تكريما لروح الفقيد أحمد شوقي بنيوب المندوب الوزاري السابق لحقوق الإنسان وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نظم مركز التنمية لجهة تانسيفت بتنسيق مع أسرة الفقيد، يوم السبت بمراكش ندوة وطنية في موضوع» ثقافة حقوق الإنسان: رؤى وشهادات واستشرافات» بمشاركة عدد من الوجوه الحقوقية
والأكاديمية .
وظهر حضور المحتفى بذكراه في مختلف الشهادات التي قدمت خلال هذا الحدث، ممتزجا بالحراك الحقوقي الذي عرفه المغرب، ومتماهيا مع مسار الدفاع عن حقوق الإنسان وآلياته، مؤمنا بالإصلاحات التي تبنتها المملكة، منخرطا في توطيد أسس العدالة الانتقالية بها .
وشكلت الندوة فرصة وفاء وعرفان واستحضار لروح الفقيد ولشخصيته المتعددة الأبعاد فهو الإنسان الوطني الغيور والمناضل النزيه والحقوقي المتزن، والباحث الأكاديمي، والمسؤول المدني والوزاري، كما قال عنه الأستاذ حميد المنسوم في ورقته التقديمية للندوة. مضيفا « إنه واحد من أبرز الحقوقيين الوطنيين، الذين طبعوا المرحلة الحديثة من التاريخ الحقوقي لبلادنا، ومناضلا شهما، ومسؤولا وطنيا مقتدرا ومناضلا حقوقيا أصيلا من خلال تربيته الأسرية الوطنية، فالفقيد تميز بخبرته وكفاءته المهنية والقانونية الرفيعة، وساهم بشكل فاعل في خدمة العدالة الانتقالية بالمملكة المغربية.»
أحمد شوقي بنيوب كما أكد المتحدث، سليل شجرة جذورها الحركة الوطنية وأغصانه يسارية وقطوفها حقوقية. «عاش الفقيد موسم هجرته نحو العدالة الانتقالية بفرح متوثب، ومشى فوق ألغامها بصدق وطني وترفع نبيل. يحاور هذا و يقنع ذاك، ويخطب هنا ويساجل هناك بشجاعة دون وقاحة، ومرونة ضعف.
وفي تعاطيه مع التقارير الأممية كان ينقب في المنطقة الرمادية ليميز بين الحقوقي والابتزازي.»
أحمد شوقي بنيوب، كما قالت أخته فوزية بنيوب، يطل علينا اليوم في عالم قل فيه الأمن، يغمره الخوف والحرب، وتحوم فيه شكوك كثيرة حول مآل حقوق الإنسان. كان أحد منشطي العدالة الانتقالية، و فقه أسباب تمتينها، وتخصص فيها ( العالم العربي والبلقان). «وهو صوت عميق ينبهنا إلى الحذر الذي ينبغي التحصن به، لأن كل شيء مشترك: التراجعات والمخاوف، ولاسيما في المنطقة المغاربية التي يبدو أنها مقبلة على تطورات خطيرة.» تقول فوزية بنيوب.
استلهام ذكرى أحمد شوقي بنيوب، كان مدخلا للتفكير في مآلات العدالة الانتقالية ومسارات ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان ببلادنا. حيث أظهرت مداولات الندوة، أن تجربة المصالحة غطت أطول فترة في تاريخ العدالات الانتقالية في العالم ( 43 سنة) وانحازت إلى المقاربة السياسية عوض المقاربة القانونية، وفضلت الحقيقة التصالحية عوض الحقيقة القضائية، لذلك سمع صوت الضحية وأخفي صوت الجلاد، و تنازل الإنصاف من أجل جبر الضرر.
وتفرعت مداولات الندوة إلى أسئلة هامة تتعلق بالتفكير في أسس الإصلاح الحقوقي، من مثل مساءلة حدود الإصلاح من خلال القانون عوض الإصلاح السياسي الذي طرحه المفكر عبد الله ساعف. إذ هناك صعوبة في تقنين السياسة، أي العمل في السياسة بلغة القانون، و إخضاع السياسة لمقاربة القضاء، مثلما طُرح سؤال الذاكرة و التاريخ، حيث نبه إدريس اليازمي الرئيس السابق للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أنه حان الوقت للخروج من مرحلة الذاكرة إلى التاريخ، لأن الذاكرة جزئية ومنحازة، لذلك فقد آن أن يتسلم الأكاديميون زمام المعالجة العلمية لهذا الملف، ليخرج الفاعلون من الذاكرة إلى التاريخ.
وساهم في هذا اللقاء عدد من الوجوه الأكاديمية والحقوقية والثقافية منهم عبد الله ساعف، فاطمة بركان، إدريس اليازمي، مصطفى العريصة، جميلة السيوري، الحبيب بلكوش، ياسين عدنان، نور الدين افاية، صلاح الوديع، محمد برادة، وحيد طليمات وأحمد الشهبوني.