واقع ومستقبل الأغنية المغربية والعربية اليوم : سؤال طرحته جريدة «الاتحاد الإشتراكي»  ويجيب عنه عبد الوهاب الدكالي، سامي الحفناوي، محمود الإدريسي، إيهاب عبدالسلام، نعمان لحلو، عماد حسن، سعيد الإمام، كريمة الصقلي، زكرياء بيقشة، فاطمة الزهراء لحلو، إلياس طه، محمد عدلي وسامية أحمد

تعيش الأغنية العربية اليوم بما فيها المغرببة والمصرية واقعا لا تحسد عليه، وإن اختلفت الآراء في تقييمه، لكن هذه الآراء تلتقي في الإقرار بأن الأغنية اليوم ليست هي الأغنية التي تربت عليها أجيال وأجيال .
لكن بالمقابل يرى البعض أن الأغنية اليوم رغم الإعتلالات التي تعاني منها، تبقى هناك أسماء يشهد لها بالاجتهاد والتطوير.
أكيد أن عوامل كثيرة ساهمت فيما يحدث الآن، بدءا بالإعلام خاصة الرسمي الذي تخلى عن أدوراه التقليدية التي كان بالأمس القريب يلعبها بحكم طبيعة مهمته الأساسية في إنتاج وتسويق العمل الفني الراقي بكل تلويناته خاصة الأغنية منها.
كيف يمكن تقييم الأغنية العربية اليوم ومعها الأغنية المغربية، وهل استطاعت أن تحافظ على تألقها اليوم مقارنة مع جيل الرواد، وهل فعلا يمكن الحديث عن عالميتها اليوم أم العكس، وإلى أي حد استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تخدم الأغنية، أم كانت نتائج هذا الاستخدام عكسية، وماهي معايير النجاح اليوم، وهل نسب المشاهدات في موقع «اليوتوب» كافية للاستشهاد بنجاح عمل فني معين من عدمه، وما دور الإعلام للنهوض بالعمل الفني الجاد والراقي، وهل يقوم بهذا الدور الآن أم العكس هو الحاصل، مع البحث عن الآفاق المستقبلية من خلال اقتراح بدائل واقعية وقابلة للتنفيذ حتى تستعد أغنيتنا بهاءها .
هذه الأسئلة والمحاور طرحناها في جريدة «الاتحاد الإشتراكي» على صناع الأغنية من مصر الشقيقة والمغرب، وحرصنا على إشراك الرواد والشباب من أجل تسليط الضوء والنبش في هذا الموضوع الإشكالية.

 

عبد الوهاب الدكالي: الفن توجية وتثقيف وتبلور حضارة شعب ومانعيشه اليوم سحابة صيف

الفنان القدير عبد الوهاب الدكالي يرجع تألق الأغنية المغربية بالدرجة الأولى إلى كون المغرب كانت تهب عليه ريح الشرق ما يقرب عن مائة سنة، إذ كنا نسمع أشياء جميلة وطيبة تأتينا من مبدعين سواء من شعراء وموسيقيين ومطربين مثل محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، عبد الحليم حافظ وغيرهم، تقريبا منذ الخمسينيات من القرن الماضي إلى السنوات الأخيرة، لكن برحيل هؤلاء العظماء، بدأت الأغنية تتدهور في الشرق.
وفي تقييم له للوضع الحالي للأغنية المغربية والعربية يقول صاحب «سوق البشرية «، نجد عشرات المغنيات والمغنيين بحكم كثرة الإنتاج، وهذا خلق ذلك نوعا من التنافس، لكن نادرا ما تجد عملا فنيا جميلا وأصبحت الأغنية، كما يقال، لها عمر الوردة .
هذه الريح أصابت، أيضا، باقي الدول العربية ومن بينها المغرب، ولا ننسى أن السوق الأمريكية طغت بثقافتها على الجميع، التي صنعت فنانين مثل مايكل جاكسون ومادونا وشاكيرا وغيرهم، وأصبحنا نتجه إلى التقليد الأعمى، من خلال اختيار مواضيع هزيلة المحتوى، لا يمكن الاستماع إليها من طرف العائلات وهي مجتمعة .
الفن، يرى الموسيقار عبد الوهاب الدكالي، هو توجيه وتثقيف وتبلور حضارة شعب، لكن هذه سحابة صيف وستعود الأمور إلى نصابها
وعن عالمية الأغنية العربية، يجزم أنه لا يمكن الحديث عن عالمية الأغنية العربية، و من يدعي ذلك لا يفهم في الفن و الموسيقى، فالعالمية هي أن تسمع الأغنية في كل بقاع العالم، وليس الغناء في مسرح عالمي، فما أكثر المسارح، فمثلا كنت من السباقين، يقول، لأداء أغنية ذات مواصفات عالمية من خلال أغنية «سوق البشرية « ولم يسبق لأي مطرب في العالم أن غنى مثلها، لكن بحكم أن إعلامنا محدود، للأسف، لم يكتب لها الانتشار العالمي.
ولم يخف عدم إيمانه بمواقع التواصل الاجتماعي في الجانب الخاص بالفن على الأقل، يقول: أنا لا أومن بما يجري في مواقع التواصل الاجتماعي، وما يظهر هناك هو كذب في كذب بنسبة 99 في المائة، وكل واحد يعطي لنفسه الحق ليكون عبرقيا وبطلا، وحتى من يقول إن نسبة المشاهدات الخاصة بعمله بلغت 500 مليون مشاهدة، ممكن أن يقول 500 مليار مشاهدة وفي الواقع لا تتعدى 500 مشاهدة،هذا بهتان.
وبخصوص الآفاق، يرى أنه لا يمكن الجواب عن هذا السؤال، الأمر يتطلب زمنا طويلا وتربية الأجيال على سمع الكلمة الطيبة وما هو جميل، فما يجري في مدارسنا ومؤسساتنا الإعلامية من اعتداءات على المعلم الذي يكاد أن يكون رسولا، كما يقول الشاعر أحمد شوقي، ناتج عن قلة التربية في الشارع والبيت وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية، هي مسألة نضج فكري. فأنا مثلا، يضيف، قمت بعمل فني يعالج مشكلة التحرش و الإغتصاب، كان من المفروض أن نستمع إلى هذه الأغنية عشرات المرات في اليوم في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، أنا قمت بدوري وعلى الآخرين أن يقوموا بأدوارهم.
الموسيقار المصري سامي الحفناوي: انشغال الإعلام بمشاكل العالم الكثيرة أعطى الفرصة لظهور أعمال ركيكة وهزيلة ويجب إنشاء رابطة من الوطن العربي لرعاية الفن الجيد ودعمه

