتقدم بمقترح قانون جديد في نفس السياق يتعلق بالإثراء غير المشروع، في إطار تصور حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لاستراتيجية حقيقية وذات فعالية لمحاربة الفساد، تتضمن إجراءات وتدابير ملموسة.
وجدير بالذكر، أن مشروع قانون رقم 10.16 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، حاول تنظيم جريمة الإثراء غير المشروع، مختزلا ذلك في فصل يتيم ضمنه ضمن الفرع 4 مكرر، تحت رقم 256 – 8 ، وما جاء فيه «يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، ويعاقب بغرامة من 100.000 درهم إلى 1.000.000 درهم، كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة أن ذمته المالية أو ذمة أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر، بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة.
علاوة على ذلك، يجب في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من هذا القانون والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومة طبقا للفصل 86 أعلاه».
واعتبارا لكون محاربة الفساد تعتبر من بين الآليات المحورية لتجاوز الأزمة المؤسساتية، وترسيخ مقومات الدولة القوية العادلة، وتكريس قيم مجتمع حداثي متضامن، وجريمة الإثراء غير المشروع من بين أبرز جرائم الفساد التي تؤثر سلبا على المنظومة التنموية لبلادنا، كما أن القصور القانوني يمكن صاحبها من الإفلات من العقاب، في ظل غياب منظومة قانونية ترتكز على الحكامة الجيدة ومحاربة الفساد وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. وهو ما يجعلها جريمة خطيرة تساهم في تخلف البلاد، وتقهقر مسارها التنموي.
ووضع منظومة قانونية لمواجهة هذه الجريمة وآثارها لا يمكن أن يكون بفصل وحيد، بل بقانون متكامل، وهو ما يمكن التقاطه من عدة تجارب دولية فضلى، منها التجارب العربية كالأردن ولبنان وتونس، حيث تزايد الاهتمام بقواعد النزاهة العمومية، في إطار الحكامة الجيدة، وهو ما أدى في الكثير من الأنظمة إلى بروز منظومات قانونية متكاملة خارج قوانينها الجنائية.
وفي هذا السياق، إن التعبئة الوطنية التي عرفتها بلادنا بقيادة جلالة الملك، خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، يجب أن تستمر لتشمل كل المجالات، بهدف تنزيل مبادئ الحكامة الجيدة، باعتبارها أبرز المرتكزات الأساسية للدولة، ومحاربة الفساد المالي وحماية المال العام، ودعم النزاهة العمومية، من خلال تكريس الشفافية والحكامة في التدبير العمومي.
لذلكم، يتقدم الفريق الاشتراكي بالمقترح الآتــــــــي:
مقترح قانون يتعلق بالإثراء غير المشروع
الباب الأول: أحكام عامة
الفصل 1:
يندرج في إطار الإثراء غير المشروع كل زيادة كبيرة وغير مبررة في المال المنقول أو الثابت، المتحصل عليه خلال فترة إجبارية التصريح بالممتلكات، بشكل غير متناسب مع موارده، مع تعذر إثبات المصدر المشروع لتلك الزيادة، وكل الهدايا الثمينة والامتيازات التي تؤثر على الأداء الموضوعي والنزيه للمعني بالأمر.
يعتبر كذلك، الثراء الذي لا يوازي الموارد المشروعة للشخص المكلف بتدبير المال العام، ولو لم يكن معنيا بالتصريح بالممتلكات.
لا يشترط في جريمة الإثراء غير المشروع، تحققها مباشرة أو حالا، بل قد تنشأ عن الاستفادة من ترخيصات أو مشاريع مستقبلية.
يعد الامتناع عن التصريح بالممتلكات قرينة من أجل فتح البحث بخصوص الاتهام بالإثراء غير المشروع.
الفصل 2:
يعد مرتكبا لجريمة الإثراء غير المشروع، كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، سواء كان منتخبا أو معينا بصفة دائمة أو مؤقتة:
ـ إذا ثبت بعد توليه للوظيفة أو المهمة المسندة إليه، أن ذمته المالية، أو ذمة زوجه، أو أولاده القاصرين الخاضعين للتصريح، عرفت زيادة كبيرة وغير مبررة، انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر، بعد صدور هذا القانون، مقارنة مع مصادر دخله المشروعة، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة.
ـ إذا ثبت أنه يتوفر على أرصدة مالية خارج التراب الوطني، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لها بمكان ضبطها.
