هَذَا أَنَا وَتِلْكَ رِحْلَتِي أَوْ أَقَلُّ

 

جَسَدِي قَارَبٌ
وَعَيْنَاكِ ضَفَّتَانْ
وَأَنَا أَعْمَى تَدُوسُهُ الْخُيُولُ
هَذَا أَنَا:
كَائِنٌ أَمْ نُدُوبْ؟
وَالْمَعْنَى
مَلَاكٌ فِي الْجَحِيمِ
يَسِيرُ
عَيْنَايَ سَافِرَتَانْ
وَيَدَايَ أَقْصَرُ مِمَّا تَطُولُ
وَالْخَطْوُ
وَلَدُ الرِّيحِ.
لَيْسَ لَدَيَّ مَا أُخْفِيهِ:

سِوَى أَنِّي

إِذَا مَالَتِ الرِّيحُ أَمِيلُ

فَمَا عُدْتُ الْفَتَى الَّذِي كَانْ

جَسَدِي يَمَامٌ مَكْسُورُ
وَعَيْنَاكِ طَلْقَتَانْ
وَأَشْوَاقِي نَخِيلُ.
هَذَا أَنَا
غَرَفْتُ الْحِكْمَةَ مِنْ عُبّادِهَا:
مِنَ الظَّلْمَةِ وَالنُّورِ
عَرَفْتُ الْحِكْمَةَ ِنْ أَبْوَابِهَا:

مِنَ الطَّلْقَةِ

وَالْقَتْلِ الْوَفِيرِ
مِنْ حِصَارِ الْمَدَائِنِ
مِنْ طُولِ انْتِظَارِي
مِنْ سَيِّدَةٍ فِي الدَّارِ
مِنْ صِغَارِي
مِنْ بَلَدٍ
كُلُّ مَا فِيهِ يَلْهَجُ
بِالنَّارِ
هَذَا أَنَا
وَتِلْكَ أَسْرَارِي:
وَاضِحٌ كَاللَّيْلِ
مُلْتَبَسٌ كَالنَّهَارِ
عَائِدٌ
فِي اضْطِرَابِي
مِنْ يَمٍّ إِلَى يَمٍّ
رِيحٌ تَمُدُّ يَداً لِلْمَوْجِ
وَمَوْجٌ يَشُدُّ أَزْرَ الرِّيحِ
عَائِدٌ
فِي اغْتِرَابِي
مِنْ أَقْصَى الْأَرْضِ
مِنْ جُرْحِي
مِنْ جُزُرٍ نَائِيَاتٍ
تَجُرُّ الْفَتَى إِلَى وَحْشَتِهَا
إِلَى عَرَائِسِ الْمَاءِ
وَأَكْدَاسِ الْجُنْدِ
عَائِدٌ إِلَيْكِ
كُلَّمَا أَبْصَرْتُ نَجْمَةً قلْتُ
تِلْكَ بِلَادِي
رُبَّمَا أَخْطَأْتُ طَرِيقِي قَبْلَكِ
حِسَابَاتِي مَعَ الْغَيْمِ
هَذَا أَنَا
وَلَدُ الرِّيحِ
وَالرِّيحُ دَلِيلِي
خَائِفٌ
وَهَارِبٌ أَبَدَا
إِذَا مَدَدْتِ يَداً إِلَيَّ
أَصَبْتِ جُرْحاً
أَوْ بَلَدَا
عَائِدٌ إِلَيْكِ
كَمَا يَعُودُ الْجَرْحَى مِنَ الْحَرْبِ:
جَسَداً بِلَا رُوحْ
كُلَّمَا اقْتَرَبْتُ
رَأَيْتُ الْبِلَادَ تَنْأَى
رَأَيْتُكِ أَحْلَى
وَأَحْلَى
هَلْ أَقُولُ مِثْلَمَا يَقُولُ الْعَاشِقُونَ:
يُغَيِّرُنِي هَوَاكِ
وَالْفُؤَادُ فُلْكٌ تَقَاذَفَتْهُ الْجُرُوحْ؟
أَمْ أَقُولُ:
إِنِّي الْآنَ
جَسَدَانِ
وَرُوحْ؟
وَيَقولُ هَاجِسٌ فِيَّ لَا أَعْرِفُهُ:
رَأَيْتُ خَطْوِي يَتْبَعُنِي إِلَيْكِ
رَأَيْتُ رُوحِي تَمْضِي إِلَى كَفَّيْنِ
رَأَيْتُكِ فِي لُجَّةِ الْيَمِّ ثَانِيَةَ اثْنَيْنِ
فِي اللَّيْلَةِ الْعَاشِرَةِ
فِي الْأَلْفِ
نَزَلْتُ أَرْضاً لَا تُحَدُّ
جُزُرٌ هَذِهِ
أَمْ أَنْتِ؟
أَنْتِ
أَمْ وَرْدُ؟
أَسِيرُ إِلَيْكِ
كَمَا يَسِيرُ الْمَوْتَى:
صَوْتٌ
وَلَا أَحَدْ
أَجِيءُ إِلَيْكِ
كَمَا يَجِيءُ الْحُبُّ:
طَلْقَةً
فِي جَسَدْ.
هَذَا أَنَا:
وَاضِحٌ كَاللَّيْلِ
وَغَامِضٌ أَبَدَا


الكاتب : عبد الرحيم إويري

  

بتاريخ : 23/06/2023