الموسيقار المصري سامي الحفناوي يقول بخصوص الأغنيه العربية أنها ما استطاعت أن تحافظ على تألقها بعد جيل الرواد، نظرا لدخول بعض المواهب الضعيفه في المجال.
ولكنني شخصيا، بفضل الله، حققت نجاحات عالميه وحزت على الأسطوانة البلاتينية من خلال أغنيه «كوكب تاني» غناء مدحت صالح وألحان قدمتها مثل «على الضحكاية» لهاني شاكر و»شاور» و»اتمدت الايدين « و»غيرت حياتي « لمياده الحناوي و»جالك كلامي» و «بتبعد عني دلوقتي «ولطيفه وأنغام ومحمد الحلو وناديه مصطفي ومحمد ثروت وعلي الحجار وراغب علامة، وقدمت لنجاه الصغيرة « إلا فراق الأحباب قصص الحب الجميلة، كل فين وفين، أنت أنت «، ولعبت الظروف الاقتصادية والسياسية دورا كان نتاجها ظهور أصوات وأعمال دون المستوى.
وعن مواقع التواصل الاجتماعي يقول الملحن المقتدر سامي الحفناوي، إنها وسيلة عصرية واسعة المجال تفيد في انتشار الأغنية العربية بأقصى سرعة في جميع أنحاء العالم، ولكن أعطت فرصة لكل من هب ودب ولغير الموهوبين أن يبثوا أعمالا هزيلة دون رقابه ودون المستوى.
وفيما يهم معايير النجاح  يحددها الدكتور سامي الحفناوي بالقول إن معايير النجاح يتجسد في الصوت الجيد الذي له شخصية مستقلة والكلمات المناسبة للصوت والفكرة الجديدة
واللحن الذي يعبر عن الكلمة ويكون مناسبا للصوت ويخرج منه هذا الصوت أجمل ما فيه.
ونجاح العمل لابد أن يكون منتشرا في جميع الوسائل السمعية والمرئية وليس من خلال بؤرة سمعية واحدة، ولكن نسب المشاهده فقط، يرى الحفناوي، تساعد على انتشار الأعمال كدعاية مباشرة للعمل.
لكن بخصوص الإعلام يقول، أصبح دوره غير مهتم بالتركيز على الأعمال الفنية، نظرا لانشغال الإعلام بمشاكل العالم الكثيرة، مما أعطى الفرصة لظهور أعمال ركيكة وهزيلة، ولكن لا يصح إلا الصحيح.
فالعمل الجيد يتم بمزيد من الجهد والإتقان ويجد له مكانا في كل الظروف والأوقات.
ويقترح لإعادة الأمور إلى نصابها، إنشاء رابطه تجمع بين دول العالم العربي لرعاية الفن العربي، واختيار لجنة من فناني كل دولة وعمل إظهار الأعمال الجيدة وتدعيمها فنيا وإعلاميا وأدبيا، وإقامة حفل كبير تعرض فيه الأعمال الجيدة فقط.
محمود الإدريسي: في السابق كانت هناك رؤية فنية واضحة واليوم نعيش زمن النصب والاحتيال لإفساد الفن

 

بالنسبة للفنان القدير محمود الإدريسي فيرى أن هناك إنتاجات مهمة جدا من توزيع موسيقي ولحن وأداء وكلمات، لكن هناك فئة أخرى تستعمل الأغنية البسيطة، أغنية الشارع لحنا توزيعا وكلمات وتصويرا، إذ تبنى الأغنية، يقول الفنان الكبير محمود الإدريسي، في بعض المرات على جسد المرأة والمناظر الخالية من الحشمة، تبنى يشرح، لكي يكون طابعها غير موسيقي، بل من أجل الإبهار على الشاشة.
فهناك أصناف، يضيف الملحن والمطرب محمود الإدريسي، من الأصوات الجميلة والتوزيع العالمي والكلمات الجميلة، لكن بالمقابل هناك أغاني هابطة..، ومع تكرار السيء، سيجعله هو الطاغي والمهيمن ويصبح أصحابه مشهورين، لكن في الماضي في العالم العربي وفي المغرب كانت هناك لجان تشرف على الكلمات واللحن والصوت في حين اليوم لا توجد أية مراقبة، هناك تسيب .
ففي السابق، كانت هناك رؤية فنية واضحة، إذ وجدنا المؤسسين الذين خدموا الأغنية المغربية، وجاء جيلنا حيث سلمونا المشعل، فكانت الإضافة من خلال البحث في التراث المغربي والفنون الشعبية، إذ نتوفر على كنز ثمين لا يوجد في بلدان أخرى، ونأسف لما وصلت إليه الأغنية المغربية اليوم، من المفروض على الجيل الجديد استكمال المشوار وألوم الشباب على عدم البحث والاجتهاد، وعوض ذلك نجد أغنية بإيقاع خليجي وكلام لبناني، وبالتالي قتل ووأد الهوية المغربية، فالحروب الآن قائمة على محاربة الهوية والتراث، وهناك أيادي خفية تعمل في هذا الاتجاه خارج البلاد.
ويقول عن العالمية، أنا لست ضد العالمية، لكن يجب أن يكون العالمي يحمل البصمة المغربية، والأمر أيضا ينطبق على البلدان العربية الشقيقة الأخرى، فالعالمية تنطلق من المحلية، حتى يحافظ العمل الفني على هويته.
ويرى الفنان محمود الإدريسي أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تخدم الأغنية أبدا، بل ساهمت في ترويج التفاهة وهناك أناس لا صلة لهم بالفن. لقد أصبحنا اليوم في زمن النصب والاحتيال لإفساد الفن .والإعلام اليوم يسير لوحده كحصان ليس له لجام ، مساره عشوائي، ولم يعد هناك مسؤولون حقيقيون يميزون بين الصالح والطالح، وعيب أن نسمع أغاني فيها خدش للحياء والإعلام لا يقوم بدوره المنوط به، عيب وعار «لا ناهي لا منتهي»..، ويقترح صاحب العديد من القطع الغنائية الجميلة منها أغنية «ساعة سعيدة «، ضرورة الحرص في المغرب والوطن العربي على إعادة الأمور إلى نصابها، ونحن مثلنا مثل البلدان الأخرى وهو ما وقفنا عليه في الاتحاد الفنانين العرب، هناك فوضى وإصرار ربما لمحو هويتنا بكل صراحة.
الملحن المصري الدكتور إيهاب عبد السلام: أصبحت الأغاني مصنعة وتفتقد للحس الإنساني والأصالة هي السبيل الوحيد للعالمية

