تطوان على وقع الصدمة والخوف من تفشي جائحة فيروس كورونا -» كوفيد 19»، بعد تأكيد إصابة طبيب النساء ، وزوجته .وفي هذا الاطار، لم تتوقف وسائط التواصل الإجتماعي «واتساب و الـ” فيسبوك» ، منذ يوم الجمعة المنصرم، عن تبادل الأخبار التي تروج كلّها حول «تهور وعدم مسؤولية الطبيب وزوجته»، بل وحملتهما المسؤولية «لما ستؤول إليه الأوضاع الصحية لمدينة تطوان.»
من جانب آخر، كانت تطوان تترقب فقط شفاء الشاب التطواني «ه.ب» وتدعو له بالشفاء العاجل، بل وأصبح شريط الفيديو الذي سجله يوم الخميس المنصرم، وهو يلاعب الورق الصحي بقدميه، مادة دسمة في وسائط التواصل الإجتماعي، مما طمأن الرأي العام حول صحة الشاب ونجاح مصالح الصحة في محاصرة الداء.
ريال مدريد أصل زحف كورونا لتطوان ؟
تعود قصة الأسباب الحقيقية وأولى بوادر زحف فيروس كورونا لمدينة تطوان إلى مقابلة الدورة 27 من الدوري الإسباني، التي نازل خلالها ريال مدريد فريق ريال بيتيس، إذ تحمس لها الشاب هشام، ودفعه حبّه وتعلقه بفريقه الملكي إلى حجز مقعد له برفقة مجموعة من أصدقائه بملعب «فيامارين» بمدينة إشبيلية يوم الثالث من شهر مارس الجاري، حيث حزموا أمتعتهم لمساندة فريقهم، والذي انهزم بهدفين لصفر.
وازدادت خيبة الأمل، بعدما أصيب الشاب هشام خلال هذه الرحلة، إذ أن جسده سيتلقى عدوى فيروس كورونا بالديار الإسبانية، التي كانت تعيش الأسبوع الثاني من دخول الفيروس إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، وكانت الحياة هناك عادية، والإسبان يعيشون حياتهم اليومية وكأن شيئا لم يحدث.وبعد ذلك ستأتي المرحلة الحاسمة، عند رحلة عودة الشاب هشام إلى المغرب، يوم 8 مارس الجاري، والتي ستقوده إلى الإنتقال إلى مدينة مدريد، التي منها سيلتحق إلى مطار ابن بطوطة بطنجة عبر مطار براخاس، وذلك برفقة المغرمين بفريقهم ريال مدريد، هذه الرحلة التي كان من ضمن ركابها أيضا طبيب النساء والتوليد بتطوان.
الاعلان الرسمي عن إصابة هشام بكوفيد 19 كأول حالة بتطوان
أيام قليلة بعد عودة الشاب هشام إلى منزله، بدأت تظهر عليه بعض الأعراض المرضية؛ من قبيل ارتفاع الحرارة، وألم في المفاصل، وعدم القدرة على التحرك، والسعال الحاد، مما جعل الشاب يقصد أولا إحدى المصحات الخاصة بالمدينة، حيث مباشرة بعد تشخيص حالته، اتصلت إدارة المصحة بالخلية الإقليمية لوزارة الصحة، التي عملت على نقل المصاب إلى المستشفى الإقليمي «سانية الرمل»، ليجرى وقتئذ تفعيل البرتوكول الصحي، ووضع المشتبه فيه بالحجر الصحي بمصلحة القلب والشرايين بذات المستشفى، وبعد أخذ العينات لتحليلها بالمركز الوطني للصحة بالرباط، مساء السبت 14 مارس الجاري، وللأسف أن النتائج جاءت إيجابية، ليتم الإعلان رسميا عن تسجيل أول حالة بمدينة تطوان، وليتقرر في نفس الوقت نقل الشاب المصاب إلى مستشفى «الدوق دو طوفار» بمدينة طنجة قصد وضعه في الحجر الصحي.
استنفار في صفوف الأجهزة
الطبية والأمنية
على إثر هذه التطورات السريعة، عرفت المندوبية الإقليمية للصحة بتطوان،صبيحة يوم الأحد 15 مارس وكذا مختلف الأجهزة الأمنية، وخاصة القيادة الجهوية للدرك الملكي لتطوان، حالة استنفار قصوى للوصول إلى جميع مخالطي المصاب الأول بمدينة تطوان.
ومن بين أولى الاجراءات أن المصالح المختصة عملت على الوصول إلى لائحة المسافرين في ركاب الطائرة « رايان إير» ليوم 8 مارس 2020، الرابطة بين مدريد وطنجة، عبر مديرية الطيران، التابعة لوزارة السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية، والتي كان من ضمن ركابها الشاب هشام، لتشرع المصالح المختصة في الإتصال بجميع الركاب قصد تحديد مكان تواجدهم، وإبلاغهم بضرورة الدخول في «حجر صحي» بمنازلهم، ومعرفة أرقام هواتفهم؛ قصد الإتصال بهم يوميا ثلاث مرات لتتبع حالتهم الصحية، والإطمئنان عليهم.
وفي نفس الوقت فتحت السلطات الأمنية المختصة، بحثا إداريا مع الشاب هشام، قصد معرفة جميع تحركاته ولقاءاته منذ دخوله المغرب، ليتقرر بعد ذلك الإتصال بكل من تم ذكره في معرض أقواله، كما قررت السلطات الصحية وضع زوجته وإبنه في الحجر الصحي بمنزل العائلة وسط مدينة تطوان.
