هي مظاهر ومشاهد إما عشناها أو واكبنها كأحداث ، منها ما يدخل في إطار نوسطالجيا جمعتنا ومنها ما هو حديث مازلنا نعيشه ، في هذه السلسلة نحاول إعادة قراءة وصياغة كل ما ذكرنها من زاوية مختلفة ، غير المنظور الآني في حينه لتلك المظاهر والمشاهد والتي يطبعها في الكثير من الأحوال رد الفعل والأحكام المتسرعة ، وهي مناسبة أيضا للتذكير ببعض الجوانب من حياتنا ، وببعض الوقائع التي مرت علينا مرور الكرام بدون تمحيص قي ثناياها…
« لهلا يخطينا وجوه على من ندوزو «.. هذا الغرب الكافر أخيرا وجدنا منه نفعا، لكنه نفع باحتساب شديد وترقب ممزوج بالخوف، فمنذ عهد المجموعة الحضرية التي كانت تدبر شؤون العاصمة الاقتصادية إلى الآن، حيث مر على تجربة نظام وحدة المدينة أربع ولايات سير فيها الليبيراليون والإسلاميون شأن المدينة، ونحن ننادي بضرورة إحداث مراحيض عمومية لأن بطون الناس ومياههم الجوفية لا تشاورهم عندما تتوق إلى التحرر، خاصة مع ازدياد عدد السكان بالمدينة وحلول آلاف الضيوف عليها في اليوم الواحد، وأيضا نظرا لانتشار الأمراض التي تدفع بالبطن دفعا إلى المرحاض. نداؤنا كان ينظر إليه الطهرانيون ومعهم أصحاب المال والأعمال المدبرون لشاننا اليومي شزرا، وفي كثير من المرات يعطونك الانطباع بأنه مطلب شبه سياسي والتدبير المحلي لا يلعب السياسة، التي مكانها في البرلمان فقط وأحيانا مقرات الأحزاب، هكذا كان مقصد الناس مع تعنت هؤلاء كلما حاورتهم أحشاء بطونهم أو مياههم الجوفية، فقط ساحات «ممنوع البول» أو بعض المقاهي حيث المراحيض المقفلة بقفل عسري ساروتو عند السرباي، حيث قد يسمح لك بولوج الركن الذي تقدسه أمعاؤك أو قد لا يسمح، بحسب مزاجه، فهو قد يرتاب بأنك ستدخل وتقوم بفعلة أخرى غير تلك الظاهرة على ملامح وجهك المعتصر من شدة الضغط الحاصل في دواخلك، فمن يدري قد تكون ممثلا بارعا في الاعتصار حتى تقنعه بضرورة الدخول إلى الملاذ، الذي ينقلك إلى الخلاص، بالمناسبة هو دخول مؤدى عنه، وإذا حصل ولم تؤد فانتظر وابلا من « النكير» و»حشيان الهضرة» من الجالسة قرب المرحاض المكلفة بالتنظيف، فهي لا يعنيها اعتصارك أو وجعك أو « تفركيعت نبولتك»، بقدر اهتمامها بأن «تميزي» وإلا ستلحقك دعواتها المخفية المؤثثة باللعنة، الكثير من الناس خاصة السائقين كانوا يلجأون إلى قنينات البلاستيك المعلبة للمياه المعدنية، التي حولوها إلى مراحيض خاصة بالطوارئ، في طريقهم يرمون بها في أي اتجاه يحسون فيه بأن ليس هناك أعين تتربص بهم …
مع حصولنا على شرف تنظيم المونديال إلى جانب إسبانيا والبرتغال، فطنت اللجان الدائمة لأكبر مجلس جماعي بالمغرب إلى أن ضيوفنا، خاصة القادمين منهم من شمال الكرة الأرضية، لهم احترام مقدس لذواتهم، لاسيما ما يتعلق بحرية الجسد التي تدخل ضمن الحرية الفردية، وبالتالي لا يمكن لأسفل ظهورهم الناصع البياض أن يتعرض للسعات البرد أو لفحات الشمس، والأخطر أن يصبح موضوع فرجة جماعية، هم وضعوا قانون ردع التحرش الذي يعد أسهل تهمة في بلدانهم ، وقد زج بالعديد من النجوم والسياسيين عندهم في السجن، لمجرد النظر أو التلميح بحركة ما .. سارعت إذن هذه اللجان، بعد أكثر من 26 سنة من النداء غير المستجاب، إلى التسريع بإحداث كوانيف عمومية، صونا لأرداف الضيوف التي ستصان معها أردافنا التي جفت عروقها من الاستنجاد، إلى أن جاءت هذه التظاهرة الكبرى كنوع من الفرج المباغت، ومع ذلك هي فرحة ممزوجة بكثير من القلق، عندما نقرأ تقرير هذه اللجان.
لنقرأ بتمعن جزءا من هذا التقرير:
لقد تبنينا فكرة بناء المراحيض عوض المراحيض المتنقلة…
التأكيد على ضرورة الصيانة والحراسة والعناية بالمراحيض…
تنظيم حملات تحسيسية توعوية للمواطنين…
تسريع وتيرة الإنجاز استقبالا لكأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030…
التأكيد على العدالة المجالية !!!
في قراءة سريعة، يظهر أن من قرروا من منتخبين، يلبسهم الارتباك والريبة والرهبة والدهشة، تبني هذا المشروع، وكأن «مشروع الفضلات» هذا أكبر من مخيلتهم وأضخم مما يتصورون، يقولون لقد «تبنينا «، وكأنهم أخيرا،ً وعلى مضض، سيسمحون للفضلات بأن تخرج من أحشائنا في مكان مغطى ومستور، ويتضح في ما بعد أن السماح الأسبقية فيه لضيوفنا وليس لنا، حين أكدوا على تسريع الوتيرة من أجل التظاهرتين وليس الحصار المضروب تحت سراويلنا، وأخيرا هم يعلمون أكثر من غيرهم أن العدالة المجالية منعدمة حتى في مشاريع تنزيل مياه البطن الجوفية لذلك وضعوها كشرط في توصياتهم…
المهم بالنسبة لنا أن ما في جعبتنا سوف يتحرر أخيرا في ظروف مستورة ولو بدرجة ثانية، على وجه لحباب !