الدكتور إيهاب عبد السلام الملحن والموزع المصري وعضو لجنة الاستماع في هيئة الإذاعة والتلفزيون، يرى كتقيم للأغنية العربية في زمننا هذا، أن الأغنية العربية تأثرت كثيرا بالسلب وليس بالإيجاب، للاسف يقول،  لم نستطع أن نحافظ على هويتنا العربية، وتأثرنا كثيرا بالموسيقي الغربية وتغلبت التكنولوجيا الحديثة على أغنيتنا العربية، فأصبحت الأغاني مصنّعة وتفتقد للحس الإنساني، ولكن، يضيف الدكتور إيهاب عبد السلام، يجب ألا نغفل بعض محاولات للحفاظ على الهوية ولكن دون جدوى، لأن الغالب والأعم هو الشكل الذي يسمونه موسيقى متطورة وحديثة .
وتتخيل البعض، يوضح، أنه سوف يصل بالأغنية إلى العالمية عن طريق وضعها في فورم غربي أو استعمال أصوات مخلقة وتكنولوجيا حديثة؛ ولكن في حقيقة الأمر، إذا أردت أن تصل إلى العالم فيجب أن تصل بلغتك العربية وليس بلغتهم، فالأصالة هي سبيلك الوحيد إلى  العالمية، علي سبيل المثال، يتساءل الملحن القدير إيهاب عبد السلام، هل وجدت أحد الفنانين الأوروبيين ألف أغنية أجنبية مثلا على إيقاع المقسوم أو على مقام البياتي مثلا، فيجيب، طبعا لا، فهو يستخدم لغته التي يتقنها ويحسها وتربى عليها، لذلك تستمع أنت إلى فنه فتنبهر و تستمتع، وهكذا فكل فن يجب أن ينسب إلى صانعه، فالغرب له موسيقاه والعرب لهم موسيقاهم وهذا جميل، فإذا أردنا أن نصل إلى  العالمية فعلينا بالمحلية .
ويرى أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت منافذ إعلامية موازية، بمعني أننا كنا زمان لا يوجد غير الإذاعة والتليفزيون، وأنت رهن لهم، لكن الآن أصبح هناك وسيلة أخرى وهي مواقع التواصل الاجتماعي التي أتاحت الفرصة لأي إنسان أن يعرض فنه على المجتمعات دون أي قيود، ولكن يجب أن نعلم، يقول الملحن القدير إيهاب عبد السلام، أن عدم وجود قيود في عرض الأعمال فتح الباب أمام الجيد والرديء، وهذا ما وضع الجمهور في موضع التقييم والاختيار بعد أن كانت هناك مؤسسات ولجان تقوم بدور الرقيب والحسيب على  الفنون التي تقدم للمجتمع ولا تسمح إلا بتقديم كل ما هو جيد فقط .
فمواقع التواصل في مجمل الأمر وفقه قد أفادت الفنانين بصورة مباشرة في نشر أعمالهم الفنية وفي الوقت نفسه، فتحت الباب على مصراعيه لكل الأعمال الجيد منها والرديء أو القبيح .
ويشدد الدكتور إيهاب عبد السلام على أنه لا يعتبر نسب المشاهدة في اليوتيوب معيارا  للنجاح بشكل مطلق، لأنه كما نعلم أن هناك أساليب كثيرة للتحكم وزيادة نسب المشاهدة بصورة غير حقيقية، أصبح ليس هناك معيار سوى أن يكون الفنان مطلوبا وهذا ما نلاحظه من كثرة إنتاجه ونشاطاته الفنية وتواجده في كل المحافل .
ويأسف لغياب دور» الأعلام «  إذ أصبح يترنح يمينا ويسارا بين مواقع التواصل الاجتماعي  فهو يستمد معلوماته منها ولا يستطيع أن يفرق بين ماهو جيد وما هو رديء  ليقدمه.
ولكن يرى أن  دور الإعلام الحقيقي هو تقديم الجيد والمناسب فقط ؛ وأنا يقول ضد الرأي الذي يقول بأن الجمهور له حرية الإختيار، أي أن الإعلام يقدم كل شيء  جميل أم قبيح والجمهور هو الذي ينتقي ما يشاهده وكل هذا تحت شعار حرية الفكر والتعبير ؛ أرى  أن الحرية لها حدود وليست مطلقة، فالفنان تحكمه ثقافة وتقاليد وحدود مجتمعه ولا يجب أبدا أن يتخطاها وإلا سينهار المجتمع أخلاقيا وبالتالي كليا .
فكل دولة مسؤولة عما يقدم لشعبها، فهي الرقيبة والحريصة على  أخلاق وثقافة واستقرار الشعب، لذلك يرى الدكتور إيهاب عبد السلام  يجب أن تعود الجهات الرقابية للقيام بدورها وأن يفرض إعلام كل دولة سيطرته التامة على كل الفنون التي تقدم، ولا سيما الأغنية والتي هي أكثر تأثيرا في المجتمع والأجيال القادمة .
ولو قارنا ما يقدم من فنون بالماضي، لتحسرنا على ما وصلنا إليه، ولكن ما وصلنا إليه كان بسببنا، لأننا تخيلنا أن هذه هي الحداثة وهذا هو التقدم والتطور .

نعمان لحلو: مواقع التواصل الاجتماعي أصبغت نوعا من الديمقراطية الفنية على الكل وضاع عنصر الموهبة