ـ إذا استعمل المال العام أو وسائل وممتلكات الدولة، والمؤسسات والمقاولات العمومية، والجماعات الترابية وهيئاتها، ولو بشكل مؤقت، من أجل الحصول على فائدة.
الفصل 3:
يعد مرتكبا لجريمة محاولة إخفاء مظاهر الإثراء غير المشروع، كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، سواء كان منتخبا أو معينا بصفة دائمة أو مؤقتة:
ـ إذا تخلف عن تقديم التصريح بالممتلكات المتعلق بنهاية الوظيفة أو المهمة المسندة إليه، وذلك بعد انقضاء أجل ثلاثة أشهر من تاريخ توصله شخصيا بإنذار كتابي من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
ـ إذا ثبت أنه قدم بسوء نية، تصريحا يتضمن بيانات غير صحيحة، من أجل إخفاء الزيادة في ذمته المالية.
ـ إذا كان الترخيص أو السند القانوني أو أية وثيقة أخرى، المتحصل عليها لمراكمة الزيادة المسجلة في ذمته المالية، أعدت خلافا للقانون.
ـ إذا أصدر قرارا أو أمرا أو أي سند قانوني للتأثير على القيمة المالية لتصرف يمس الأموال المنقولة أو الثابتة، بشكل يعود بالنفع على ذمته المالية.
ـ إذا كان يشغل أجيرا أو أكثر في القطاع الخاص، ولم يسجل انخراطه في نظام الضمان الاجتماعي وفق النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها، لمدة تتجاوز ثلاث سنوات.
ـ إذا ارتكب عن سوء نية، أفعالا تندرج في إطار التهرب الضريبي.
الفصل 4:
يعتبر في حكم مرتكب جريمة الإثراء غير المشروع والمشاركة فيها:
ـ كل شخص ذاتي أو معنوي، عرفت ذمته المالية زيادة كبيرة، بسبب التواطؤ مع أحد الملزمين بالتصريح الإجباري بالممتلكات، من أجل الحصول على منفعة.
ـ كل شخص ذاتي أو معنوي، احتفظ لنفسه أو سجل باسمه أملاكا تعود لشخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، من أجل التستر على مظاهر ثراء هذا الأخير.
ـ كل من ساعد على إخفاء الإثراء غير المشروع، أو عمل على حفظ الأموال المتأتية منه أو إخفائها.
الفصل 5:
يعتبر في وضعية السكوت عن تضارب المصالح، كل شخص، سواء كان منتخبا أو معينا بصفة دائمة أو مؤقتة:
ـ إذا كانت المهام المسندة له أو لأحد الأشخاص العاملين تحت إشرافه، لها ارتباط وثيق بمصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة يستخلصها لفائدته، ولو عن طريق غيره، والتي من شأنها أن تؤثر على أدائه، دون أن يسارع إلى وضع حد لتضارب المصالح داخل أجل شهر من حصولها.
ـ إذا حضر بصفة شخصية أو عن طريق أحد مرؤوسيه، للتداول أو لإنجاز مهام رقابية على جهة ما، لها ارتباط وثيق بمصلحة شخصية مباشرة أو غير مباشرة يستخلصها لفائدته.
يجب عليه عند وجود تضارب المصالح أو مجرد احتماله، إشعار رئيسه المباشر أو السلطة المشرفة عليه، ويتعين عليه الامتناع عن أخذ أي قرار أو القيام بأي إجراء من شأنه أن يصبح في وضعية تضارب المصالح.
لا تعتبر مصلحة شخصية مالية مشاركته في الدراسة أو التداول بشأن موضوع يهم قطاعا أو فئة ينتمي إليها.
الفصل 6:
تسري أحكام هذا القانون، على القائمين بمهام الرئاسة وأمانة المال، بصفة دائمة أو مؤقتة، في مختلف الجمعيات والأحزاب السياسية والنقابات وكل الهيئات غير الحكومية في الشق المتعلق بالدعم العمومي المتحصل عليه من طرف الدولة والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية والجماعات الترابية وهيئاتها.
كما تسري أحكامه على مختلف الأطراف التي تدبر المال العام ولو لم تكن معنية بالتصريح بالممتلكات.
الباب الثاني: الإجراءات المتعلقة بالبحث والتدقيق
الفصل 7:
يعهد للمجلس الأعلى للحسابات، والمجالس الجهوية التابعة له، كل حسب اختصاصاته، بالبحث والتدقيق، في التصريحات المودعة لديهم، وفي الطلبات والشكايات التي ترد عليهم بشأن تنفيذ هذا القانون.
