منصة تلغرام سلاح روسي تحت المجهر: الحرب بين فرنسا والإمارات وروسيا!

يتهم الادعاء الفرنسي الملياردير البالغ 39 عاما بالفشل في الحد من انتشار المحتوى المخالف للقانون على تلغرام، وهو أمر تنفيه شركته. ونفى ماكرون الاثنين وجود أي أبعاد سياسية لتوقيفه

منذ غزت روسيا أوكرانيا أصبح تلغرام المنصة المفضلة للمدونين الروس المؤيدين للحرب لتبرير العملية ونشر معلوماتهم المضللة.وفي أوكرانيا، حتى الرئيس فولوديمير زيلينسكي يستخدم هذه المنصة يوميا لنشر رسائله الليلية

 

حذرت روسيا أول أمس الثلاثاء فرنسا من أي «ترهيب» بحق مؤسس تطبيق تلغرام بافل دوروف الذي يحمل الجنسيات الفرنسية والروسية والإماراتية، بعد توقيفه في مطار قرب باريس في إطار تحقيق على صلة بالجريمة المنظمة.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن «الاتهامات المقدمة (بحق دوروف) خطرة للغاية وتتطلب إثباتات على القدر ذاته من القوة»، مضيفا «وإلا سيكون من الواضح أن هذه هي محاولة لتقييد حرية التواصل… وحتى الترهيب المباشر بحق رئيس شركة كبيرة» أي «تنفيذ بالضبط السياسة التي نفاها (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون بالأمس».
ويتهم الادعاء الفرنسي الملياردير البالغ 39 عاما بالفشل في الحد من انتشار المحتوى المخالف للقانون على تلغرام، وهو أمر تنفيه شركته. ونفى ماكرون الاثنين وجود أي أبعاد سياسية لتوقيفه.
وفي حين يثير توقيف مؤسس تلغرام على الأراضي الفرنسية ردود فعل دولية كثيرة، كتب ماكرون على منصة إكس أن الخطوة «اتخذت في إطار تحقيق قضائي جار، وليست قرارا سياسيا. الأمر متروك للقضاة».
ووفق السلطات القضائية لم يتخذ دوروف تدابير للحد من إساءة استخدام مشتركين لتطبيق المراسلة، وخصوصا عدم اعتماد آلية للحد من المحتوى المتطرف والتعاون مع المحققين.
وقال مصدر مقرب من الملف إن توقيف دوروف تم تمديده إلى الأربعاء، ليبلغ ما مجموعه 96 ساعة، لأن الأفعال المشتبه بها ترقى إلى الجريمة المنظمة.
من جهته، ندد ماكرون بـ»معلومات كاذبة» تطال فرنسا على خلفية التوقيف، لافتا إلى أن بلاده «متمس كة إلى أقصى حد بحرية التعبير والتواصل والابتكار وروحية المؤسسة. وستبقى كذلك».
وأضاف «في دولة يسود فيها القانون، على الشبكات الاجتماعية وفي الحياة الحقيقية، تمار س الحريات في إطار يحدده القانون لحماية المواطنين واحترام حقوقهم الأساسية. إن ضمان احترام القانون متروك للقضاء المستقل».
وطرحت تساؤلات كثيرة بشأن توقيت وظروف اعتقال دوروف فيما أكد مصدر مطلع على القضية بأنه تم تمديد فترة احتجازه حتى الأربعاء.
وأعلنت الإمارات العربية المتحدة الثلاثاء بأنها طلبت بأن تسمح لها السلطات الفرنسية بتقديم الخدمات القنصلية للملياردير، مشيرة إلى أنها تتابع قضيته عن كثب.
وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نشرته في وقت متأخر الاثنين، أنها «تتابع عن كثب قضية المواطن الإماراتي بافيل دوروف مؤسس تطبيق تليغرام» مشيرة إلى أنها «تقدمت بطلب للحكومة الفرنسية لتقديم كافة الخدمات القنصلية له بشكل عاجل».
ويحمل دوروف الذي يقيم في دبي منذ سنوات، الجنسية الفرنسية بالإضافة إلى جنسيته الروسية. وتشير تلغرام على موقعها الإلكتروني إلى أن مؤسسها يحمل «جنسية مزدوجة لدولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا».
ووفق السلطات القضائية لم يتخذ دوروف تدابير للحد من إساءة استخدام مشتركين لتطبيق المراسلة، وخصوصا عدم اعتماد آلية للحد من المحتوى المتطرف والتعاون مع المحققين.
وأنشأ دوروف تطبيق تلغرام بعد مغادرته روسيا قبل عقد وتقدر مجلة فوربس ثروته بنحو 15,5 مليار دولار.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين أن موسكو لم تتلق أي معلومات من فرنسا عن سبب اعتقال دوروف قائلا «لا نعرف بشكل ملموس ما التهم الموجهة إليه».
وشدد تطبيق تلغرام الأحد على أن دوروف «ليس لديه ما يخفيه وهو يتنقل كثيرا في أوروبا»، مضيفا «من غير المنطقي الادعاء بأن منصة أو مالكها مسؤولان عن سوء استخدام تلك المنصة».

