سجن في عهد الرؤساء عبد الناصر والسادات و مبارك
رأى خبراء مصريون، أن جماعة الإخوان المسلمين تتجه إلى التفكك بعد القبض على القائم بأعمال المرشد العام محمود عزت وفقدان العديد من قياداتها، وأكدوا أن أجهزة الأمن المصرية سيطرت بشكل كامل على الجماعة التي أصبحت بلا قيادة.
وأوضحت الوزارة في بيانها أن عزت اتخذ من “إحدى الشقق السكنية بمنطقه التجمع الخامس في (شرق) القاهرة الجديدة مؤخرا وكر ا لاختبائه على الرغم من الشائعات التي دأبت قيادات التنظيم الترويج لها بتواجد المذكور خارج البلاد بهدف تضليل أجهزه الأمن”.
وتأسست جماعة الإخوان المسلمين في 1928، ورسخت نفسها في منتصف القرن العشرين كحركة معارضة رئيسية في مصر، وكذلك في دول أخرى في المنطقة.
لكن الجماعة التي وصل القيادي فيها محمد مرسي لحكم مصر بعد ثورة 2011، أخرجت من المشهد السياسي تماما في العام 2013 بعد عام واحد فقط من حكم مرسي.
وكان مرسي، الذي توفي في السجن اثناء محاكمته في يونيو2019، أول رئيس منتخب ديموقراطيا في تاريخ مصر.
إلا أن الجيش بقيادة قائده آنذاك عبد الفتاح السيسي أطاحه بعد احتجاجات شعبية كبيرة ضد فترة حكمه المضطرب، وبات السيسي رئيسا بعدها بعام واحد فقط.وكان عزت عضوا في جماعة الإخوان المسلمين منذ ستينات القرن الماضي ووصل إلى عضوية مكتب الإرشاد في 1981. وقد سجن في عهد الرؤساء جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك.
ويوصف محمود عزت بأنه “الرجل الحديدي” في جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها القاهرة تنظيما إرهابيا في ديسمبر 2013 وباتت الآن شبه مفككة.
وقتل أكثر من 900 شخص من أنصار الجماعة في 14 غشت 2013، خلال فض اعتصام رابعة في العاصمة.
ومذاك، سجن آلاف من أنصار الجماعة وأعدم العشرات وفر آخرون إلى دول تناصرها مثل قطر أو تركيا.
ويعد عزت المسئول الأول عن تأسيس الجناح المسلح بجماعة الإخوان المسلمين، والمشرف على إدارة العمليات الإرهابية التي ارتكبها التنظيم في البلاد عقب ثورة 30 يونيو 2013 وحتى ضبطه، حسب الوزارة.
ومن أبرز هذه العمليات الإرهابية، عملية اغتيال النائب العام الأسبق هشام بركات، وحادث اغتيال العميد أركان حرب عادل رجائي، وتفجير سيارة مفخخة أمام معهد الأورام في غشت 2019، والذي أسفر عن مقتل 20 مواطنا وإصابة 47 آخرين.
وصدرت عدة أحكام قضائية بحق عزت، أبرزها حكما الإعدام في قضيتي “التخابر” و”الهروب من سجون وادى النطرون”، إلى جانب حكمين بالمؤبد في قضيتي “أحداث مكتب الإرشاد”، و”أحداث الشغب والعنف بالمنيا” جنوب القاهرة.
وبإلقاء القبض على عزت، تكون كل القيادات الكبرى لجماعة الإخوان داخل السجون، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع ونائبه عزت الشاطر. وفي هذا الصدد، قال الخبير الأمني خالد عكاشة، إنه “دون شك، القبض على محمود عزت سوف يتسبب في حدوث زلزال كبير داخل جماعة الإخوان المسلمين، لأنه أحد القيادات التاريخية لها، كما أنه كان المشرف على كل النشاط المسلح والأعمال الإرهابية التي تنفذها الجماعة منذ العام 2013”. وأضاف عكاشة، وهو عميد شرطة سابق ومدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حاليا، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن عزت هو من أسس اللجان النوعية والحركات المسلحة التابعة للإخوان المسلمين مثل حركات “حسم” و “لواء الثورة” و “العقاب الثوري” وغيرها، وكان يقوم بإدارة هذه التنظيمات، كما تم توكيله أيضا بعد القبض على المرشد العام للجماعة بإدارة منصب المرشد، وهو المنصب الأول فى جماعة الإخوان.
وأوضح أن عزت كان يتمتع بنفوذ كبير داخل الجماعة، ولا يوجد شخص من القيادات الأخرى في الجماعة حتى من بين المتواجدين خارج مصر مرشح لأن يتولى منصبه. وتابع أن “الجماعة أمام مأزق داخلي يدفعها للدخول في طريق مظلم جدا، واعتقد أن الإخوان يتجهون نحو مرحلة تفكك وتحلل الجماعة بشكل نهائي داخل مصر، لكن سيبقى تنظيمها الدولي، وستحاول قياداتها المصرية التى تعيش في الخارج عبر وسائل الإعلام الترويج بأن الجماعة مازالت موجودة فى الساحة المصرية”.
ورأى أن إلقاء القبض على عزت “ضربة أمنية ناجحة وجهت للعمل الإرهابي والنشاط المسلح الذى تنتهجه الجماعة طوال فترة قيادة محمود عزت”. وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تعمل بكل طاقتها من أجل عدم ظهور قادة جدد للجماعة، وستقف بالمرصاد لمن يلجأ للعنف من الجماعة. ومع ذلك، أكد عكاشة أن “المواجهة مع الجماعة مازالت مفتوحة إلى أن يتم القضاء عليها بشكل تام أو تعلن الجماعة بشكل واضح وصريح أنها ستخضع للقانون وتلتزم بعدم تهديد المجتمع المصري بأي شكل من أشكال العنف”.
من جانبه، اعتبر الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية أن محمود عزت “صيد ثمين”، وبالقبض عليه سيكشف الكثير من أسرار جماعة الإخوان خصوصا في الفترة منذ العام 2013 حتى اليوم. وقال غباشي لـ ((شينخوا))، إن عزت هو المسئول منذ العام 2013 عن جماعة الإخوان، التي كانت تقوم خلال السنوات الماضية بتمويه من خلال بث أخبار تشير إلى أن عزت متواجد خارج مصر. ورغم ذلك، رأى غباشي أنه من الصعب أن يكتب القبض على عزت نهاية الجماعة، خاصة أن هناك كوادر كثيرة من الجماعة تعيش فى الخارج، مشيرا إلى أن “نهاية جماعة الإخوان تحتاج إلى سنوات طويلة”. لكن الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية أحمد بان كان له رأي آخر، قائلا إن “جماعة الإخوان المسلمين ماتت سريريا”. وأوضح أن القبض على محمود عزت سيكون له تأثير على جماعة الإخوان لكنه ليس التأثير الأكبر بالنظر إلى أن الجماعة فقدت عددا كبيرا من قياداتها. وأردف أن الجماعة تعاني حاليا من “الخلل القيادي الذي لابد أن ينعكس على حركتها”. وأشار إلى أن محمود عزت ينتمي إلى “تيار الصقور” داخل الجماعة، وكان يراهن على الحراك السلمي والمزج بين تنفيذ عمليات عنف محدودة والحراك في الشارع. وأكد أن “الدولة سيطرت بشكل كبير على الجماعة” التي أصبحت بلا قيادة…