ناس الغيوان ليست مجرد فرقة موسيقية؛ إنها أيقونة خالدة في المشهد الثقافي المغربي، استطاعت أن تحفر اسمها في ذاكرة الأجيال كصوت يعبر عن هموم الشعب وتفاصيل حياته اليومية.
في إطار مهرجان “أرواح غيوانية”، الذي يحتفي بالإرث الفني والثقافي لهذه الفرقة المتفردة،نظمت مديرية الثقافة بالدار البيضاء، حفل توقيع كتاب “الغيوان: أصوات تشبه المغرب” لمؤلفه الأستاذ حسن حبيبي. يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024 بمقر جهة الدار البيضاء الكبرى، في خطوة تسلط الضوء على البصمة العميقة التي تركتها هذه الفرقة في الهوية المغربية.
في كتابه “أصوات تشبه المغرب”، يقدم الدكتور حسن حبيبي تحليلاً عميقاً لمسيرة ناس الغيوان، التي ظهرت في سبعينيات القرن الماضي. لم تكن الفرقة مجرد مجموعة موسيقية، بل كانت صوتاً يعبر عن الثورة الثقافية والاجتماعية التي عاشها المغرب في تلك الفترة. استطاعت أغانيهم مثل “الصينية”، “فين غادي بيا خويا”، و”مهمومة” أن تلمس وجدان الشعب المغربي، وأن تصبح مرآة صادقة تعكس تطلعاته ومعاناته. اعتمدت الفرقة على آلات موسيقية تقليدية مثل “البندير” و”القراقب”، ونجحت في توظيفها بأسلوب مبتكر يدمج بين التراث الأصيل والتجديد الفني.
الكتاب يُبرز أن تأثير ناس الغيوان لم يقتصر على الموسيقى فقط، بل تعدى ذلك إلى التأثير الاجتماعي والسياسي.
كانت أغانيهم رسائل تحمل في طياتها مواضيع مثل الحرية، العدالة الاجتماعية، والهوية الوطنية، مما جعلها توثق ذاكرة الشعب المغربي بصدق وعمق.
من خلال هذا الكتاب، يظهر كيف أن الفرقة استطاعت تحويل الفن إلى أداة نضال من أجل مجتمع أفضل، وكيف تمكنت من تعزيز الفخر بالتراث المغربي وتجديده بما يواكب العصر.
ورغم مرور عقود على ظهورها، تظل موسيقى ناس الغيوان مصدر إلهام للعديد من الأجيال. استلهم منها الموسيقيون أساليبهم الفنية، ووجدت الجماهير في أغانيها تعبيراً صادقاً عن حياتها اليومية وآمالها المستقبلية.
كتاب “أصوات تشبه المغرب” ليس مجرد توثيق لتاريخ فرقة موسيقية؛ إنه شهادة حية على حركة ثقافية جسدت روح المغرب وأحلام شعبه.
ناس الغيوان كانت ولا تزال أكثر من مجرد موسيقى؛ كانت صرخة تنبع من أعماق الوجدان المغربي. أعمالها تجاوزت حدود الزمن لتبقى رمزاً للإبداع الذي يمزج بين الفن والنضال. هذا الكتاب يعيد لنا ذكريات الزمن الذي كان فيه الفن أداة للتغيير، ويخلد إرث فرقة شكلت جزءاً من هوية المغرب الثقافية.