الفنان القدير نعمان لحلو يرى أن  هنالك حقيقتين مختلفتين ومتناقضتين بخصوص واقع الأغنية المغربية اليوم . الأول، يشرح المطرب والملحن القدير نعمان لحلو، أنها تعاني من عنصر الإبداع، من ناحية النص، إذ أن جل الأغاني التي نسمعها اليوم، لا تعتمد على أي جمالية أو احترافية من حيث الوزن والقافية والمخيلة الشعرية، إذ أننا اكتفينا باستعمال الكلام العادي الذي نستعمله يوميا في محادثاتنا اليومية، بحجة الواقعية رغم بساطته التي تصل للسماجة، ناهيك على بعض الألفاظ الشبه – نابية التي تتضمنها بعض الأغاني، والتي تصل أحيانا للشتيمة، وكل ذلك لخلق ما يسمى ب « البوز « من أجل وهم كبير يسمى»عدد المشاهدات « . أما من ناحية الموسيقى، فنادرا ما نجد جملا لحنية جديدة، ونادرا جدا ما نجد جملا موسيقية متشبعة بأنغام ومقامات مغربية، إذ يتم الاكتفاء بجمل مشرقية مسموعة، وأغلبها على مقام واحد وهو» مقام الكرد «. ولكن هذا لا يمنع إعجابي بتطور ملحوظ على مستوى التوزيعات الموسيقية، والهندسة الصوتية، وجمالية الصوت .
أما الشق الثاني من الجواب،  وهو على نقيض الشق الأول، يرى فيه أن الفن الغنائي المغربي اليوم، يظل يلعب دوره الأمين في انعكاس واقع ثقافي، اجتماعي وسياسي معين، وبالتالي، فإنه لا يمكن أن يكون إلا كما هو عليه اليوم، نظرا للتردي الثقافي الذي نعيشه، أو بمقولة أخرى فإن فننا اليوم يشبهنا ونشبهه.
ويرى أنه كان من الممكن أن تذهب الأغنية المغربية لمسار أبعد، لو كنا حافظنا على لجنة للكلمات والألحان، وفق دفتر تحملات معين يحافظ على الجمالية الاحترافية والهوية ، وكانت الأغنية المغربية سوف تزيد تألقا وانتشارها، لولا دخول عصر العولمة والذي مكن الهواة وأنصاف المحترفين ( وهم أشد خطرا من الجهلاء )، من اكتساب منصات إعلامية خاصة بهم عبر الفيسبوك واليوتيوب .
أما عن موضوع العالمية، يقول الأستاذ نعمان لحلو، فهذا مصطلح كبير، لم تصله الأغنية المغربية، وإن كان هنالك أشخاص وصلوا للعالمية الدولية ك «ريدوان» والعالمية العربية ك « سعد المجرد وأسماء لمنور «، ولكنهم وصلوا لهذا الانتشار العربي والعالمي كأشخاص وليس كموسيقى مغربية، وإن كانوا قد ساعدوا في انتشار اللهجة المغربية أكثر من الأجيال التي سبقتهم.
وبخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، فيشدد على أنه سلاح ذو حدين، وهو ما ساعد بعض الفنانين على الانتشار أكثر من الأجيال التي سبقتهم ، وهذا شىء جيد، ولكن في المقابل شجعت هاته المواقع الدخلاء الذين يبحثون عن « البوز « في الإنتشار .
كما أصبغت هاته المواقع، يضيف، نوعا من الديموقراطية الفنية على الكل، وضاع عنصر الموهبة الذي حباه الله لأشخاص دون غيرهم، حتى أصبحت الموسيقى وحتى الصحافة اليوم شغل من لا شغل لهم بغض النظر عن المهنية و الإحتراف .
أما معايير النجاح  بالنسبة للفنان القدير نعمان لحلو، هو الاستمرارية والتوفر على بصمة خاصة بكل مبدع، وهذا ما نجده نادرا، إذ أصبح الكل يشبه الكل .
أما عن نسبة المشاهدات، فهنالك أغاني لعبد الوهاب، وأم كلثوم، والراشدي وبن عبد السلام، التي لم  تتجاوز نسبة المشاهدات فيها عتبة الخمسين ألفا، في حين هنالك مطربون جدد لم يسبق لهم أن عرفناهم، ولا خلفية احترافية لهم، تقدر عدد مشاهدات بأكثر من مائة مليون مشاهدة، وهذه نجاحات إعلامية تواصلية وليست نجاحات فنية .
وهاته الأغاني التي ارتفعت عدد مشاهداتها لا تعمر أكثر من سنة.  وكما قلت فالموهبة، والحرفية، والنجاح والاستمرارية هي المقومات الطبيعية لأي نجاح، وما دون ذلك فقاعات لا تلبث أن تتبخر ولن تترك أي أثر في الميدان الفني للأجيال القادمة.
ويرى أن الإعلام بدوره وقع ضحية عدد المشاهدات، والاتجاه نحو الترفيه والشعبوية، على حساب الفن والحرفية، وإن كنت، يقول، أتفهم توجه القنوات الخاصة نحو البيع المقرون بالانتشار، فهنالك منصات إذاعية، تلفزية وإعلامية رسمية، لا يجب أن تقع في هذا الفخ ، لأن دورهم الحفاظ على هوية البلد . و هنالك العديد من الأسماء الإعلامية الذين يدمرون حضارة استغرق بناؤها قرونا، سوف يحاسبهم التاريخ، لأنهم ساعدوا على انتشار الرداءة.
ويقترح الفنان نعمان لحلو على القناة الأولى المغربية والجرائد الرسمية، أن يهتموا بالجودة و الاحترافية، لكونهم في غنى عن أموال الحاضنين والممولين الذين يهمهم الكم على حساب الكيف، والترفيه على حساب الفن، وذلك في خط متوازي مع ما تشهده مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الاعلامية الحرة، حتى يكون للمتلقي اختيار بين الفن والترفيه، وهذا ما لا يوجد اليوم.
كما يجب، يضيف، أن تؤثث مهرجاناتنا بإبداعات محلية، والابتعاد عن عقدة الأجنبي، وعقدة المشي مع الموجة السائدة .
ويقر الأستاذ نعمان لحلو أن هذا لا يمنع من وجود مواهب فذة من الجيل الجديد، لأن أرضنا ولادة، ولكن الغالب، للأسف، هو الرداءة في ظل عولمة ثقافية، أنا شخصيا ضدها .
الشاعر عماد حسن: التنافس المحموم بين الفضائيات يجعلها تلجأ لكل ماهو غريب وصادم وكل الأغاني الهابطة وأفلام البورنو تحظى بنسب مشاهدات عالية

الشاعر الكبير عماد حسن صاحب كلمات «غلطة وندمان عليها» للقدير هاني شاكر وغيرها من الأغاني التي خرجت بصوت كبار الموهوبين في الوطن العربي، والذي تجمعه بالديفا سميرة سعيد 25 أغنية، يرى أن الأغنية العربية الآن تمر بمرحلة ضعف، إذا ما قورنت بسابقتها التي قدمها لنا جيل الرواد، و هذا راجع لعدة أسباب، يضيف الشاعر عماد حسن، كانت الأغنية تمر بمراحل تقييم جادة لكل عناصرها بداية من الكلمات، مرورا باللحن وانتهاء بالأصوات المؤدية. و حينما فقدت هذه اللجان قوتها و جديتها أصبح المرور متاحا لأي عمل غنائي مهما كان مستواه رديئا .
أيضا وجود الكثير جدا من المحطات الفضائية الخاصة غير الحكومية بما تملك من إمكانات مادية كبيرة يقدمها مالكوها من رجال الأعمال بالإضافة لساعات البث الطويلة المطلوب ملؤها بالمصنفات الغنائية، يسهل عرض و إذاعة أي أعمال غنائية بغض النظر تماما عن جودتها .
كما أن التنافس المحموم بين الفضائيات يجعلها تلجأ لكل ما هو غريب و صادم .
بالنسبة للتساؤل عن العالمية، يقول، أستطيع أن أؤكد أن الأغنية العربية ليس لها تواجد حقيقي في المجال العالمي للغناء، لأننا لا نقدم لهم إلا محاولات تحاكي و تقلد موسيقاهم و أغانيهم الغربية، نستثني من هذا موسيقي الراي المغاربية، لأنها موسيقي أصيلة ذات جذور عميقة استطاعت ان تجد لنفسها مكانا و جمهورا يتلقاها و يتذوقها في كل أنحاء العالم، أما غير ذلك فكلها محاولات بائسة للمحاكاة و التقليد للغناء الغربي .
وفيما يتعلق بنِسَب المشاهدة على اليوتيوب يؤكد عماد حسن على أنها ليست معيارًا حقيقيا لتقييم جودة العمل الغنائي و الدليل على ذلك أن كل الأغنيات المنحطة فنيا و لغويا و موسيقيا و كل أفلام البورنو تحظى بعدد ضخم من المشاهدات، فهل نستطيع الاعتماد على هذا المعيار كمعيار حقيقي وجاد أشك كثيرا يقول..
وعن دور وسائل التواصل الإجتماعي و هل استطاعت أن تخدم الأغنية العربية، يضيف الشاعر المصري القدير، بكل بساطة أن هذه المواقع تفتقد الكثير من النضج حيث أن الكثير من مرتاديها ليسوا من الصفوة أو من المثقفين، فهي مفتوحة و متاحة للجميع، و أرى أن مضارها للأغنية أكثر من نفعها، و لكني في نفس الوقت أثمن قيمة الحرية وأهميتها وعلينا جميعا أن ندفع ثمن دفاعنا عن الحرية إلى أن يمن الله علينا بالنضج الكافي لنحسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل و ليس بما هي عليه الآن .
وعن دور الإعلام في النهوض بالعمل الغنائي الجاد و الراقي، يقول لابد من  اهتمام الإذاعات و التليفزيونات الرسمية بعمل لجان حقيقية تضم كبار المبدعين من الشعراء و الملحنين و الموزعين الموسيقيين لتعمل هذه اللجان كمصفاة لا يمر من خلالها إلى أسماعنا إلا كل جيد و راقي يتبع المعايير الفنية الجادة .
والعمل بميثاق شرف تخضع له كل المحطات التي تهتم بالعمل في مجال الموسيقي و الغناء و على من يخالف هذا الميثاق أن يواجه بمنتهى الحزم  و الحسم و القوة ولو أدى الأمر إلى إلغاء تراخيصهم و منعهم من ممارسة العمل الإعلامي .

