مقتطفات من تاريخ الحركة الوطنية يرويها المقاوم امحمد الظاهر -18- الاحتفال بالعيد الوطني والرسالة الملكية /2

قبل رحيله إلى دار البقاء ألف حول الحركة الوطنية بالمدينة القديمة، تحت عنوان ثنايا الذاكرة، إنه المناضل الكبير الغيور على وطنه المرحوم ذ. امحمد الظاهر، فمن هي هذه الشخصية البارزة، التي قاومت الاستعمار الفرنسي
مع زمرة من المقاومين الذين نقشوا
تاريخ الحركة الوطنية بمداد من الفخر والعز والكرامة؟
ولد سنة 1931 بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، وفي أول خطوة له، نحو التمدرس التحق بالكتاب القرآني، فحفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، بعدها التحق بالمدرسة العبدلاوية، حيث نال الشهادة الابتدائية، تم تابع دراسته بجامعة القرويين بمدينة فاس، وبها أدى القسم على يد الشهيد عبد العزيز بن ادريس العمراني الحسني رحمه الله ،بعدها انتقل إلى مؤسسة عبد الكريم لحلو بالدار البيضاء، إلا أن القرار الجائر الذي أصدره المقيم العام الجنرال جوان حال دون حصوله على شهادة البكالوريا، فالتحق بالتعليم الرسمي كمدرس للغة العربية بالدار البيضاء لحزب الاستقلال، ومنها مباشرة إلى صفوف المقاومة المسلحة المغربية .اعتقل يوم 16 يونيو 1963 بمقر الكتابة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بالدار البيضاء، مزج بين النشاط الوطني والسياسي والعمل الجمعوي خلال مسيرة الجهاد الأكبر بعد الاستقلال، فحصل على الوسام الوطني لأطر ومسيري بناء طريق الوحدة من طرف الملك المحرر المغفور له محمد الخامس، وساهم في بناء »الاتحاد الوطني للقوات الشعبية«، حيث انتخب عضوا ضمن الكتابة المحلية لفرع المدينة القديمة، وعضوا في اللجنة المركزية بالدار البيضاء .انتخب نائبا برلمانيا بالدائرة الثانية لعمالة الدار البيضاء في أول برلمان يشهد النور على يد المغفور له الحسن الثاني. أنعم عليه جلالة الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط، كما حصل على الدرع الوطني من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وحظي بتكريم من طرف مؤسسة الزرقطوني للثقافة والأبحاث.

 

وكان المناضل المرحوم امحمد الظاهر قيد حياته يتذكر دائما أن جماعة السوق المركزي لتجار السمك التي كان متعهدا لها ضمن الخلايا التي كان يشرف على تسييرها قدمت لوحة تشكيلية رائعة
يبلغ ثمنها آنذاك 60 آلف فرنك وهو مبلغ لا يستهان به كذلك كذلك كان الشأن بالنسبة إلى جماعات الحزب على الصعيد الوطني حيث امتازت في اقتناء الهدايا وأبدعت وأحسنت الاختيار امتلأت جنبات القصر الملكي Œدار السلام˜ بالهدايا الجميلة والمتنوعة التي بلغت منتهى الروعة والابداع قدمتها أطر الحزب والهيئة النقابية وممثلو التجار والصناع والحرفيين والمهنيين المرتبطين بالحقل الاستقلالي ومن مختلف شرائح المجتمع المغربي الأبي الذي التفت حول العاهل المفدى وبايعه على السراء والضراء وفي العسر واليسر منذان دخلت الحركة الوطنية على الخط وتحملت مسؤوليتها الكاملة واضطلعت بدورها الايجابي في التوعية ونشر الدعوة والتكوين والتوجيه والتأطير والاعلام وواجهت كل الظروف الصعبة والازمات الخانقة والنكبات والشدائد بشجاعة نادرة وتحملت أعنف التضحيات وأشدها وقعا
استقبل العاهل الكريم وفود الوطنيين الذين حجوا إلى القصر الملكي بالرباط من مختلف ربوع المملكة لتقديم التهاني والتبريكات والهدايا الرمزية ذات البعد العميق وكان امحمد الظاهر ضمن وفد الدار البيضاء الذي مثل بين يدي جلالته ولأول مرة سيحظى بالسلام على العاهل الكريم وينال منه كلمة الرضا والثناء التي شملت جميع المهنئين تواضعا من جلالته ومجاملة وتقديرا وقد تم هذا الاستقبال المولوي صباح يوم الاحد 16 نونبر وبعد الانتهاء من هذه الزيارة النبيلة عاد كل وفد إلى مسقط رأسه فرحا مسرورا ورجع مناضلو الدار البيضاء إلى مدنهم لكن أصبحت القلب النابض للحركة الوطنية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لمواصلة عملهم واستعدادهم للاحتفال بهذا العيد السعيد الذي دام ثلاثة أيام كاملة بليلها ونهارها في حرية تامة وفي جو جمع بين الهزل والجد والمرح والترفيه غير عابئين بما يبيته لهم الغد الذي لا يعلمه الا الله والحقيقة كما يرويها امحمد الظاهر ان احتفال هذه السنة الفضية تميز عن سابقاتها في كل شيء تفوق في مظاهر التزيين كما ونوعا الارتقاء بالفقرات الادبية والفنية ومواضع الارشاد والتوجيه والتوعية ويمكن القول أنها كانت استراحة محارب اختلس لحظة استجمام ليستعيد قواه من أجل مواجهات جديدة لاح شبحها في الافق وأكدت الاحداث تنبؤاتنا التي جاءت في محلها
اغتنم الشهيد محمد الزرقطوني فرصة الاستقبال الملكي الذي سيخصص للفعاليات الوطنية والنقابية وأطر الحزب في اطار الاحتفال بعيد العرش الفضي بعد أن اختمرت في ذهنه منذ زمن وكانت تراوده أثناء الليل وأطراف النهار دون أن يبوح بها لأحد وهي الاستئناس برأي جلالته حول تكوين خلايا المقاومة المسلحة التي باتت ضرورة ملحة ردعا لقوات الاستعمار وتأديبا لعملائه وللخونة الذين باعوا دينهم ووطنهم بأبخس الاثمان على غرار مساهمة جلالته في تحضير وثيقة المطالبة بالاستقلال وتهييئها إلى جانب صفوة من أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وتقديمها في الوقت المناسب بأمر جلالته وباتفاق معه أليس من الحكمة والتبصر والعمل الحديث المأثور ما خاب من استشار وما ندم من استخار ان يطلع جلالته وهو القائد لمعركة التحرير على ما يحضروه في الخفاء تحسبا لأيام الشدة خلال ما تبقى من أيام اليسر ان كان هناك في الوقت بقية ووطد العزم على تنفيذ هذا الأمر بصفة قطعية واتصل بمن كان يرى فيه أهلية اشراكه في هذا السر واختار المرحوم محمد الرقيبي المناضل المؤطر لمسيري خلايا فرع المدينة القديمة نظرا للعلاقات الطيبة المتميزة التي كانت تجمعهما بالاضافة روابط النضال الوطني والذي هو أساس هذه العلاقات وفاتحه في الموضوع فرحب به ترحيبا واستحسن الفكرة هو الاخر وشجعه على تنفيذها وأملى عليه الشهيد فحوى الرسالة الملكية المزمع تقديمها وتولى المرحوم الرقيبي تحريرها بأسلوب أدبي مرموق يليق بجلالة الملك وأعطى الشهيد الزرقطوني كلمة السر لهاته الرسالة وهي الرمز الاتي.


الكاتب : إعداد: محمد تامر

  

بتاريخ : 11/08/2017