في إرسالية موجهة من وزير الداخلية إلى الولاة والعمال تتعلق بدعم الجمعيات من طرف الجماعات الترابية وإبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معها،تمت المطالبة بالتقيد بمقتضيات الإرسالية والاستلهام من المساطر المعتمدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من أجل تحديد الجمعيات التي سيبرم معها اتفاقيات تعاون وشراكة .
وحث وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الجماعات الترابية بأصنافها الثلاثة مجالس الجهات ومجالس العمالات والأقاليم والمجالس الجماعية على الالتزام بالمقتضيات والنصوص القانونية المؤطرة لمنح الجمعيات والمنظمات المدنية والمؤسسات الخاصة، سواء تعلق الأمر بتوزيع المساعدات ودعم الجمعيات أو إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة معها.
ورأت وزارة الداخلية أن تعامل الجماعات الترابية مع الجمعيات لا يحترم في حالات عديدة المقتضيات القانونية المنظمة لتوزيع الدعم وعقد الشراكات مع الجمعيات، وأوضحت الإرسالية أن مجموعة من طلبات الاستشارة حول الموضوع لا تفتأ ترد على المصالح المختصة بالوزارة.وقالت الوزارة إن الإرسالية تهدف إلى تبيان القواعد التي يجب احترامها من طرف الجماعات الترابية أثناء توزيع الدعم أو المساعدات على الجمعيات أو عقد الشركات معها، داعيا في السياق ذاته الولاة والعمال إلى أخذ ما تتضمنه بعين الاعتبار عند ممارستهم لمهام المراقبة الإدارية.
ونبه وزير الداخلية إلى أنه ينبغي التمييز بين توزيع المساعدات ودعم الجمعيات وبين إبرام اتفاقيات التعاون والشركات معها، وأكد أن دعم الجمعيات وتوزيع المساعدات عليها ورد بشكل حصري ضمن صلاحيات المجالس الجماعية، ولا يوجد في القانون التنظيمي رقم 14-113 ما يسمح لمجالس الجهات أو مجالس العمالات والأقاليم بفعل ذلك.
كما أن تقديم المجالس الجماعية للدعم والمساعدات للجمعيات ينبغي أن يمر من خلال مقرر للمجلس يحدد بواسطته الجمعيات المستفيدة النشيطة داخل تراب الجماعة المعنية، كما يحدد المبالغ الجزافية المخصصة لها، وأوضحت الوزارة أن إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة هو اختصاص ذاتي للجماعات الترابية الثلاث كما هو مبين في القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية.
وتفاديا لحالات استغلال النفوذ، تقول وزارة الداخلية منعت القوانين التنظيمية تمكين الجمعيات التي ينتمي إليها أحد أعضاء الجماعة الترابية من توقيع اتفاقيات الشراكة أو التمويل، معتبرة أن توقيعها هو أمر مخالف للقانون وموجبة للتعرض والبطلان، باعتبار ذلك من أوجه ربط مصالح خاصة، مع ما يترتب عنه من متابعة للعضو الذي تبث إخلاله بالمقتضيات المتعلقة بهذا الشأن.مؤكدة أن المنع لا يشمل دعم ومساعدات المجالس الجماعية للجمعيات بمبالغ مالية جزافية حتى وإن كان أحد أعضائها عضوا بالمجلس الجماعي المعني، إلا أن ذلك مشروط بعدم مشاركة العضو الجماعي العضو في الجمعيات التي ستستفيد من الدعم، في المناقشة والتصويت على المقرر المتعلق بتوزيع الدعم والمساعدة على الجمعيات المنخرط بها.
وفي تفسيرها للقوانين المنظمة للجماعات الترابية في صيغتها الجديدة التي تم إقرارها سنة 2015، تقول الوزارة إنه بالنسبة لإبرام اتفاقيات التعاون والشراكة مع الجمعيات من لدن الجماعات الترابية فإن يجب أن تمر عبر مقررات تتخذ بالأغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم بالجهات والعمالات والأقاليم والجماعات، و في حال لم يتأت ذلك فإن التصويت في الجلسة الموالية التي يعقدها المجلس المعني يتم بأغلبية الأصوات المعبرة عنها.
و اشترطت الوزارة أن تحصل تلك المقررات قبل دخولها حيز التنفيذ على التأشير من لدن سلطة الوصاية في حال كان المقرر ذي وقع مالي على نفقات أو مداخيل الجماعات الترابية المعنية، داعية الولاة والعمال إلى الحرص على إلزام الجماعات الترابية باحترام مختلف الشروط والقواعد المتعلقة بالتعامل مع الجمعيات بما يخدم الصالح العام والتنمية الترابية المنشودة.
هذا الإجراء الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية في مذكرتها سحبت البساط من تحت أقدام مجالس الجهات والعمالات والأقاليم ،وهو ما يعاكس ما كان معمولا به من طرف هذه المؤسسات المنتخبة سواء في التقسيم الإداري السابق أو الحالي،ويرى فيه البعض خرقا للدستور على اعتبار أن المجالس الجهوية والعمالات والأقاليم هي أيضا جماعات ترابية ، وتجسد هذه القراءة أيضا رغبة لتقزيم دور هذه المؤسسات الدستورية .
الإجراءات التي أعلنت عنها مذكرة وزارة الداخلية يرى معارضوها رغبة من طرف الداخلية لتكريس الوصاية الكاملة التي كانت في الماضي ، رغم أن المشرع جاء ليضع حدا لذلك ، الشيء الذي أثار العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية التي أملت إصدار هذه المذكرة ، ولاشك هذا الأمر سيدفع بالمنتخبين إلى معارضة ماذهبت إليه الوزارة المعنية ولو تطلب الأمر اللجوء إلى التحكيم .