قال الخازن العام للمملكة نور الدين بنسودة إن «الإطار القانوني للصفقات العمومية في صيغته الحالية يتماشى مع التشريعات الأوروبية ويتناغم بشكل كبير مع المعايير الدولية، خاصة التوصيات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، واﺗﻔﺎق ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎلمية ﺣﻮل اﻟﺼﻔﻘﺎت اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ، فيما يخص القواعد المنظمة للمنافسة».
وأكد نور الدين بنسودة في كلمة ألقاها يوم الأربعاء بمراكش خلال افتتاح أشغال المؤتمر الدولي حول «الحياد التنافسي والولوج إلى الأسواق» الذي ينظمه مجلس المنافسة، على أهمية المنافسة المتوازنة والعادلة في سياق اقتصادي عالمي متزايد التعقيد. معتبرا أن «الدينامية التنافسية وقدرة السلطات العمومية على ضمان الأداء الأمثل للسوق لصالح جميع المواطنين لها أهمية قصوى».
وسلط بنسودة الضوء على التحديات التي تفرضها ندرة الموارد، والاختلالات الطارئة في سلاسل التوريد، والاضطرابات في التجارة الدولية، مؤكدا على دور التشريع في تنظيم السوق. وقال: “إن مقترح أي قانون جديد لتنظيم التجارة يستلزم الانكباب عليه باهتمام كبير، لكونه يهدف إلى تحقيق التوازن بين مصالح السوق وحماية المستهلكين».
كلام الخازن العام حول «شفافية الصفقات العمومية» يأتي تزامنا مع صدور تقرير «المسح الاقتصادي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول المغرب – التقييم الاقتصادي» الذي اعتبر أن «المغرب، وإن كان قد بذل جهودا كبيرة لتحسين مناخ الأعمال وتعزيز دور مجلس المنافسة وجعل المؤسسات العمومية والشركات المملوكة للدولة تلعب دورا كبيرا في الاقتصاد، إلا أن هذه الشركات والمؤسسات العمومية يمكن تعزيز حكامتها بشكل أكبر، بما يتماشى مع الإصلاحات الجارية لضمان تكافؤ الفرص».
ويقول تقرير المنظمة «إذا كان المغرب قد عمل على تعزيز إطار مكافحة الفساد، فإنه مازال بالإمكان القيام بالمزيد في هذا الجانب. حيث تشتكي الشركات من كون الرشاوى تزيد من تكاليف المعاملات في علاقاتها مع الإدارة العمومية، موضحا أن الجهود المستمرة لمكافحة الرشوة وإحراز مزيد من التقدم في نقل المعاملات عبر الإنترنت ستؤدي إلى تقليل نطاق الفساد.»
وسبق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن أثارت هذا الموضوع في ديباجة الدراسة الاقتصادية الشاملة حول المغرب التي قدمها أمينها العام ماتياس كورمان لرئيس الحكومة عزيز أخنوش في شتنبر الماضي، والتي شددت على ضرورة بذل مجهودات أكبر لمكافحة الرشوة، بحيث تظهر نتائج الدراسة تعزيز إطار مكافحة الفساد في المغرب، «إلا أن بعض الشركات تشير إلى دفع رشاوى مقابل الحصول على خدمات من الإدارة» .ويرى كورمان أن هذا الأمر يستدعي مواصلة الجهود لمكافحة الرشوة، وخاصة من خلال تقليل التفاعلات بين المواطنين والإدارة، وخلق مناخ أفضل للمقاولات.
وفي هذا السياق، ذكر بنسودة بأن مراسيم الصفقات العمومية الصادرة سنة 2023 تشكل خطوة كبيرة لضمان الحياد التنافسي في المغرب. وتضع هذه النصوص معايير للحفاظ على مصالح المواطنين مع ضمان المنافسة الشريفة والمتوازنة في السوق. ومن ثم ذكر ثلاث ركائز رئيسية للإصلاح: الشفافية، ودعاية الأسواق، والمعاملة المتساوية. واستشهد الخازن العام للمملكة بنشر توقعات الأسواق الذي يسمح للفاعلين الاقتصاديين بالاستعداد بشكل أفضل لطلبات العروض. وقال «يشكل هذا النظام تقدما كبيرا من حيث الرؤية للفاعلين الاقتصاديين والشفافية في إدارة المشتريات العمومية».
كما أشار بنسودة إلى دور المرصد المغربي للصفقات العمومية، الموجود داخل الخزينة العامة للمملكة، والذي يمثل مكسبا مهما. وتتمثل مهمة هذه الهيئة في جمع وتحليل ونشر البيانات المتعلقة بالمشتريات العمومية، والتي، بحسب بنسودة، ستعزز الشفافية وتعزز المنافسة العادلة. وأضاف: «الهدف هو الحصول على بيانات موثوقة لتوجيه عملية صنع القرار ومحاسبة أصحاب المصلحة».
وأكد الخازن العام أن المملكة قامت بالعديد من الإصلاحات على مستوى المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، كان آخرها إصلاح سنة 2023، والذي أدخل تعديلات هامة جعلت من المنافسة حجر الزاوية في منظومة الصفقات العمومية. واعتبر أن هذا الإصلاح عزز المنافسة المشروعة ومكافحة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة، مشيرا إلى أن الأرقام تبرز بوضوح الأثر الإيجابي للإصلاح على تعزيز المنافسة.