نجاة الزباير: التقمص والتوحد مع الآخرين


الحريق شهوة وفناء، لكنه في حالة نجاة الزباير، انبعاث ما، في زمن ما، تحاول نجاة الزباير في ما تقدمه من قصائد وآراء وتجليات، إعادة تمثل الواقع والوطن والآخرين وذاتها أيضا. رغم شهوانية النار والبراكينا لمتأججة، لكنها تنشد خلق حياة تليق بها، رغم الواقع المزري الذي نعيشه، شعرها يكشف عن رغبتها في بناء أسطورة إنسانية خاصة، تعيد تفكيك ملامح الوجود عبر الدهشة، والوهج والاحتراق وتكريس الجموح والحالة الحلمية.
تخوض رحلتها، عبر الدهشة والاندهاش والإدهاش، حين تحاول استعادة الملامح البعيدة للأماكن والناس، فنجد أن الكل حاضر عندها بألقها، وألفتها، وتألقها..
تستعيد مجد ما قبل طوفان القبائل، لتعود من حيث لم تبدأ محاولة استعادة المبتدأ والخبر، ولملمة سيرة ذاتها المبعثرة بين الأصقاع و المدن والمشاعر والرغبات والقلق، ذات نظرة ونظريات، لا تقف عند حدود رؤياها الفردية، حيث تبحث عن أكثر من طريق للوصول الى ما تبحث عنه.
تقحم ذاتها في ذاتها، وفي الآخرين لتكون جزءًا منهم، لتكون صوتهم، تتحدث بضمير المتكلم، لتؤكد انتماءها إلى المهمشين فاقدي الحب والعدالة والحياة وكل شيء ، تعود إلى ذاتها عبر رحلة تقمص طويلة.
تكتب بجرأة ممزقة الحجب التي كرستها الذكورية والمنظومات العقدية على المرأة، لكنها وهي تكتب لا تسعى إلى احتكاك أو استفزاز، بقدر ما تهتم بكشف الخفايا والغوص في المسكوت عنه.
الكتابة عندها عملية كشف ومكاشفة، تتم عبر استدعاء الحكايات الضاجة بالألم، التي تحكيها بين متاهات العالم العاصفة.
لا تهادن العواصف ولا تقبل الانكسار أو الانحناء أمامها، تجد أنه لا مجال للهدنة، وهي تخوض رحلة بين ذاتها والآخرين والوطن، تسعى إلى بسط قصائدها وحكاياتها من خلال تكثيف رؤيتها وسلاسة رؤاها.
ترتبط بدعائم إبداعية أرستها في نسق ونزق تجربتها، التي صاغتها عبر مفرداتها الإيمائية في سياقاتها المعرفية التي تتمركز في جغرافيا التمحور في وهج والألم الإنساني وتداخلاته، وبأدوات تحقق معيارها المحدد في إخضاع محكم لمعظم القواعد الجديدة لقوانينها المفتوحة على الفضاء.


الكاتب : عمان: رائف الريماوي

  

بتاريخ : 08/03/2023