الملحن والإعلامي سعيد الإمام: في ظل الاستسلام والفساد المستشري لم يعد للأغنيةأي دور  خاصة مع وجود الإعلام الممول بأموال النفط

الملحن والإعلامي القدير سعيد الإمام يؤكد أن الأغنية العربية والمغربية في انحدار تام نظرا للمحيط السوسيوثقافي الهابط الذي وصل إليه العالم العربي بصفة عامة.
فالفنان العربي والمغربي اليوم يخلو قاموسه الفني والعملي من مفهوم الاهتمام بالعمل وإتقانه ليصبح رسالة يفخر بها التاريخ . الفنان اليوم، يقول الفنان سعيد الإمام، يسعى جاهدا إلى تقديم أعمال دون أدنى شعور بالمسؤولية، فهو يبحث عن التواجد من أجل التواجد والحضور فقط..،  ففي ظل الاستسلام والفساد المستشري، يقول الإمام، لم يعد للأغنية أي دور خاصة مع وجود طفرة في الإعلام الممول بأموال النفط ، والإبداع  كما يرى ينغمس في الميوعة ولا يعبر عن روح الإنسان العربي، بل أصبحت الهرولة نحو السريع والنجومية المزيفة هي الأصل باستثناء بعض الإشراقات هنا وهناك .
والحديث عن العالمية بالنسبة للأغنية المغربية والعربية، يقول هو مجرد وهم ، إذ أن الأغنية تفتقد للتجاوب الجماهيرين فما بالك بالحديث عن العالمية، لذلك فالحديث عن العالمية بالأمس أو اليوم مجرد وهم .
وفيما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي فهو سيف ذو حدين، فباسم حرية التعبير والإبداع، يقول الفنان سعيد الإمام، فتح المجال لمن هب ودب للولوج إلى عالم الغناء عن طريق التسلط فاختلط الحابل بالنابل.
ومن جهة أخرى أفرزت هذه المواقع مجموعة بسيطة من الإبداعات التي كانت بالأمس تشكل تهديدا لمراكز ومناصب العديد من المتنفذين والمتسلطين، لذلك غيرت القنوات العمومية في العالم العربي بوصلتها لتشجيع وإنتاج الرداءة والسطحية، وأصبح الصوت المسموع هو صوت المال والرداءة والتسلط والنمطية وليس الإبداع، أما المبدعون الحقيقيون فغير مرغوب فيهم إلا لدعم مصالح التسلط .
وعلينا، يضيف، أن نعترف أن مشاكلنا الفنية كبيرة ومعقدة لنرى بعد ذلك الحلول بطريقة واقعية بعيدا عن الوهم والخيال، ولابد أن تعالج المشاكل من جذورها والمتمثلة في توفر الإرادة السياسية اللازمة لخلق إنسان عربي صالح وموهوب يعرف الحقوق والواجبات ويسعى إلى تطوير مجتمعه ووطنه بآفاق العصر والتنافسية في إطار المكتسبات الحضارية دون تجاهل حقائق التركيبة الثقافية لكل وطن على حدة. وخلق أغنية ناجحة لا يتم من وجهة نظر الملحن سعيد الإمام إلا في إطار خلق مجتمع ناجح أخلاقيا وثقافيا وسياسيا داخل كل وطن بتجلياته المختلفة
المطربة كريمة الصقلي: إذا أردنا أن نصل إلى العالمية علينا احترام تراثنا ومواقع التواصل الاجتماعي قد تخدم أي خبر سواء كان زائفا أو صحيحا

