تواصلت أول أمس الاثنين عملية تقديم عروض المسابقة الرسمية، في الفيلم الروائي الطويل و الشريط الوثائقي ضمن فعاليات الدورة الخامسة و العشرين من مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط.
عروض يوم الاثنين زادت في تكريس التنوع و الغني، اللذين أصبحا يطبعان السينما المتوسطية في أبعد تجلياتها الفنية، و في مقارباتها لمختلف القضايا فردية أو جماعية، اجتماعية إنسانية أو نفسية أو دينية.. لا فرق في ذلك بين ضفتي الحوض، الشمالية و الجنوبية، حيث اللغة، اللغات السينمائية حاضرة بقوة في بصم مختلف الإبداعات و» الطروحات « ، التي قد يسايرها البعض، أو قد يختلف معها في المعالجة و المقاربة..
في هذا السياق شهد اليوم الثاني من العروض الرسمية تقديم أربعة أفلام، إثنان روائيان طويلان بقاعة سينما « أفينيدا «، و الإثنان الآخران وثائقيان بالمعهد الثقافي الفرنسي أمام لجن تحكيم الدورة وعدد جد محترم من هواة الفن السابع العالمي..
أول عرض يومي على مستوى الفيلم الطويل كان هو الشريط القبرصي – اليوناني « توقف « ( pause ) ( 2018 – 96 دقيقة « للمخرجة طونيا مشيالي.. ، و هو عبارة عن « بسيكو دراما « توفقت المخرجة من خلالها في إبراز بعض الاختلالات التي تطبع الحياة الزوجية و بعض السلوكات الإنسانية الشاذة و الفردانية.. ، و ذلك من خلال قصة « إلبيد « سيدة أسيرة زواج مضطرب ينقصه الحب و العواطف المتادلة أحيانا.. ، تظهر عليها علامات انقطاع دم الحيض، فيؤثر ذلك على سلوكها و جسمها و أفكارها « السوداء» ..، فتتدهور علاقتها بزوجها المتسلط و المتعجرف « كوستاس « ، و تتأجج حاجتها إلى الحب و الحنان..، الشيء الذي جعلها تشعر بانعدام التواصل مع زوجها..
الفيلم الثاني في هذه المسابقة « مفك « ( TOURNEVIS) ( 2018 – 98 دقيقة ) للمخرج الفلسطيني الشاب بسام الجرباوي، الذي حاول تقديم صورة غير نمطية عن الأسير الفلسطيني، من خلال إبراز معاناة و مكابدات الأسير بعد تحريره من سجون الاحتلال بعد سنوات طويلة من الاعتقال و كيفية تأقلمه و اندماجه وسط مجتمع، عرف الكثير من المتغيرات و المستجدات..
و يحكي « مفك « قصة « زياد « شاب يعيش مع أسرته الصغيرة بأحد المخيمات الفلسطينية عاشق لكرة السلة..، مقتل أقرب أصدقائه برصاصة من جهة المستوطنات الإسرائيلية تهز كيانه و تقلب حياته رأسا على عقب و تدفعه للمشاركة، رفقة اصدقائه، في تدبير عملية اغتيال رجل ليلا على قارعة الطريق كان يعتقد أنه مستوطن إسرائيلي، فيتم القبض عليه بعد عملية فرار ومطاردة، فيدخل السجن و يحكم عليه ب 15 عاما، ليخرج بعدها شخصا مختلفا لا يستطيع التكيف مع محيطه و بيئته، بالرغم من محاولات المحيطين من الوسط الاسري و غيره .
الفيلم من بطولة زياد بكري وعرين عمري وجميل خوري وياسمينة قدومي ومريم باشا وأمير خوري، وقد سبق عرضه بمهرجاني البندقية وتورونتو وبمهرجان الجونة المصري السينمائي ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة.
على مستوى مسابقة الفيلم الوثائقي كان أول عرض هو شريط « قربان « ( 2018 – 96 دقيقة ) المخرج السوري إياد الجرود الذي يرصد من خلاله تحولات الثورة السورية على مدى الأعوام الماضية بإرهاصاتها و انتكاساتها و تداعياتها التي كانت وبالا على الجميع، انطلاقا من الحراك السلمي، مروراً ببدايات التسليح..، و حتى تنامي « الخطاب الإسلامي « و سيطرة الفصائل « الإسلامية « على العديد من المناطق .. ، و ذلك من خلال تسجيل بعض تحولاتها و صراعاتها البارزة في « فضائها و تقاطعاتها مع شخصيات الفيلم من جهة و مع المجتمع المحيط من جهة ثانية٬ و ذلك من خلال محورين رئيسيين هما المدينة و الطريق الذي يدور في محيط المدينة (سراقب) حيناً و يخترقها حيناً آخر برفقة الداعور (حارس الطريق)..»
أما ثاني فيلم و الاخير في عروض اليوم في هذا الصنف، كان الشريط الوثائقي الكرواتي « الراهب الطائر» ( 2018 – 50 دقيقة) للمخرج بوريك دافور، يستعرض هذا الاخير عبره شخصية إنسان سمي بالراهب الطائر « بفعل الانطباع الذي يخلقه في النفوس، وهو يرتدي عباءته الدينية، ليحل بنهر بوسكو قريبا من كارمل دي سان إلياس، حيث ينظم الحفلات و المعارض و يعقد اللقاءات المهنية، لا ينفك « يطير» ليعرض هذه القطعة الثمينة أو ليضعها في مخزن ، أو يرتدي ثيابا فولكلورية يلبسها الكرواتيون أو البوسنيون أو الصربيون من البوسنة و الهرسك.. هو الأب زفونكو مارتك، الذكتور في الاثنولوجيا و المتعبد في الدير و حارس النفائس الوطنية..
مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط أفلام بنكهة شرق متوسطية..

الكاتب : جمال الملحاني
بتاريخ : 27/03/2019