الفصل 8:
يتولى البحث والتدقيق في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، من طرف قضاة قضوا على الأقل 10 سنوات من الأقدمية الفعلية في مهام التدقيق والتحقيق والبت لدى المحاكم المالية.
ويشترط فيهم أن لا تكون لهم مصلحة مباشرة أو غير مباشرة بالأشخاص أو الأجهزة العمومية، التي يجرى البحث والتدقيق بشأنها.
الفصل 9:
يباشر البحث والتدقيق انطلاقا من التصريح بالممتلكات الذي أودعه المعني بالأمر، أو بناء على طلب أو شكاية واردة من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، أو السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، أو رئاسة النيابة العامة، أو رئيس مجلس المنافسة، أو رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو الوكلاء العامون للملك لدى محاكم الاستئناف، أو وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، أو الولاة والعمال، أو الرؤساء المباشرون للأشخاص المشتبه بهم.
الفصل 10:
تباشر إجراءات البحث والتدقيق وفق ما ينص عليه الفصل الرابع المكرر من القانون رقم 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، بخصوص التصريحات الإجبارية بالممتلكات، ما لم ينص هذا القانون على خلاف ذلك.
الفصل 11:
لا يمكن للإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، والجماعات الترابية وهيئاتها، ومؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، رفض الطلبات الموجهة إليها من المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية التابعة لها، بشأن البحث والتدقيق، بدعوى وجود سر مهني محتمل.
الفصل 12:
للشخص المشتبه به الحق في أن يثبت مشروعية مصادر ثروته أو إنفاقه، بكل الوسائل المتاحة قانونا.
الفصل 13:
بعد انتهاء البحث والتدقيق، تصدر الجهة القضائية المختصة لدى المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية التابعة له، تقريرا يتضمن بتدقيق كل المعطيات المتعلقة بالإثراء غير المشروع، مع تبيان مصادر الدخل المشروع المستبعد من المتابعة، والزيادة التي لم يثبت المصدر المشروع بشأنها، والأفعال الأخرى المنصوص عليها في هذا القانون، دون أن يتضمن أي إجراء قضائي في حق الأشخاص المتهمين.
يحال هذا التقرير على الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات.
الفصل 14:
يحيل الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات التقارير التي تتضمن أفعالا يعاقب عليها هذا القانون، على كل من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، ورئاسة النيابة العامة.
الفصل 15:
تخضع باقي الإجراءات المتعلقة بتطبيق هذا القانون، أمام القضاء، لنفس الإجراءات المطبقة أمام محاكم جرائم الأموال، بما في ذلك أجل تقادم الجرائم والعقوبات.
الفصل 16:
يمكن للنيابة العامة ولقاضي التحقيق أن يستصدر أمرا قضائيا استعجاليا يرمي إلى الحجز الاحتياطي على الأموال غير المبررة الموجودة بذمة المتهم، إلى حين صدور حكم قضائي في النازلة أو أمر قضائي جديد يضع حدا للأمر السابق أو لجزء منه.
كما يمكن وبنفس الصيغة، استصدار أمر بحجز الأموال المنقولة أو الثابتة غير المدلى بما يثبت شرعيتها، سواء كانت بذمة أصوله أو أحدهم، أو زوجه أو أولاده القاصرين أو ورثته، أو أحد الأشخاص المتهمين بالمشاركة.
ويمكن للنيابة العامة أو قاضي التحقيق أن يستصدر من المحكمة قرارا استعجاليا يقضي بمنع أي متهم موضوع بحث أو تحقيق من مغادرة التراب الوطني، ويبقى ساريا إلى حين صدور حكم قضائي في النازلة أو أمر قضائي جديد يضع حدا للأمر السابق.
الفصل 17:
تعمل المحكمة، تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة أو قاضي التحقيق، على حماية الأموال من التبديد أو التفويت أو فقدان قيمتها، ولها أن تأمر ببيع الممتلكات التي يخشى تلفها أو فقدان قيمتها ووضع عائداتها بصندوق المحكمة باسم المتهم في انتظار صدور حكم قضائي في الموضوع.
الفصل 18:
تكتسي مختلف مراحل البحث أمام المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية التابعة له، والنيابة العامة وقضاء التحقيق طابع السرية المطلقة، بما في ذلك المستندات والوثائق المعتمدة، ويجوز لدفاع المتهم أن يطلع على الوثائق أمام قاضي التحقيق دون أن يكون له الحق في نسخها.