الفنانة القديرة كريمة الصقلي تعترف أن معنى الأغنية تغير و تغيرت طريقة انتشارها و أصبحت الأغنية الناجحة هي التي تخضع للبوز والتي تتوفر على نقص في القيمة اللغوية..،
فهناك  نوعان من الأغنية، تقول الفنانة كريمة الصقلي، السائدة الخفيفة، و المحجوبة التي تأتي من بعد  دراسة وبحث أدبي وموسيقي،غالبا لا تحظى بانتباه الإعلام السمعي البصري و الأغنية المنتشرة هي سريعة الاستهلاك تجارية مع موضوع مباشر بسيط  وليس بالضروري أن تتوفر على  كفاءات فنية عالية المستوى، لأن هناك  إنتاجا ضخما  واهتماما  كبيرا من طرف كل الجهات.
و إذا أردنا أن نحلل الوضع الحاضر، ترى الصقلي علينا أن نتوجه إلى تاريخنا و تطور العيش في بلدنا وسوف نجد تراثا شاسعا وإرثا  كبيرا من عدة ثقافات، ولكن للأسف، مع هذا الغياب الواضح لاستراتيجية  تنموية ثقافية، نجد أنفسنا نحرق الأصل و نتجه في منافسة الشرق والغرب حتى وإن كنا لا نسلك نفس الطريق .
وهل استطاعت أن تحافظ على تألقها اليوم مقارنة مع جيل الرواد ، وهل فعلا يمكن الحديث عن عالميتها اليوم أم العكس.؟ عن ذلك تجيب الفنانة القديرة كريمة الصقلي، هناك لهفة للنجاح بسرعة باهضة، الشيء الذي يقلص من قيمة العمل الفني و يعطي اهتمام أكثر للانبهار. مع العلم أنه لا يوجد أي مجال  للمقارنة  بالنسبة للرواد، الرواد الذين فتحوا المجال لقيم أخلاقية و فنية وإن كانت محدودة من طرف إنتاج الإذاعة الوطنية الموقرة و يمكن أن نتفهم الوضع الآن بالعولمة و الحداثة.
وبخصوص عالميتها، تقر الصقلي بأن الانتشار السمعي البصري توسع بشكل هائل بفضل شبكة الإنترنيت، وأصبح العالم أصغر مما كان عليه؛ وأنا شخصيا أعتقد بأننا إذا أردنا أن نصل إلى عالمية الأغنية، علينا ان نحترم تراثنا و الأعمال المقتبسة منه أولا، من خلال مجموعة من الخطوات الجادة كتكوين معاهد، مسارح مصغرة، ورشات  بالمدن و القرى للتربية الفنية، إعداد مقررات مدرسية و كذلك من خلال برامج سمعية بصرية تواكب هذا الرصيد الكبير.. فمهما بلغت الموسيقى العالمية من مجدها، فهي موسيقى محلية، عميقة و أصيلة، تنأى بنفسها عن صراع الموسيقى الشعباوية.
وعن سؤال، إلى أي حد استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي أن تخدم الأغنية أم كانت نتائج هذا الاستخدام عكسية؟
عن ذلك تجيب بأن مواقع التواصل قد تخدم أي خبر سواء كان خطأ أو صحيحا، و كذلك بالنسبة للأغنية، فإن هذه المواقع توفر انتشار أي عمل بشكل آلي محض، بعيدا عن أي  نقد فني أو ذوق إنساني، و يمكن لأي مستعمل يرغب ان يصير «فنانا» أن ينخرط و أن يؤدي بعض المال أو يختار ضجة « البوز» بعيدا عن الإبداع الفني.
وعن معايير النجاح من وجهة نظرها، وهل تعتبر أن نسب المشاهدة في مواقع اليوتوب كافية للاستشهاد على نجاح عمل فني معين من عدمه؟
تجيب الفنانة كريمة الصقلي بالتشديد على أن هناك خلطا ما بين النجاح و الشعبوية، و لا يمكن أن نجد معايير في هذا الحال الذي أصبحت فيه الرداءة في منتهى الجمال ..، وعن دور الإعلام في النهوض بالعمل الفني الجاد والراقي، وهل يقوم بهذا الدور الآن أم العكس هو الحاصل؟ ترد بالتأكيد على ضرورة  أن يكون تخصص  للنقد  الصارم العادل  لكل الفنون، لأن الإعلام يعطي القيمة للأعمال المسلية و هذا ليس عيبا و لكن يهمل كل عمل ذا قيمة أدبية موسيقية بجمالية أصيلة، والواجب هنا على الجميع و بالخصوص أصحاب القرار أن يركزوا أكثر بتصميم استراتيجية ثقافية فنية صحيحة لأن مرآة  أي مجتمع نجدها في الإبداعات الفنية جمعاء.
الفنانة فاطمة الزهراء لحلو:  يجب فتح الأبواب المغلقة لكل الطاقات الفنية سواء للشباب أو الرواد الأساسي هو العمل وليس الإسم

الفنانة القديرة فاطمة الزهراء لحلو  ترى أن الأغنية الحالية، مغربية أو عربية، تغيرت عما كانت، وهذا شيء طبيعي، فكل زمان له ناسه، لكن المشكل أن الدخلاء أفسدوا الذوق العام بشيء آخر ونسبوه للأغنية بكلمات سوقية رديئة وألحان مكررة، أتكلم  عن الدخلاء أما الفنانين الحقيقيين لازالو يجتهدون ويناضلون سواء كانوا  شبابا أو من سبقوهم ويقدمون أعمالا فيها إبداع وجمال الفن الراقي المتميز الذي لا يتغير لا بالزمان ولا المكان ولو ظروف الإنتاج والتوزيع غير متوفرة أصلا في المغرب، يظل الفنان وحده، تقول الفنانة القديرة فاطمة الزهراء لحلو، يكافح ويواجه كل المصاعب لإيصال صوته لمحبيه وعشاقه .
والإعلام العربي له دور كبير في الرفع من مستوى الأغنية أو انحطاطها وما تقدمه بعض القنوات الفضائية العربية كارثة..
اما مواقع التواصل الاجتماعي ففي نظر الفنانة فاطمة الزهراء لحلو فهو سيف ذو حدين..، أكيد، ترى، أن العلاقات العامة والتسويق لهما دور كبير في اختيار الفنان وتعني بذلك المهرجانات والسهرات،
أما معايير النجاح بالنسبة للأغنية بالنسبة إليها فلا تكمن في نسبة المشاهدة ، الكل يعرف، تقول، أن هناك شراء المشاهدة وأسعارها معروفة، هذا خطأ كبير يقع فيه منظمو الحفلات والمنتجين وحتى الإعلاميين..، والإعلام لابد أن يكون محايدا ومشجعا للعمل الفني الراقي المتميز الملتزم بالجودة والمستوى، ودوره جد مهم في مشوار الفنان، وكفانا مجاملات على حساب الجمهور والفن الجميل لإرضاء بعض المستفيدين والدخلاء.
وتقترح الفنانة القديرة فاطمة الزهراء لحلو  فتح الأبواب المغلقة لكل الطاقات الفنية الحقيقية سواء الشباب أو من سبقوهم، وأهم شيء بالنسبة إليها هو العمل وليس اسم صاحبه، وهذه هي الطامة الكبرى، يجب أن يكون العدل في تقديم الأعمال، والفنانون الجمهور تعبوا من تكرار نفس الوجوه..، يجب دعم كل فنان مبدع وكفانا من مافيات ولوبيات تستفيد على حساب الفنان الحقيقي..
بالنسبة للشباب، تقول، أنا مع كل من هو موهوب ويمتلك حسا فنيا متميزا، والدليل على ذلك هو تعاملي مع الملحن والكاتب والمطرب محمد الشكراوي والفنان الكبير الموزع الشاب كريم السلاوي، باختصار ما يهمني هو الإبداع والأغنية الهادفة والفن الأصيل هو مرآة المجتمع وحضارته، جميل  متابعة ملف الأغنية الشائك.
الملحن زكرياء بيقشة : يكفي أن يكون لديك المال لشراء نسب المشاهدات وتوهم نفسك أنك أصبحت نجما بين عشية وضحاها