تطبيق لإرسال
رسائل مشفرة

سلط توقيف مؤسس «تلغرام» بافل دوروف الذي يحمل الجنسيات الفرنسية والروسية والإماراتية في فرنسا، الضوء على هذا التطبيق الذي يتيح إرسال رسائل مشفرة، والذي أصبح منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا أداة للدعاية الروسية وكذلك منصة للعديد من السياسيين والناشطين من طرفي النزاع.
منذ غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022، أصبح تلغرام (900 مليون مستخدم نشط) المنصة المفضلة للمدونين الروس المؤيدين للحرب لتبرير العملية ونشر معلوماتهم المضللة.وفي أوكرانيا، حتى الرئيس فولوديمير زيلينسكي يستخدم هذه المنصة يوميا لنشر رسائله الليلية.
ويشير الخبراء إلى أنه بسبب نقص الوسائل الحديثة، استخدمت القوات الروسية أيضا التطبيق للعمليات في ساحة المعركة، بدءا من نقل المعلومات الاستخبارية وصولا إلى توجيه صواريخ إسكندر.وتخشى موسكو الآن أن يعطي دوروف الفرنسيين مفتاح فك تشفير الرسائل المتبادلة على التطبيق.
وقال الخبير في الدعاية الروسية إيفان فيليبوف إن المدونين الروس الذين لدى بعضهم عشرات آلاف المشتركين، «مرعوبون»، مشيرا إلى أن وصولا للاستخبارات الغربية إلى الرسائل سيكون بمثابة «كارثة مطلقة» بالنسبة إليهم.
و قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن توقيف دوروف إن «الاتهامات المقد مة (بحقه) خطرة للغاية وتتطلب إثباتات على القدر ذاته من القوة» مضيفا «وإلا سيكون من الواضح أن هذه هي محاولة لتقييد حرية التواصل… وحتى الترهيب المباشر بحق رئيس شركة كبيرة».
وهذا الملياردير البالغ 39 عاما هو ليبرالي ومدافع شرس عن سرية الإنترنت لكنه مثير للجدل بسبب رفضه أي اعتدال في التطبيق الذي شارك في تأسيسه. وحجبت موسكو تلغرام في العام 2018، لكنها ألغته في 2021.
واعتبر المدون أندري ميدفيديف أن تطبيق تلغرام أصبح الآن «المرسال الرئيسي» للغزو الروسي، و»بديلا للاتصالات العسكرية السرية».
وقال أليكسي روغوزين، رئيس مركز تطوير تكنولوجيات النقل في موسكو، إن بعض المعل قين يسخرون عبر التطبيق حتى من «توقيف رئيس الاتصالات في القوات الروسية».
وأضاف نجل الرئيس السابق لوكالة الفضاء الروسية دميتري روغوزين أنه يتم أيضا على تلغرام «نقل معلومات استخبارية وتصحيح ذاتي للمدفعية ونشر صور مروحيات وأمور أخرى» مشابهة.
وأوضح ميخائيلو ساموس، مدير شبكة «نيو جيوبوليتكس ريسيرتش نتوورك»، وهي مؤسسة بحثية مقرها في كييف، أن الوحدات الروسية شغ لت أنظمة للقيادة والسيطرة «لكنها ليست فعالة على الجبهة» مضيفا «الجيش الروسي عالق في الماضي».
وتابع أن أوكرانيا من جهتها، تعتمد في إدارتها لساحة المعركة على منظومة «دلتا» التي طورت بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) والتي حظيت بإشادة حلفاء لكييف.
وفي حين أنه من غير المتوقع أن يكون لتوقيف دوروف ، تأثير مباشر أو فوري على الصراع، فإنه قد يجبر موسكو على إيجاد بديل لتطبيق تلغرام.
واعتبر ميدفيديف أنه «من الصعب توقع المدة التي سيبقى فيها تلغرام كما نعرفه، أو ما إذا كانت تطبيقات مراسلة مماثلة ستبقى موجودة».
في كل الأحوال، فإن وزن هذه القضية يتجاوز ساحة المعركة. فقد طلبت رئيسة التلفزيون العام «آي تي» مارغاريتا سيمونيان من الروس حذف رسائلهم الحساسة مؤكدة أن الفرنسيين احتجزوا رجل الأعمال من أجل الحصول على مفاتيح فك التشفير «وهو سيعطيها لهم».
وتشمل التهم الموجهة إليه رفض توفير المعلومات اللازمة لعمليات اعتراض المراسلات المصرح بها قانونا، والتواطؤ في جرائم والجريمة المنظمة على المنصة (الاتجار بالمخدرات، والمواد الإباحية المت صلة بالأطفال، والاحتيال وغسل الأموال في إطار مجموعة منظمة) وتوفير خدمات التشفير التي تهدف إلى ضمان السرية من دون إعلان يضمن توافق الخدمات مع التشريعات.
ويقسم توقيف دوروف المعارضة الروسية التي يتهم جزء منها فرنسا بمهاجمة حرية التعبير.
لكن الصحافي البلغاري كريستو غروزيف الذي أجرى تحقيقات بشأن الاستخبارات الروسية، قال إن جهاز الأمن الفدرالي والاستخبارات العسكرية استخدما تلغرام للتحضير ل»أعمال إرهابية» وتجنيد عملاء ميدانيين…


بتاريخ : 29/08/2024