الفصل 19:
علاوة على من له الحق في المطالبة بالتعويض، يحق للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربته، أن تنتصب طرفا مدنيا في الدعاوى المتعلقة بتنفيذ هذا القانون.
الباب الثالث: العقوبات
الفصل 20:
يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة تساوي ضعف قيمة الأموال المتحصل عليها بطريقة غير مشروعة، كل من ارتكب جناية الإثراء غير المشروع.
الفصل 21:
يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وغرامة من 10.000,00 إلى 100.000,00 درهم، أو بإحدى العقوبتين فقط، كل من ارتكب محاولة إخفاء مظاهر الإثراء غير المشروع.
الفصل 22:
تطبق مقتضيات الفصول من 129 إلى 131 من مجموعة القانون الجنائي، على المشاركة في ارتكاب أحد الأفعال التي يعاقب عليها هذا القانون.
غير أنه يعفى من المتابعة، الشريك الذي تتواجد في حوزته أو في مكان يعلمه، أموال تندرج في إطار الإثراء غير المشروع، إذا بادر إلى التبليغ عنها أو تقديم إرشادات أو معلومات بشأنها، إلى رئاسة المجلس الأعلى للحسابات، قبل انطلاق البحث بشأنها.
وإذا قام بذلك بعد انطلاق البحث في النازلة، يستفيد من ظروف التخفيف أو يعفى من العقوبة، مع حجر الأموال المتحصلة لديه.
الفصل 23:
يعاقب بغرامة من 10.000,00 إلى 500.000,00 درهم، كل من كان في وضعية السكوت على تضارب المصالح.
الفصل 24:
يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين، وغرامة من 50.000,00 درهم إلى 100.000,00 درهم، أو بإحدى العقوبتين فقط، كل من تعمد نشر المستندات المتعلقة بالبحث والتدقيق أو مضمونها، خلال مرحلة سرية البحث، دون الإخلال بالعقوبات الأشد.
الفصل 25:
يجب في حالة الحكم بالإدانة، الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة طبقا للفصل 42 من مجموعة القانون الجنائي، والتصريح بعدم الأهلية لمزاولة جميع الوظائف أو المهام العمومية طبقا للفصل 86 من مجموعة القانون الجنائي.
يصدر الحكم بمصادرة الأموال غير المبررة، ولو انتقلت إلى ذمة مالية أخرى أو تغيرت وضعيتها، لفائدة الدولة، على أن تراعى في المصادرة حقوق الغير حسن النية.
الفصل 26:
إذا تعلق الأمر بشخص اعتباري، يمكن للمحكمة بعد مصادرة الأموال المتحصلة لديه بسبب الإثراء غير المشروع، أن تصدر في حقه حكما بالحل ومصادرة كل أو جزء من أملاكه، أو بالمنع من المشاركة في الصفقات العمومية لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات، أو نشر الحكم على جريدتين وطنيتين على نفقته، دون أن يمنع ذلك من متابعة المسؤولين عن الأفعال المذكورة إذا ثبتت مسؤوليتهم الشخصية عنها.
الفصل 27:
لا تسقط المتابعة من أجل الإثراء غير المشروع أو المشاركة فيها، بانتهاء المهام المسندة إلى الفاعل، سواء بالاستقالة أو الإقالة أو التقاعد أو انتهاء المهام بأي شكل كان.
ولا تمنع وفاة المتهم من مصادرة الأموال المتحصل عليها من طرفه بطريقة غير مشروعة، والتي تتم مباشرتها ولو بعد تقسيمها من طرف الورثة والدائنين.
الفصل 28:
دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، لا تمنع المتابعة من أجل الأفعال المنصوص عليها في هذا القانون، من عدم تحريك متابعة أو متابعات أخرى ترتبط بها، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في نصوص أخرى.
الباب الرابع: أحكام مختلفة
الفصل 29:
يعتبر مستقيلا من مهامه بحكم القانون كل من لم يقدم تصريحا بالممتلكات خلال أجل ثلاثة أشهر من تاريخ توصله بإنذار كتابي من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
الفصل 30:
يتعين على كل شخص ملزم بالتصريح الإجباري بالممتلكات طبقا للتشريع الجاري به العمل، أن يعمل على تقديم تصريح جديد داخل أجل ستة أشهر من دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
الفصل 31:
يدخل هذا القانون حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.