الملحن والمبدع الشاب زكرياء بيقشة، يعترف بأن  هناك اجتهادات لا يمكن أن ننكرها، ولكن ليست كافية لأن المجتهدين قليلون، و الدخلاء ما أكثرهم، ولهذا يوجد تراجع كبير في الأغنية .
ويرى زكرياء بيقشة أن كل جيل و عطاءاته، والجيل الحالي له عطاءاته أيضا، و هناك مبدعون يشتغلون بصدق و موهوبون حقيقيون، لكن لا يمكننا إطلاقا مقارنته بجيل الرواد؛ لأن جيل الرواد كان يشتغل على الأغنية العربية و يحرص على تقديم هويته في الأغنية، فمثلا، يقول الملحن والشاعر زكرياء بيقشة، تجد الفنان المغربي و المصري و اللبناني و الخليجي والسوري كل منهم يقدم ثقافة و لغة بلده، و أكيد لا بأس في تعاونهم، مثلا أن يغني المغربي للمصري و الخليجي للمغربي، هذا يسمى تبادل الثقافات، و هذا ما جعل الأغنية العربية تزدهر مع  جيل الرواد ، و تبقى حية ليومنا هذا، لهذا نسميه بالجيل الذهبي ،أما الآن فنفتقد الهوية في الاغاني.
أما العالمية يرى زكرياء بيقشة، فكانت في جيل الرواد، أما الآن فلا توجد العالمية، هذا الاسم  استسهل في جيلنا لدرجة أن من يريد تسمية نفسه بالعالمي يكفي انا يقوله على نفسه و يخدع الجمهور. فالعالمية بمفهومها الحقيقي لا توجد الآن، لأن العالمية تنطلق من المحلية .
وبخصوص ‏مواقع التواصل الاجتماعي، يقول بيقشة، أكيد خدمت الأغنية، لكنها فتحت الباب لتافهين لكي يصبحو «مشهورين «، وأضاعت قيمة و مفهوم النجومية و النجاح، لأنه و بكل بساطة أصبح النجاح يقاس بالمال ونسب المشاهدة و ليس بجودة الأعمال الفنية،
فمثلا، يشرح زكرياء بيقشة، إذا كانت لديك أغنية تافهة و مليئة بالأخطاء، يكفي أن يكون عندك مال لكي تشتري نسب المشاهدة و ستصبح نجما ‏بين ليلة وضحاها، و تتكلم بلغة الأرقام الوهمية، و توهم نفسك والجمهور بأنك ناجح رغم أنك تعرف أنك لست ناجحا، و لهذا يقول أنا من وجهة نظري فمواقع التواصل الاجتماعي ستخدم الأغنية، لكن إذا كانت رقابة عليها و أول رقابة هي الرقابة الذاتية أي كل شخص يكون متصالحا مع نفسه و رقيبا عليها.
وتبقى معايير النجاح في نظر زكرياء بيقشة، هو الجودة و الصدق و التجديد و الإتقان والبساطة الممتنعة وليس التفاهة، لأن هناك أشخاصا يصفون تفاهتهم بالبساطة و لكن البساطة بريئة من تفاهتهم إلى يوم الدين.
أما نسب المشاهدة، يقول بيقشة، فإنها وهمية و ليست كافية للإستشهاد على النجاح، فمن اعتمد عليها مثله مثل التلميذ الذي يغش في الامتحان وينجح و يصعد للمستوى الموالي، لكنه يعرف جيدا أنه غش وأنه ليس مؤهلا لذاك  المستوى، والأغاني التي تعتمد على نسب المشاهدة لا تعيش أكثر من أسبوع.
ويرى الملحن زكرياء بيقشة أن دور الإعلام مهم جدا، لأنه هو من يوصل العمل الفني للجمهور، وأكيد هناك إعلاميون يشتغلون بصدق و هدفهم هو النهوض بالعمل الفني، و هناك من لا يفعل
ويقترح أن تكون هناك رقابة ذاتية و أن نحافظ على هويتنا وأن نشتغل بكثرة و صدق وقوة و أن نكون متجددين غير تافهين و أن لا نخدع الجمهور الذي يشجعنا، يقول زكرياء بيقشة.
الفنان الشاب إلياس طه: لابد من وقفة تأملية لإنقاذ مايمكن إنقاذه لإعادة  عملية الفرز والانتقاء كما كان معمول به في السابق