رفض طبيب النساء وزوجته الطبيبة الدخول في الحجر الصحي
تمكنت المصالح المختصة من الإتصال بجميع المسافرين الذين رافقوا الشاب هشام، وفق البروتكول الصحي المعمول به في مثل هذه الحالات، الذين جميعهم التزموا بالتعليمات، ليتم في ذات الوقت الاتصال بطبيب النساء “ 75 عاما» وزوجته الطبيبة المتقاعدة، لكن ردهما كان فيه تلكؤ في الامتثال للتعليمات الصارمة، ليخبرا الجهة المتصلة بهما كونهما لحظتها، يتواجدان بمدينة سبتة المحتلة، على اعتبار أنهما يحملان الجنسية الإسبانية، ويقطنان بالثغر المحتل، وأنهما سيدخلان الحجز الصحي بمنزلهما طواعية بالمدينة السليبة، غير انه وبعد ان اعلنت السلطات المغربية بتنسيق مع نظيرتها المغربية إغلاق الحدود الوهمية بين المدينة السليبة وباقي التراب المغربي، يوم الخميس 12 مارس، سارع الطبيب وزوجته الى مغادرة منزلهما والالتحاق بمقر سكناهما بمدينة تطوان.
أكثر من ذلك باشر الطبيب أعماله اليومية بعيادته الطبية، من خلال استقبال المرضى والنساء الحوامل، و واصل اشتغاله بـ «المصحة حيث كان يقوم باستقبال المرضى بها وتوليد النساء الحوامل بالمركب الجراحي بذات المصحة، علما بأنه وزوجته كانا قد قالا بأنهما سيدخلان الحجز الصحي بمنزلهما طواعية بالمدينة السليبة، غير انه وبعد ان اعلنت السلطات المغربية بتنسيق مع نظيرتها الاسبانية ، إغلاق الحدود الوهمية بين المدينة السليبة وباقي التراب المغربي، يوم الخميس 12 مارس، سارع الطبيب وزوجته الى مغادرة منزلهما والالتحاق بمقر سكناهما بمدينة تطوان.
أعراض الفيروس تفضح الطبيب وزوجته
إنكشف كذب الطبيب وزوجته، يوم الخميس 19 مارس، بعدما ظهرت عليه الأعراض الرئيسية للفيروس، إذ سارع إلى التوجه للمستشفى المدني سانية الرمل، حيث مباشرة بعد دخول الطبيب وزوجته الجناح الخاص الذي أحدثته المندوبية بذات المستشفى، تم أخذ العينات له ولزوجته، ليتم توجيهها إلى المركز الوطني للصحة بالرباط، والتي جاءت نتائجها إيجابية وتعلن وزارة الصحة في بلاغ رسمي يوم الجمعة إرتفاع عدد المصابين بتطوان إلى 3 مصابين.
ولهذه الأسباب وإعتبارا لحساسية مهنة الطبيب المصاب، فقد انتشر خبر إصابته كالنار في الهشيم لدى الرأي العام المحلي بتطوان، بل بدأت تتواتر الروايات والإشاعات حول العيادة، وكذا المصحة التي يشتغل بها مباشرة بعد رجوعه من عطلته التي قضاها بمدينة ميامي الأمريكية، والتي اضطر إلى الإنتقال إلى مدينة مدريد الإسبانية ومن بعدها وصولا إلى مدينة طنجة.
وهكذا أثارت تداعيات إصابة طبيب تطوان، موجة من الهلع والخوف في صفوف المواطنات والمواطنين ، حيث أن كل من قدم إلى المصحة المعنية بهدف العلاج، وخاصة من النساء اللواتي أنجبن أو أجرين فحصا من طرف الطبيب المعني إلا وإنتابهن التوجس والخوف.
هذا وقد ساد في صفوف العاملين بالمصحة هلع وخوف شديدان، خاصة بعد إصدار أوامر إلى جميع مخالطي الطبيب بالعيادة للدخول في حجر صحي بمنازلهم.
قرار رسمي لغلق وتشميع المصحة وعيادة الطبيب إلى أجل غير مسمى
في أولى أيام فصل الربيع الممطرة، وتداعيات الحذر من تفشي جائحة فيروس كورونا-»كوفيد 19»إستفاقت ساكنة مدينة تطوان، صبيحة يوم السبت الماضي، على وقع الصدمة والخوف من تفشي الفيروس، بعد تأكيد طبيب النساء إصابته بفيروس كوفيد 19 هو وزوجته، خصوصا بعد التأكيد على أنه كان يزاول عمله بعد عودته من أمريكا عبر ذات الرحلة التي كان على متنها الشاب التطواني «هشام».
لم تتوقف وسائط التواصل الإجتماعي «واتساب وفايسبوك» طيلة الأيام الماضية، من إعلان الحالتين الجديدتين، من تبادل الأخبار التي تدور كلها حول عدم مسؤولية الطبيب وزوجته، بل وحملتهما المسؤولية لما ستؤول إليه أوضاع المدينة الصحية.
بل ولم تسلم المصحة التي كان يشتغل بها الطبيب من توجيه سهام العتاب والإنتقاد، وهو ما دفع بالسلطات المسؤولة صبيحة يوم السبت إلى إخضاع جميع مرافق المصحة إلى التعقيم، لتباشر تقديمها خدماتها الطبية في المساء.
وما زاد من حجم الإنتقادات هي الخرجات الإعلامية لمسؤولي المصحة، الذين حاولوا طمأنة الرأي العام المحلي بتعقيم المصحة وعودتها إلى الإشتغال مما إضطر مندوبية الصحة بمعية المجلس الجهوي لهيئة الطبيبات والأطباء بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بتنسيق مع المصالح المركزية لوزارة الصحة، إلى إصدار قرار بإغلاق المصحة وكذا عيادة الطبيب إلى أجل غير مسمى، كإجراء احترازي ووقائي، ومن أجل طمأنة الرأي العام المحلي والوطني.