يقول الفنان الشاب المبدع إلياس طة إننا نعيش اليوم مخاضا عسيرا، فهناك الإيجابي والسلبي سواء بالنسبة للأغنية المغربية خاصة أو العربية بشكل عام .
ويلاحظ الفنان صاحب الصوت الطروب أن هناك قطيعة اليوم بين الرواد والجيل الحالي.
فالكل تربى على الأغنية الكلاسيكية، وكان هناك عمالقة الفن في المغرب ومصر وكل الدولة العربية، وكانت الأغنية في أبهى مراحلها، لكن للأسف اليوم ليست الأموركما كانت عليه.
وبخصوص دور مواقع التواصل الاجتماعي، يشدد الفنان إلياس طه الذي أعاد العديد من أغاني أم كلثوم بتوزيع مختلف، فإنها مهيمنة في غياب إذاعات وقنوات متخصصة على الأقل هنا في المغرب، مما جعل هذه المواقع مفتوحة وملاذا للفنانين ، الذين انتشروا من خلالها ولم يمروا عبر التلفزيون.
أكيد أن مواقع التواصل الاجتماعي لها سلبياتها أيضا بالنسبة للفن، فهي مفتوحة، يرى طه، و لاتخضع لأي معيار، كما هناك التلاعب في نسب المشاهدة ، مما يجعل العمل الرديء ينتشر على حساب العمل الفني الذي فيه مجهود إبداعي.
وبالتالي، لابد من وقفة تأملية حقيقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من خلال إعادة عملية الفرز والانتقاء كما كان به معمولا في السابق، ومن ضمن ذلك عودة العمل باللجان المختصة التي تجيز عمل معين، مع تحمل المسؤولية من طرف الإعلام الرسمي بالدرجة الأولى، الذي هو موكول على عاتقه الرفع من الذوق العام في هذا المجال. وخدمة الأغنية التي هي جزء لا يتجزأ من التنشئة الاجتماعية ومحاربة الاحتكار، يقول الفنان إلياس طه، من طرف أسماء محددة على حساب المواهب الحقيقية.
الفنان الشاب محمد عدلي: من تأثيرات العولمة انتقال عمر الأغنية من نصف ساعة إلى خمس دقائق ومعيار النجاح مرتبط بمحتوى وقيمة العمل الفني
الفنان الشاب المبدع محمد عدلي يرى أننا نعيش اليوم مجموعة من الإشكالات والمتغيرات التي كان لها تأثير على الشكل والمضمون ، مادمنا نعيش في عصر متغير، يقول المبدع محمد عدلي، أصبحت معايير الذوق والجمال متغيرة هي كذلك، فالعولمة لها تأثير على مجموعة من المجالات خاصة على الهوية الثقافية والفنية للعرب،  والمقارنة بين الأغنية الكلاسيكية والحديثة فيها النسبية، إذ نجد أعمالا عربية مازالت خالدة إلى اليوم، لكن ليست كل الأعمال كتب لها الخلود، حتى الرواد عاشوا هذه التجربة سواء في الشرق أو في المغرب، كما أنه في الزمن الجميل لم ترق بعض الأعمال إلى أن تصبح أعمالا خالدة والدليل، يقول الفنان عدلي، أنها لم تعش لحد الآن، وهذا ينطبق على الشباب أيضا، الذي وجد نفسه خاضعا لمنظومة ولا يمكن إن يغرد خارج السرب، صحيح في الماضي، يقول الفنان محمد عدلي، كانت هناك أغاني مدتها نصف ساعة وساعة، لكن اليوم ممكن نجد أغنية مدتها خمس دقائق، لكن جيدة والمعيار هنا هل العمل جيد من عدمه .
بالنسبة للعالمية،يقول لا توجد  لدينا أعمال عربية كثيرة، هناك أعمال قليلة مثل تجربة الرحابنة مع فيروز،إذ نجد التركيبة سواء تعلق الأمر باللحن أو التوزيع تركيبة عالمية وبعض ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي سافر إلى الخارج واستخدم إيقاعات غربية لكن بحذر شديد، لكن حافظ على الهوية العربية من خلال المقامات والانتقال من مقام إلى آخر.
والعالمية من وجهة نظر محمد عدلي هي أن تسمع الأغنية في جل بقاع العالم
لكن الجانب الايجابي في العولمة هو هذا التلاقح الذي يجب أن نتعامل معه بشكل إيجابي، فحتى الغرب وظفوا مقاماتنا العربية والإيقاعات الخاصة بنا وتدرس في الجامعات الأوربية والأمريكية.
فأغنية «حبيتك في الصيف» للقديرة فيروز يراها الفنان محمد عدلي أنها  عالمية وكذلك أغنية «سلمى ياسلامة «وأغنية «ديدي» للشاب خالد الذي اختار موسيقى كانت معروفة في أمريكا في التسعينيات وأغنية «حبيبي يانور العين» لعمرو دياب  ولم تكن آنذاك مسألة عدد المشاهدات قائمة،  بل كانت الصناعة الموسيقية .
من تأثيرات العولمة ، يرى، هو انتقال عمر الأغنية من نصف ساعة إلى خمس دقائق وهنا تكمن الصعوبة، إذ على الفنان أن يبدع في أقل وقت من الزمن ، أما موضوع المحتوى ففي أي زمن هناك الجيد والسيء.
أما بخصوص معايير النجاح فمرتبط حسب الفنان عدلي بمحتوى وقيمة هذا العمل الفني من لحن وتوزيع وكلام والاجتهاد الحاصل، وكل من له فطرة سليمة سيميز بين الجيد والرديء، والنجاح هو حينما تخرج للشارع وتحظى بالاهتمام والاحترام، أو حينما تشارك في مهرجان ويتفاعل معك الجمهور، أما نسب المشاهدات ليست معيارا وهناك أعمال لا تتجاوز 300ألف مشاهدة حقيقية أنجح من أخرى استقطبت 30 مليون مشاهدة مزيفة، والكل يعرف التلاعبات الحاصلة في هذا المجال.عكس ما كان في الماضي، حيث كان بيع الأشرطة والأسطوانات العامل المحدد لنجاح عمل معين من عدمه، والفن لا يساوي ولا يقارن بلغة الأرقام.
فعلى الإعلام الرسمي خاصة  يقول أن يلعب دور الرقيب وهو ما ليس موجودا للأسف الآن، يجب أن تكون هناك لجان في قنواتنا وإذاعاتنا للانتقاء والفرز حتى لا يختلط الحابل بالنابل وتبقى الفوضى هي السائدة.
الفنانة سامية أحمد: الأغنية تعيش أزمة ولم يستطع أغلب الفنانين الحفاظ على تألقها وجمال بصمتها

الفنانة القديرة سامية أحمد  تقول في رأيي المتواضع بحكم عملي، فأنا أرى بأن كل من الأغنية العربية والمغربية عرفت تراجعا واضحا،إذ كانت الأعمال لا تصدر حتى تستوفي حقها اللازم في اللحن والتوزيع وكل شروط ومقومات النجاح وكانت تقيم من لجن مختصة تسعى على الحفاظ على قوة وجمالية الأغاني. لهذا فنحن دائما نتحدث عن زمن مضى للأغنية العربية والمغربية، وننعته بالزمن الجميل. أما في وقتنا الراهن ترى الفنانة سامية أحمد  فهناك محاولات فردية من بعض الفنانين في الارتقاء بالأغنية سواء بالعالم العربي أو بالمغرب، ولابد من نية جد قوية في محاولة إنقاذ الساحة الفنية، فالأصوات الجيدة متوفرة وما يلزم سوى البحث الجاد عن اللحن الجميل والكلمات المناسبة حتى يحظى المتلقي بفن راقي وجميل .
وتضيف أنه لا يمكننا أن نتحدث عن وصول الأغنية المغربية لمستوى العالمية، فهي لم تكن محظوظة في الانتشار، إذ لا يملك الفنانون المغاربة إمكانيات قوية في تسويق أعمالهم . لكن فيما يخص مقارنتها بالأغنية العربية، ففي الزمن الجميل والمشرق للفن المغربي كانت الأغنية المغربية لا تقل جمالية عن نظيرتها العربية من حيث جودة اللحن وجمالية الكلمات والتوزيع .
أما الآن تشدد الفنانة سامية أحمد على أن الأغنية المغربية في أزمة، إذ لم يستطع أغلب الفنانين المحافظة على ألق الأغنية المغربية وعلى جمال بصمتها، و هناك محاولات بسيطة من بعض الفنانين في الارتقاء بها لكن على المستوى العام فالضعف يطبعها .
ولا ترى سامية أحمد بأن مواقع التواصل خدمت الأغنية العربية أو المغربية بشكل خاص، إذ صار كل من هب ودب يلحن أغاني بسرعة فائقة أو يقوم بإعادة توزيع بعض الأغاني بشكل سيء ويساهم في نشر الابتذال والفن الرديء .لكنني أرى  تقول إن لهذه المواقع حسنة واحدة وهي التعريف ببعض الفنانين الذين يملكون مؤهلات جيدة فيتعرف عليهم المتلقي ويستمتع بأعمالهم .
أما بالنسبة لنسب المشاهدة على اليوتيوب، فهي كما تقول، لا تقيم نجاح الأعمال الغنائية فالعكس هو الصحيح في أغلب الأحيان، فعندما نجد مثلا نسبة مشاهدة أغاني فيروز أو أم كلثوم أقل بكثير من أغاني غيرهم من فناني هذا الجيل يظهر لنا أن هذه النسبة خادعة، ولا تظهر حقيقة نجاح الأعمال الفنية، فمقومات النجاح هو توفر الكلمات الجميلة أي شعر جميل لأن الشعر هو العمود الفقري للأغنية يأتي بعده اللحن الجيد والتوزيع المضبوط الذي يحترم عدة شروط مدروسة بالموسيقى والشرط الأخير هو عذوبة الصوت الذي سينسق بين كل تلك الشروط المسبقة وينقلها بشكل جميل للمتلقي تقول الفنانة القديرة سامية أحمد.


الكاتب : جلال كندالي 

  

بتاريخ : 29/01/2018